أجمع المتحدثون في ملتقى التميز الحكومى وبناء قادة المستقبل، على أهمية الإدارة الحكومية الفعالة، التي تخدم تطلعات وآمال مواطنيها، وضرورة مواكبة جميع المتغيرات المتسارعة التي يشهدها عالمنا الحاضر، وتجسدها الثورة الصناعية الرابعة، من أجل ضمان تأقلمها وتفاعلها معها بشكل إيجابي. انطلق الملتقى تحت رعاية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله، مساء أمس الأول، ضمن المشروع الوطنى لإعداد القادة، بمشاركة نخبة من الأكاديميين على مستوى الكويت والخليج، في قاعة الدكتور عباس معرفي في جامعة الخليج في مشرف. وأكد الرئيس التنفيذى لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية الدكتور علي المري، ان نقل التجارب والخبرات الإدارية الناجحة بين الدول العربية، يساهم بشكل رئيسي ومباشر في تنمية كل الدول على حد سواء، وهذا بحد ذاته يؤدي الى تطور الدول وتقدمها، كما هو حاصل في دول الاتحاد الأوروبي. وأشار الى التحديات التي تواجه العمل الحكومي، نتيجة التطور التقني والتكنولوجي الذي يشهد العالم حاليا، والذي وصل الى مرحلة وصفها بـ«الخيال» كما هو حاصل في التطور الذي تشهده اجهزة الهواتف الذكية، لافتا إلى «ان تطلعات الشعوب ايضا تعتبر احدى اهم تلك التحديات، خصوصا وان تطلعاتهم دائما في ارتفاع بشكل اكبر». ورأى ان الثقة قي الحكومات على مستوى العالم، وفق المؤشرات العالمية، هي في انخفاض، نتيجة عوامل محلية وأقليمية، مشددا في الوقت نفسه على «ضرورة مواكبة الثورة الصناعية الرابعة، والتي تتطلب تغيير التكنولوجيا ومستقبل الحكومات ايضا». وتطرق الى ماوصفه بـ«المجتمع المسور» وهو العالم الذي افلست فيه الحكومة المركزية، حيث تقع السلطة السياسية بيد الأفراد ومؤسسات القطاع الخاص، مضيفا «تسود المجتمع المسؤولية والخيارات الفردية، بحيث اصبح القطاع الخاص مزودا رئيسا للخدمات المجتمعية». وأوضح المري ان «هيكلية دعم الحكومة الجيدة الصادر عن منتدى البنك الدولي عام 2014 يجب ان يحيطها اولا الثقة والقيادة الحكومية»، واضاف ان «التمثيل السياسىي والابتكار والبيروقراطية المتملكة ومكافحة الفساد وإدارة الأزمات وتقديم الخدمات هي الأضلع الرئيسية لذلك الهيكل». ومن جانبه، تطرق نائب المدير العام للشؤون العلمية في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الدكتور سالم الحجرف، الى الصفات القيادية التي يطمح اليها كل إنسان، وأشار ان القيادة هي قيم اخلاقية ومهنية تساعد في بناء الشخصية، من خلال ممارسة الحياة اليومية بالعمل الجاد والمخلص. وأوضح ان «القيادي الذي يسند اليه المنصب، بناء على توصية كما هو حاصل في الكويت والدول العربية، ستكون شخصيته مهزوزة لانه غير مؤهل لتولي هذا الدور». وأوضح ان «الصفاة القيادية تولد مع الانسان وتصقل من خلال الخبرات»، لافتا إلى ان «تركها بدون اهتمام او صقل فإنها سوف تتضاءل حتى تختفي لدى الإنسان». وبدوره، تطرق عضو هيئة التدريس بكلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت الدكتور صلاح العبدالجادر، الى اهمية مفهوم القيادة الاستباقية فى علم الإدارة الحديثة، والتي من خلالها يستطيع القائد التحول من التعامل مع أزمة فعلية، الى التنبؤ والمبادرة بالتحصين ووضع الحلول الاستراتيجية لمنع أزمة محتملة أو حتى احتوائها. وأشار إلى ان هذه القدرة تكون من خلال آليات عدة، منها رصد وتقييم وإبلاغ، التزام ومشاركة، استراتيجية تنفيذ الخطة في مجال الاتصال والتدريب ووضع هيكل إدارى ملائم، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة وأهمية التعامل مع الأزمات، مهما كان حجمها وتأثيرها بذكاء. ويرى العبدالجادر ان «مبررات الحاجة لتفعيل القيادة الاستباقية، تكمن في عدم وجود فهم والتزام جماعي على صعيد الإدارات العليا، والافتقار الى رقابة فاعلة تمارسها جهات الاختصاص، بالإضافة الى بطء اعتماد وتقدم إدارة المخاطر لمواجهة الأزمات في المنظمات». ومن جهته، اعتبر عضو الهيئة العلمية في المعهد العربي للتخطيط الدكتور فيصل المناور، ان وضع المؤسسات الكويتية خاصة، والعربية عامة، تعاني من ضعف واضح في فعالياتها، ما يصعب إيجاد الحلول المناسبة لها من خلال الأدوات التقليدية الحالية. وقال ان «رؤية الكويت التنموية مبنية على أمنيات وليست مقترنة برؤى واضحة ومبينة»، لافتا إلى ان «تميز الحكومات ليس بشكلها او منهجها وانما بالإدارة المتبعة». واشار إلى ان «التميز المؤسسي لايكون الا من خلال إدارة مالية تتمتع بالشفافية والمصداقية، واختيار وتعيين القيادات وفق مبدأ الكفاءة»، مضيفا أن «مداخل الإصلاح والتميز كثيرة جدا، ولكن المشكلة في التطبيق، وإلا لماذا يتم تقييم الموظف على إجازاته الدورية والمرضية، بدلا من الإنجاز أو عدد البحوث والدراسات التي قدمها؟».
مشاركة :