هل يتجه مسعود البارزاني إلى إعلان استقلال إقليم كردستان بقلم: حامد الكيلاني

  • 10/18/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

هل تدفع إيران وحشودها الفوضوية رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني إلى خطوة جريئة في إعلان الاستقلال، كرد فعل لما حصل في كركوك يصدم به السلطة في بغداد.العرب حامد الكيلاني [نُشر في 2017/10/18، العدد: 10785، ص(8)] قضية الشعب الكردي في العراق عبر تاريخها الشاق كما تعايشنا معها وصلت في فصولها إلى موسم القطاف من قبل أصحاب الحقل، وربما من الحالات النادرة التي لا نرى فيها الواقع الكردي يصطف مع إيران وتحديدا كخصم ضد حكومة دولته العراقية. الحقائق صقلت التجارب والأمثلة القريبة في علاقة القيادات الكردية مع إيران متعددة إلا أنها امتازت بعدم الثبات، رغم أن الأكراد لدغوا من إيران وكان يفترض بهم قراءة تلك العلاقة بخبرة تجنبهم السقوط في ذات الحفرة بمجرد اختلاف وجهات النظم الحاكمة في إيران أو حجم وعودها لهم مع رغبة الأكراد لتحقيق مصالحهم وبعض أهدافهم. سلوك القبول بالأمر الواقع شائع لدى معظم الحركات الثورية لأنها منذ البدء تنحت في الصخر من أجل قضيتها، فبعد تضحياتها بالدم تتوغل في خسائرها لتهون في حساباتها الأخطاء البسيطة وحتى الفادحة. فقراءتها المسبقة تنطلق من سياسة حرق أو عبور المراحل مع تطمينات ذاتية أن لا مثالية في أي عمل نضالي بسقف طموحات عالية. في سنة 1974 وبعد تدهور اتفاقية الحكم الذاتي تطورت الأزمة بين حكومة المركز والإقليم بما دفع القيادة العراقية إلى اتخاذ قرار بالسماح لكل الأكراد في بغداد والمحافظات من الراغبين للالتحاق بالتمرد المسلح المتوقع ومن بينهم أكراد بمسؤوليات ووظائف عامة في الدولة كبادرة لعدم التصعيد وحسن النيات، ولفرز المواطنين الأكراد البسطاء المتعايشين مع إخوانهم وأهلهم من مواطني العراق. وكان لنا أصدقاء أكراد يعملون معنا تفاجأنا بتوديعهم لنا ليلتحقوا بالعصيان المسلح في أربيل والسليمانية ودهوك، وبعد أشهر عاد أحدهم ليروي لنا تفاصيل من مشاهداته العيانية لجرائم ارتكبتها زمر وفصائل مقاتلة مدعومة من شاه إيران أجبرت الصديق المذكور وغيره على الفرار والعودة إلى بغداد حفاظا على كرامتهم الإنسانية وتعبيرا عن تآخيهم مع إخوانهم عرب العراق. تلك الخروقات حاضرة في الذاكرة، لكنها في ازدحام مآسي الحاضر لم تعد وحدة قياس ملائمة للمقارنة أو لعرض تفاصيلها المثيرة. درس يوضح لنا أن إيران في زمن الشاه ونكاية بالعراق كانت تحتضن القيادات الكردية وتمولها بالمال والسلاح لخلق الفتن وإثارة المشاكل للشعب العراقي، إلى أن تم توقيع اتفاقية الجزائر في مارس 1975 بين العراق وإيران، ومن نتائجها نهاية الصراع مع الأكراد وتسليم الأسلحة الخاصة بهم إلى الجيش العراقي، وهي ذات الاتفاقية التي أوقدت نار حرب الثماني سنوات مع إيران في سبتمير 1980 بعد انهيار نظام الشاه وهبوط الخميني على كرسي السلطة. مواقف القيادات الكردية كانت تميل في كفتها إلى النظام الإيراني ضد العراق في سنوات الحرب. بدأت بعلاقة غير مستقرة جرت خلالها حوارات معمقة بين الأحزاب الكردية وحكومة المركز، وكانت معظم طلبات الأكراد مستجابة رغم أنها تنتقص من مواطنتهم في ظروف دولة تخوض حربا طاحنة مع عدوها. مع ذلك وافقت القيادة العراقية حينها على طلب أداء الخدمة العسكرية للأكراد ضمن حدودهم المتاخمة لإيران؛ لكن حقيقة الواقع أكدت ازدواجية معايير الولاءات عند بعض الأفراد، مما أدى إلى تسريحهم من الخدمة ولمدة استغرقت السنة ثم أعيدوا إلى قطعات الجيش في محاولة إنعاش روح المواطنة المشتركة وتقاسم أعباء تضحيات الحرب. انتهاز أرباع وأنصاف الفرص وأجزائها تعتبر، عند بعضهم، غنيمة كبيرة تستحق التضحية حتى مع خيانة الاعتبارات والمبادئ الشخصية لتحقيق بشارات حلم عند اكتماله تضمحل في نشوته الأخطاء