ليس ذنبهم !!

  • 8/30/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

نشكو من عدم احترام قيمة العمل، وأننا نتقاعس في إنجاز المهام المطلوب منا إنجازها، ونتهاون في إتقان أدائها، ونجتهد لنتملص من إنجاز ما نستطيع التملص منه. نشكو من عدم احترام قيمة الوقت، وأننا لا نحترم المواعيد وكثيرا ما يتكرر منا التأخر عن التقيد بالموعد المضروب نشكو من عدم احترام قيمة المحافظة على البيئة، وأننا لانكترث بنظافة الأماكن العامة ولا نحرص على عدم تلويث الهواء والأرض بالنفايات الكثيرة، وبتكسير أو تشويه الممتلكات العامة في الحدائق والملاعب والمدارس والمستشفيات وغيرها. نشكو من عدم احترام قيم السير فوق الطريق، وأننا في سياقتنا للسيارة نمارس أردأ الأساليب الخالية من كل أدب واحترام لحق الطريق. نشكو من عدم احترام قيم النظام والانضباط، وأنه يندر بيننا الوقوف في الطابور بسلام في انتظار وصول الدور للخدمة، حيث يسيطر على الأغلبية حب السبق لمن قبلهم للحصول على ما يريدون. جميع هذه العيوب وغيرها التي نعترف بها ونخجل منها ونتذمر من أذاها، ماذا فعلنا لنواجهها؟ كل ما فعلناه هو الارتكاز على لوم الآخر، لوم الناس الذين لا يحترمون القيم السلوكية، واللوم للمؤسسات المجتمعية التي لا تؤدي واجبها في التوعية والنصح والإرشاد. لكن الهرب إلى اللوم لا يجدي شيئا، بدليل أننا إلى يومنا هذا ما زلنا نعاني من تلك المشكلات وما زلنا نتأذى منها ونئن تحت ثقل حملها، رغم أننا لم نكف يوما عن لوم الناس على سوء سلوكهم ولم نتوقف عن النصح والإرشاد لهم!! ما يزيدنا حسرة أننا من حين لآخر نقارن سلوكنا بسلوك الآخرين في الدول المتقدمة، التي لا تعاني مما نعانيه من مشكلات سوء السلوك التي نعانيها، فنتساءل متحسرين لم هم يقدرون ونحن لا نقدر؟ نحن نعرف أن أولئك الذين أعجبنا انضباطهم، بشر مثلنا، فيهم كل ما فينا من النقائص الفطرية كالأنانية وحب الراحة وغير ذلك من الغرائز المشتركة بين البشر، وحين يتغلبون على تلك الغرائز البهيمية ويتمكنون من هزيمتها لينعموا بعيش أفضل، فإن ذلك لا يعني أنهم نجحوا في ضبط أنفسهم لميزة فطرية خاصة بهم لا نملك مثلها، هم نجحوا في ضبط سلوكهم لأنهم لم يعتمدوا على لوم بعضهم البعض، ولا على التوعية والنصح والإرشاد، وإنما اعتمدوا على قوانين فرضوها تنظم السلوك قهريا، وفرضوا معها نظام مراقبة يضطر الناس إلى التقيد بها فلا يدع لهم فرصة للتهاون في ذلك. ثم مع مرور الزمن، تغلغلت الأنظمة المفروضة إلى داخل النفوس فصارت عادات ثابتة يصعب التخلي عنها أو فعل غيرها. مشكلتنا الكبرى هي أننا نريد من الناس أن يعدلوا سلوكهم بمجرد النصيحة والوعظ دون أن يكون أمامهم نظام يجبرهم على التقيد بالسلوك المطلوب، أو في أفضل الحالات، نضع النظام ثم نهمل متابعة التقيد به، فنصير كأننا لم نضع شيئا.

مشاركة :