طرح أرامكو والعجز المالي يرسمان سياسة السعودية النفطيةقال محللون إن السياسة السعودية تبحث عن طريقها وسط مؤثرات متعددة أبرزها التقييم المنتظر لأسهم أرامكو قبل طرحها للاكتتاب، وطريقة التعامل مع عجز الموازنة الذي يؤثر على النشاط الاقتصادي في البلاد.العرب [نُشر في 2017/10/17، العدد: 10784، ص(11)]إعادة توجيه البوصلة مجددا الرياض - تستعد السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، لإجراء خفض إضافي في إنتاجها من الخام قبيل طرح أسهم شركة أرامكو العملاقة للاكتتاب في العام المقبل، أملا في أن يسهم ذلك في ارتفـاع تقييم الشركة. ويهدف خفض الإنتاج إلى رفع أسعار النفط بعدما خسرت الدول النفطية، وبينها السعودية، مليارات الدولارات جراء تراجع الأسعار منذ منتصف عام 2014 الأمر الذي تسبب بعجز كبير في ميزانية البلاد. وكان المنتجون الكبار خارج وداخل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ومن ضمنهم السعودية، قد توصلوا إلى اتفاق لخفض الإنتاج بمعدل 1.8 مليون برميل يوميا في نوفمبر الماضي. وقد تم تمديد الاتفاق في مايو الماضي حتى نهاية مارس 2018. وبعد التزام تام بمعدلات الخفض منذ ولادة الاتفاق، تقف السعودية على أعتاب إجراء خفض إضافي، في خطوة يرى محللون أنها مرتبطة بقرب طرح 5 بالمئة من أسهم أرامكو للاكتتاب، في أكبر طرح من نوعه. ويرى جان فرانسوا سيزنيك الخبير في مركز الطاقة العالمية في معهد أتلانتيك الأميركي أن ارتفاع أسعار النفط “قد يكون هامشيا، لكنه سيساهم في زيادة قيمة شركة أرامكو”. ويقول الخبير الكويتي في مجال النفط كامل الحرمي إن خطط السعودية النفطية تتركز حاليا على خدمة عملية طرح جزء من أسهم شركة أرامكو. ويوضح أن سياسة السعودية مرتبطة بشكل مباشر بنيتها خصخصة جزء من أرامكو، أكبر شركة في العالم، والتي تقدر قيمتها بحسب خبراء بما بين تريليون دولار وتريليوني دولار، ما يعني أن نسبة الـ5 بالمئة قد تدر عائدات بنحو 100 مليار دولار.كامل الحرمي: خطط الرياض النفطية تتركز على خدمة عملية طرح جزء من أسهم أرامكو وكانت الرياض أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستخفض إنتاجها النفطي بشكل أكبر من المعدل الحالي. وبدءا من نوفمبر المقبل، سيبلغ مستوى خفض الإنتاج 560 ألف برميل يوميا، وهو المعدل الأكبر منذ التوصل الى الاتفاق بين الدول المصدرة. وتنتج السعودية في الوقت الحالي حوالي عشرة ملايين برميل في اليوم، ما يجعلها في صدارة المنتجين في العالم. وقال ابراهيم مهنا مساعد وزير النفط السعودي السابق علي النعيمي “لولا (اتفاق) خفض الإنتاج، لتراجعت أسعار النفط إلى أقل من 30 دولارا للبرميل”، علما أن معدل سعر برميل النفط حاليا يبلغ 55 دولارا، أي نحو نصف سعره قبل ثلاث سنوات. وأضاف في محاضرة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن أن أوبك وحلفاءها قدموا “نموذجا جديدا لإدارة الأسواق”. ومنذ تراجع الأسعار في 2014، شهدت الميزانية المالية السعودية عجزا كبيرا بلغ مجموعه على مدى السنوات الثلاث الماضية نحو 200 مليار دولار، ما دفع الحكومة إلى سحب نحو 245 مليار دولار من احتياطاتها، فضلا عن اللجوء للاستدانة. وتأثر الاقتصاد السعودي في الوقت ذاته بتقليص الإنفاق الحكومي لتجنب أزمة مالية وبناء التوازنات المالية على أسس مستدامة في مسعى للتأقلم مع عهد النفط الرخيص. كما فرضت الرياض مجموعة واسعة من الضرائب شملت عائلات العمال الأجانب والتبغ والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، بينما تستعد لبدء فرض الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5 بالمئة بداية يناير المقبل. وبعد ستة أشهر من بدء تطبيق اتفاق خفض الإنتاج مطلع هذا العام، ارتفعت الأسعار، ومعها الإيرادات، وقررت الدول الموقعة عليه أن تزيد مدته لتسعة أشهر إضافية حتى مارس المقبل. وتأمل السعودية التي لطالما دافعت عن مبدأ الحصص السوقية حيث تبلغ حصتها من مجموعة إنتاج دول أوبك 31 بالمئة، أن يتم تمديد الاتفاق لفترة أطول، مؤكدة استعدادها لخفض إنتاجها بشكل أكبر إذا احتاج الأمر إلى ذلك. ويعتقد الخبير الأميركي سيزنيك أن الدفاع عن مبدأ الحصص السوقية لم يعد عمليا، في ظل الوضع الراهن. ويعتبر المحللون أن تطمينات السعودية بأن صادراتها من النفط بدءا من نوفمبر ستكون بمعدل 7.2 مليون برميل من أصل عشرة ملايين برميل يتم إنتاجها يوميا، وهو معدل التصدير الأدنى منذ خمس سنوات، دليل على أن الرياض تبتعد نحو سياسة الحصص. ويقول الحرمي إن “هذه السياسة ماتت ودفنت.. نحن نشهد مرحلة جديدة تقوم على علاقة بين أوبك والدول النفطية خارجها، وتتمحور بشكل خاص حول تفاهم سعودي روسي”. ويرى خبراء أن هدف الرياض الحالي هو رفع سعر برميل النفط إلى مستوى 60 دولارا، وهو ما يمكن تحقيقه في ظل خفض الإنتاج الإضافي. وكانت أسعار النفط سجلت ارتفاعا ملحوظا خلال الأسابيع الماضية، حيث بلغت 58 دولارا، وهو أحد أعلى المعدلات منذ بداية 2017.
مشاركة :