التي ترتقي إلى الإخفاقات الإستراتيجية. وهذا ما وقعت فيه الشخصيات الكردية وأحزابها المعروفة عندما ارتضت أن تبيع ضمائرها وتجازف بشعبها حين ساهمت في فتح الحدود للقوات الإيرانية بعمل شائن لإحداث خرق عسكري مؤثر تماما في حالة إنجازه لمهماته، ومنها إغراق مساحات واسعة من خلال تفجير أكبر السدود المائية وتهديد العاصمة بغداد. معالجة ذلك الخرق كلفت العراق غاليا أثناءها وبعدها ومازالت آثاره السياسية والدولية والتسليحية. مدينة حلبجة أحد ضحاياه بما فيه من أسرار محدودة التداول حتى الآن، ونتوقع أن تسفر عنها الأيام لتناقضاتها نتيجة لتداعيات مصائر الحركات والأحزاب السياسية خدمة للحقيقة وتفسيرا لذلك التعاون بين إيران وعملائها من الأحزاب الطائفية التي استولت على العراق بعد الاحتلال الأميركي وبين إيران والأحزاب الكردية التي عملت طيلة سنوات على إسقاط النظام السياسي في بغداد ظنا منها أن إيران وتوجهاتها وبما قدمته القيادات الكردية من خدمات لهم وللاحتلال سيكون مبررا للوصول إلى كيان إقليم بمواصفات دولة جاهزة بكل مقوماتها للاستقلال كحق مقابل. زواج المصلحة لم يدم، وكشرت إيران عن مشروعها الطائفي في إدارة الدولة التي تعرت بسياسة التهميش والثأر وممارسة الإرهاب والإبادات التي وصلت إلى حدود المكاشفة بالتعامل حتى مع الأكراد وفق منهج طائفي أيضا يسهل لهم الصراع بوسائلهم في نزع الهوية القومية للأكراد لخوض صراع مذهبي كما فعلوا مع المدن المنكوبة في العراق. اختار مسعود الاستفتاء بعد عامين من الهرولة خلف مفاوضات مع حزب الدعوة والتحالف الطائفي لكن دون جدوى، وفي حومة المزايدات على ضريبة الدم في الحرب على إرهاب داعش وتمرير قانون الميليشيات في البرلمان حصل الاستفتاء الذي صعدت على ظهره الميليشيات الإيرانية لصناعة حريق هائل له نقاط تماس بمستقبل السياسة الأميركية تجاه الإرهاب الإيراني. قاسم سليماني قائد فيلق القدس نجح في استمالة بعض فصائل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني إلى جانب حكومة حزب الدعوة، ومعه المدعو إقبال بور أحد قادة الحرس الثوري للإشراف على دور الحشد الميليشياوي في كركوك، وما يمكن أن تنسحب إليه المواجهات بين الأطراف المتنازعة. هل تدفع إيران وحشودها الفوضوية رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني إلى خطوة جريئة في إعلان الاستقلال، كرد فعل لما حصل في كركوك يصدم به السلطة في بغداد ويباغت الدول الإقليمية وإجراءاتها السياسية والاقتصادية والأمنية، موجها إلى الولايات المتحدة الأميركية والرئيس دونالد ترامب رسالة وقاية وتحذيرا من مستقبل المشروع الإيراني والحرس الثوري في العراق وتمدده دون ردع إلى المدن الكردية. الرغبة عند الحشد وقادته جاهزة في استكمال تدمير المدن العراقية بحجة الإبقاء على قوة الدولة العميقة في بغداد صعودا إلى البصرة؛ على حد وصف نوري المالكي زعيم حزب الدعوة. هل نحن بصدد حرب مذهبية ضد إقليم كردستان؟ موجة نزوح جديدة من كركوك بلغت نسبتها 60 بالمئة باتجاه المخيمات في الإقليم. ما هي ردة الفعل القادمة لقوات البيشمركة؟ ماذا عن تصريح السفير الأميركي السابق زلماي خليل زاده بشأن حاجة الإقليم إلى المساعدة لإيقاف تحركات الحرس الثوري؟ ما هو موقف الإستراتيجية الأميركية من تصنيف قاسم سليماني كمطلوب بتهمة الإرهاب؟ هل نحن في فترة تجارب إرهابية تستعرض فيها إيران دور حرسها الثوري لمدة شهرين وهي فترة إقرار الإستراتيجية الأميركية في الكونغرس؟ حاجز الخوف والحذر عند البارزاني صار خلف ظهره وكذلك تجارب كردستان مع النظام الإيراني. مسعود يتصرف الآن كقائد تاريخي للأكراد وإن الاستفتاء الذي قاده كان في توقيته الدولي المناسب وإن القفز إلى الاستقلال فرصة كاملة لن تتكرر، حتى وإن لم تتحقق لأن جميع المعايير بعدها لن تكون أقل من الاستفتاء. كاتب عراقيحامد الكيلاني

مشاركة :