استردت الحكومة المركزية العراقية السيطرة على أراضٍ في مختلف أنحاء شمال البلاد من الأكراد اليوم (الثلثاء)، موسعة نطاق حملة مفاجئة أعادت رسم خريطة شمال العراق وقلصت مكاسب الأكراد الذين أثاروا حفيظة بغداد في الشهر الماضي بإجراء استفتاء على الاستقلال. وفي اليوم الثاني من الحملة التي نفذتها الحكومة لاستعادة مدن وقرى من القوات التابعة لإقليم كردستان العراق، انسحبت قوات البيشمركة الكردية من منطقة خانقين المتنازع عليها القريبة من الحدود مع إيران. وسيطرت القوات الحكومية على آخر حقلين للنفط في محيط كركوك، المدينة التي يقطنها مليون نسمة والتي انسحبت منها قوات البيشمركة أمس مع تقدم القوات الحكومية. وسيطرت جماعة يزيدية موالية لبغداد على بلدة سنجار. ويحكم الأكراد ثلاثة أقاليم جبلية في شمال العراق في منطقة تحظى بالحكم الذاتي وسيطروا على المزيد من الأراضي في الشمال معظمها بعدما ساعدوا في صد متشددي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وأصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمرا لقواته أمس برفع العلم العراقي على جميع المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد خارج إقليم كردستان نفسه. وحققت القوات نصراً سريعاً في كركوك ووصلت إلى قلب المدينة خلال أقل من يوم. وساهم القتال في إحدى مناطق إنتاج النفط الرئيسة في العراق في عودة علاوة المخاطر إلى أسعار الخام. وبعد شهور من تداول النفط في نطاق محدود تجاوز سعر خام القياس العالمي برنت 58 دولاراً للبرميل. وقال مسؤولون في قطاع النفط ببغداد إن كل الحقول القريبة من كركوك تعمل بشكل طبيعي اليوم بعدما سيطرت الحكومة على آخرها. وكركوك مقر شركة نفط الشمال، وهي واحدة من شركتين عملاقتين للطاقة تمثلان كل إيرادات الحكومة تقريباً. وخلق تقدم القوات العراقية معضلة لواشنطن الحليف الوثيق لكل من بغداد والأكراد والتي سلحت الجانبين ودربتهما في إطار حملتها الناجحة لطرد مقاتلي «داعش» من العراق. وقال الرئيس دونالد ترامب للصحافيين في البيت الأبيض أمس: «لا نحب فكرة اشتباكهم. نحن لا نتحيز لأي جانب. كانت علاقاتنا جيدة للغاية على مدار أعوام مع الأكراد كما تعلمون وكنا أيضاً في جانب العراق». وحتى الآن يبدو أن معظم تقدم القوات يتم دون مقاومة إذ ينسحب الأكراد قبل وصول القوات الحكومية. ووردت تقارير في شأن اشتباك كبير واحد فقط في الساعات المبكرة من صباح أمس عند مشارف كركوك. وفي كركوك، إحدى أكثر مدن العراق تنوعاً، احتفل التركمان المعارضون للحكم الكردي أمس وجابوا الشوارع بمواكب سيارات وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء. وفر بعض السكان الأكراد من المدينة. وبحلول اليوم اختفى العلم الكردي ذو الألوان الخضراء والحمراء والبيضاء والذي تتوسطه شمس ذهبية من الشوارع. ونفذت قوات عراقية خاصة دربتها الولايات المتحدة وأفراد الشرطة المحلية دوريات في الشوارع لحفاظ النظام. وفتحت الأسواق والمتاجر والمدارس أبوابها بشكل طبيعي. وعادت بعض الأسر الكردية التي رحلت عن المدينة أمس لمنازلها. وقالت إن آلافا من المقاتلين الأكراد في قوافل مصطفة في طابور طويل تحاول التوجه من كركوك صوب أربيل عاصمة إقليم كردستان الأمر الذي أصاب الحركة على الطريق بالشلل وجعل من الصعب على المدنيين المغادرة.
مشاركة :