المصالح التجارية تدفع بروكسل للالتزام بالاتفاق النووي مع إيران

  • 10/19/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بروكسل - من المنتظر أن يؤكد قادة الاتحاد الأوروبي الخميس من جديد التزامهم بالاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين إيران والقوى العالمية بغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة التي يتزايد انتقادها له ستنسحب منه أم لا. وتسعى الدول الأوروبية التي تدفقت كبرى شركاتها على السوق الإيرانية بعد قرار رفع العقوبات في يناير/كانون الثاني 2016، إلى الحفاظ على مصالحها التجارية لأن الانسحاب من الاتفاق النووي يعني عودة واشنطن للعمل بنظام العقوبات، ما يعني أيضا تضرر الشركات الأوروبية التي عقدت صفقات ضخمة مع طهران. إلا أن مسؤولا كبيرا في الاتحاد الأوروبي قال إن الاتحاد الذي يرفض عزل نفسه بالكامل عن واشنطن، سيبحث أيضا فيما إذا كان يتعين عليه أن يصعد انتقاداته مستقبلا لبرنامج إيران الصاروخي ودور طهران فيما يرى الغرب أنه إثارة القلاقل في الشرق الأوسط. وكان الرئيس دونالد ترامب أعلن الأسبوع الماضي نهجا جديدا متشددا تجاه إيران برفضه أن يشهد بالتزامها بالاتفاق النووي الذي شاركت فيه الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية من بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا بعد مساع دبلوماسية استمرت أكثر من عشر سنوات. وأوضح مشروع بيان أن قادة الاتحاد الأوروبي "سيعيدون التأكيد على الالتزام الكامل بالاتفاق النووي" بعد المحادثات التي يجرونها في بروكسل الخميس. وقد أمهل ترامب الكونغرس 60 يوما للبت فيما إذا كان سيعيد فرض عقوبات اقتصادية على إيران بعد رفعها بمقتضى الاتفاق مقابل تقييد البرنامج النووي الذي يخشى الغرب أن يستهدف صنع قنبلة نووية وهو ما تنفيه طهران. وقال علي خامنئي أعلى مرجعية في إيران الأربعاء إنه إذا انسحب ترامب من الاتفاق فإن إيران "ستمزقه". ويعتبر الاتحاد الأوروبي الاتفاق إنجازا كبيرا على الصعيد الدولي في السنوات الأخيرة ويخشى أن يضر التخلي عنه بمصداقيته وبالمساعي الدبلوماسية الرامية لنزع فتيل أزمة كوريا الشمالية. كما يخشى ايضا تضرر مصالحه التجارية مع إيران. وقال مسؤول بالتكتل الأوروبي "سندافع عن الاتفاق النووي ونؤيده وننفذه، لكننا لا نريد أيضا أن نقف موقفا معارضا بالكامل للولايات المتحدة". خسائر ضخمة تنتظر أوروبا ستتكبد الدول الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران خسائر كبيرة في حال الغائه، لأسباب تتعدى الصعيدين السياسي والأمني. ومن شأن القرار الذي اتخذه ترامب برفضه الاقرار بالتزام إيران الاتفاق النووي، فتح المجال أمام عقوبات مستقبلية، ما قد يترك تداعيات كبيرة على دول وشركات أعادت التعاون مع طهران منذ توقيع الاتفاق عام 2015. ويهدف الاتفاق إلى منع إيران من تطوير أسلحة نووية، ما أدى إلى كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية. ومنذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2016 انفتحت إيران التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة على الأسواق الأوروبية والروسية والصينية. وفي مقابل تريث عدد من المستثمرين، اندفعت شركات أخرى للاستثمار في إيران حيث انجزت