اكتشاف عجز بقيمة 18 مليون دولار، في حسابات إحدى الشركات الدولية العاملة في مجال البترول بمصر، كان مقدمة لواحدة من أكبر قضايا الفساد، التي شهدتها مصر طيلة الأعوام الماضية، إذ تبين أن كلا من “محمد.م.أ” و”محمد.ف”، استوليا على مليار دولار من أموال الشركة على مدار عامين، وقاموا بتهريب هذه الأموال خارج البلاد. البداية كانت ببلاغ تلقاه النائب العام من إحدى شركات البترول الدولية، والتي يساهم فيها أحد البنوك، عن وجود عجز وتلاعب في حسابات الشركة واختلاس ما يقرب 18 مليون دولار في أثناء مراجعة حسابات السنوية للشركة، وبمراجعة فحص حسابات الشركة ومراجعة الدورة المستندات للوقوف على كيفية الاستيلاء على أموال الشركة، وتحديد المبالغ التي تم الاستيلاء عليها، انتهى الفحص إلى وجود اختلاس أموال تتجاوز 960 مليون دولار. تم تقديم بلاغ للنائب العام، الذى أمر بإحالته لنيابة الأموال العامة لمباشرة التحقيق، وطلب مقدمو البلاغ التحفظ على أموال المتهمين ومنعهم من السفر. وبإجراء نيابة الأموال العامة العليا التحقيق، أمرت باستدعاء المستشارين القانونيين والمحاسبين الماليين للشركة، الذين قدموا أدلة الاتهام والأوراق والمستندات، التي تؤكد اختلاس كل من “محمد.م.أ” و”محمد.ف”. وأمرت النيابة بتشكيل لجنة ثلاثية من البنك المركزي، وهيئة الرقابة المالية، لفحص أوراق الدعوى وفحص كافة المعاملات المالية للمتهمين فترة عملهما بالشركة للوقوف على أدلة الاتهامات، وأمرت بمنعهما من السفر والتحفظ على أموالهم ومنعهم من التصرف فيها. وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية، عن قيام المتهمين بالاستيلاء على أموال الشركة واختلاسها خلال الفترة من عام 2014 إلى 2016 عن طريق التزوير والتلاعب في حسابات الشركة، التي تعمل في مجال التنقيب ونقل المواد البترولية، حيث قام المتهمون بالتلاعب في أوراق وحسابات الشركة، من خلال حجم كميات الغاز والمواد البترولية التي يتم توريدها ونقلها، والتلاعب في أسعارها واختلاس قيمة الفارق بين الكميات التي يتم توريدها وفارق الأسعار، وتحويل المبالغ المالية التي تم اختلاسها لحسابات سرية وشركات وهمية أنشأها المتهمون خارج مصر وتحويل المبالغ المالية إليها. وكشفت التحريات، أن المتهمين حرصوا على فتح حسابات في دول أجنبية، غير موقع معها اتفاقيات تبادل المتهمين، حتى لا يتم مصادرة الأموال المهربة أو استعادتها، وفي إجراء احترازي، أيدت الدائرة 26 بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة أسامة شاهين، قرار النائب العام بمنع المتهمين، وزوجاتهم وأولادهم القصر، من التصرف في أموالهم الشخصية والتحفظ عليها مؤقتا -دون أرصدة الشركات التي يساهمون فيها- سواء كانت أمولا نقدية أو منقولة أو سائلة أو أسهم أو سندات أو صكوك مملوكة لهم بالبنوك، والشركات وغيرها وأموالهم العقارية الشخصية، وذلك بالبيع أو التنازل أو الرهن أو ترتيب أية حقوق شخصية أو عينية عليها، بجميع البنوك العاملة بجمهورية مصر العربية، على ذمة التحقيقات التي تجريها نيابة الأموال العامة العليا، في القضية رقم 433 لسنة 2016 التي يواجه فيها المتهمون جريمة اختلاس مليار دولار.
مشاركة :