الرباط - يبدأ المبعوث الجديد للأمم المتحدة للصحراء المغربية هورست كولر الاثنين في الرباط أول جولة له للمنطقة في وساطة سعيا لاحياء مفاوضات بين المغرب وجبهة بوليساريو الانفصالية والخروج من الطريق المسدود في هذا النزاع القديم. وسيجري الرئيس الألماني السابق الذي عينه في اغسطس/اب الأمين العام الجديد للأمم المتحدة انتونيو غوتيريش، محادثات مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وفق مصدر في الوزارة. ولم تتقرر على ما يبدو أي زيارة إلى منطقة العيون، أبرز مدن الصحراء المغربية. وستقوده جولته أيضا إلى الجزائر وموريتانيا قبل أن يقدم تقريرا إلى مجلس الأمن في نيويورك. وتقول جبهة البوليساريو، إن كولر سيزور مخيمات تندوف في أقصى جنوب غرب الجزائر والتي تضم آلاف المحتجزين الصحراويين الذين منعت الجبهة الانفصالية عودتهم إلى مناطقهم. وتقول مصادر إن 100 إلى 200 الف لاجئ يعيشون في مخيمات تندوف في ظروف انسانية قاسية تحت سلطة البوليساريو المدعومة من الجزائر، حيث ينقسم هؤلاء إلى فئتين، فئة تتمتع بامتيازات اجتماعية ومعاملة جيدة بفعل ولائها وتقديمها فروض الطاعة للجبهة الانفصالية وفئة مهمشة تعاني الفقر والخصاصة وتتعرض للتعذيب وهي الفئة التي تشكل غالبية الصحراويين المؤيدين للعيش تحت السيادة المغربية والرافضين لسلطة البوليساريو. ويلتقي كولر خلال زيارته الأربعاء والخميس سكان هذه المخيمات ويجري محادثات مغلقة مع مسؤولين في الجبهة الانفصالية. وتتاجر الجبهة بمعاناة هؤلاء وتحاول استثمارها سياسيا لاستقطاب التعاطف الدولي معها بينما تشدد تقارير دولية ومحلية على أن المتسبب في معاناة الصحراويين بمخيمات تندوف هي البوليساريو. احياء الاتصالات وأكدت صحيفة أخبار اليوم المغربية نقلا عن مصدر دبلوماسي مغربي، أن هذه الزيارة البروتوكولية تهدف أساسا إلى "فتح خط تواصل". وذكرت صحيفة لو ماتان المغربية الصادرة باللغة الفرنسية أن المغرب يحتفل هذا الاثنين بالذكرى الثانية والأربعين لإعلان العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني عن "المسيرة الخضراء" في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1975 التي "أسفرت عن تحرير ولايات الجنوب". ومنذ ذلك الحين، يبسط المغرب سيادته على قسم كبير من المستعمرة الاسبانية السابقة التي تغطي منطقة صحراوية شاسعة تبلغ مساحتها 266 ألف كلم مربع. وتطالب البوليساريو المدعومة من الجزائر والتي أعلنت قيام كيانا غير شرعي أسمته بالجمهورية العربية الديموقراطية، باستفتاء لتقرير المصير. واقترحت الرباط منذ 2007، منح الصحراء المغربية حكما ذاتيا تحت سيادتها من أجل التوصل إلى حل للأزمة، وهو مقترح لاقى ترحيبا دوليا واسعا إلا أن جبهة البوليساريو رفضته. وبعد سنوات من الجمود، أكد الأمين العام الجديد للأمم المتحدة في أبريل/نيسان أنه يريد اطلاق "ديناميكية جديدة" حول هذا النزاع الذي يوتر العلاقات بين الجزائر والرباط ويعرقل التعاون بين دول المغرب العربي. وفي هذه الأثناء، اتخذ مجلس الأمن قرارا يدعم فيه استئناف المفاوضات ويمدد حتى نهاية ابريل/نيسان 2018 مهمة قوات الأمم المتحدة (مينورسو) المكلفة خصوصا بالاشراف على وقف اطلاق النار الموقع في 1991. وخلف كولر بصفته مبعوثا أمميا للصحراء المغربية، كريستوفر روس الذي قدم استقالته في مايو/ايار بعد مهمة استمرت ثماني سنوات، اتسمت بالتوتر بين المغرب والأمم المتحدة على خلفية عدم التزام روس الحياد في معالجة الأزمة. واتهمت الرباط صراحة المبعوث الأممي السابق بـالانحياز وسحبت في 2012 ثقتها من الدبلوماسي الأميركي. وكان المغرب الذي تفاجأ بمشروع قرار أميركي ينص على توسيع مهمة قوة مينورسو للإشراف على حقوق الانسان، أعرب بعد ذلك عن غضبه في 2016 بعد زيارة قام بها الأمين العام للأمم المتحدة حينها بان كي مون إلى تندوف تحدث خلالها عن احتلال المغرب للصحراء، في تصريح أثار موجة غضب في المملكة المغربية. وردا على ذلك، طردت الرباط القسم الأكبر من عناصر قوة مينورسو قبل أن توافق على عودة قسم منهم. وتأتي مهمة المبعوث الجديد في اطار من التساؤلات حول دور الأمم المتحدة وأيضا الرهانات الأمنية المستمرة في الشريط الساحلي- الصحراوي الذي شهد هجمات شنها جهاديون. وتشدد الرباط التي قامت في الأشهر الأخيرة بنشاط دبلوماسي كثيف حول موضوع الاستقرار الاقليمي، على ضرورة تجنب أي شكل من أشكال البلقنة. وقد نوقش الملف خلال الزيارتين الأخيرتين اللتين قام بهما إلى العاصمة المغربية رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف ووزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لو دريان. وكرر لو دريان موقف باريس التي ترى أن اقتراح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب "أساس جيد للتفاوض". والفصل الأخير من التوترات بين المغرب والبوليساريو يعود إلى 2016 حول منطقة مختلف عليها على الحدود مع موريتانيا على محور استراتيجي يقود إلى افريقيا جنوب الصحراء. والصحراء المغربية الواقعة على الساحل الأطلسي، هي المنطقة الوحيدة في القارة الافريقية التي لم تتم تسوية وضعها بعد الاستعمار. وأقام المغرب في ثمانينات القرن الماضي جدارا دفاعيا يبلغ طولة 2700 كلم. ويقسم المستعمرة السابقة من الشمال إلى الجنوب. وأطلق العاهل المغربي الملك محمد السادس مشاريع تنموية ضخمة في المناطق الصحراوية المغربية. كما تجري السلطات المغربية عمليات تهيئة وتطوير للبنية التحتية بهدف تحسين أوضاع أبنائها من الصحراويين.
مشاركة :