صفقات كبرى كتلك التي وقعتها شركة "ايرباص" الأوروبية مع طهران لشراء 100 من طائراتها. وكانت ألمانيا قبل فرض العقوبات على طهران، أكبر شريك تجاري لإيران. وبعد رفع العقوبات زادت الصادرات الألمانية إلى طهران بنحو 26 بالمئة في 2016، ويقول اتحاد الصناعات الألمانية إن هذه النسبة تسجل ارتفاعا مستمرا. وعادت شركة سيمنز للعمل في ايران في مارس/اذار 2016، بتوقيع اتفاقية مع مجموعة مابنا الايرانية لتوربينات الغاز والمولدات للمحطات الكهربائية. كما وقعت شركة ديملر اعلان نوايا مع مجموعتين ايرانيتين في يناير/كانون الثاني 2016، من أجل انتاج وتسويق شاحنات مرسيدس بنز. وحذر الاتحاد من أن "الشركات التي استأنفت العلاقات التجارية مع ايران وتنشط في الولايات المتحدة سيتزعزع استقرارها بشكل كبير مع اعادة تفعيل العقوبات". وبالنسبة لفرنسا فإن التعاون التجاري الذي انهار جراء العقوبات المفروضة على ايران انتعش بقوة مسجلا زيادة نسبتها 235 بالمئة عام 2016. ويعود الفضل في غالبيتها إلى الصادرات النفطية. وصانع السيارات الفرنسي بيجو-سيتروان (بي اس آ) الذي اضطر إلى مغادرة إيران عام 2012، عاد في 2016 مع توقيع عقود انتاج بقيمة 700 مليون يورو. وكانت شركة رينو التي استمرت بالعمل في ايران حيث تنتج 200 الف سيارة سنويا قد وقعت اتفاقية شراكة من أجل زيادة الانتاج إلى 300 ألف سيارة سنويا. أما المجموعة النفطية توتال فكانت أول شركة نفط غربية تعود إلى ايران منذ أكثر من عقد. ووقعت المجموعة الفرنسية على رأس كونسورسيوم دولي مع المجموعة الصينية "سي ان بي سي" مطلع يوليو/تموز اتفاقا غازيا بقيمة 4.8 مليارات دولار مع طهران لتطوير المرحلة 11 من حقل غاز بارس الجنوبي في مياه الخليج. وشهد التعاون التجاري بين ايطاليا وإيران وانهار بسبب العقوبات، انتعاشا كبيرا عام 2016 ما جعل من روما أكبر شريك تجاري لإيران في الاتحاد الأوروبي. ووقعت روما مع طهران في 2016 عددا من الاتفاقيات ولا سيما في مجال السياحة والطاقة المتجددة وسكك الحديد، فيما تقيم موسكو منذ زمن علاقات وثيقة مع ايران على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وفي المجال النووي، بدأت ايران بناء مفاعل نووي ثان بمساعدة روسيا. ولدى ايران مفاعل بوشهر النووي الذي بنته روسيا وهي تسعى لبناء المزيد. وفي مارس/اذار الماضي وقعت شركة تابعة لمجموعة آر زد دي الروسية عقدا بقيمة 1.2 مليار يورو مع ايران من أجل تزويد خط سكك الحديد بالتيار الكهربائي. وفي يونيو/حزيران 2016 وقع عملاق النفط الروسي غازبروم اتفاقية شراكة مع الشركة الوطنية الايرانية للنفط "ملى نفت ايران من أجل تطوير في حقل فرزاد النفطي الايراني. أما الصين فلدى البلد المستورد للنفط والغاز مصالح اقتصادية كبيرة في إيران سادس أكبر منتج للنفط في العالم. وفي يناير/كانون الثاني 2016 وخلال زيارة للرئيس الصيني شي جينبينغ إلى طهران وقع البلدان مذكرة تفاهم حول الاستخدام السلمي للطاقة النووية. وفي فبراير/شباط بدأ العمال الصينيون بأعمال تزويد خط سكك حديد القطار الفائق السرعة بين طهران ومشهد بالتيار الكهربائي. وفي أكتوبر/تشرين الأول أعلن آرش كردي المدير التنفيذي لمجموعة توانير الايرانية التعاون مع الصين لتجديد البنية التحتية الكهربائية في ايران.

مشاركة :