لا تشكو السينما الجزائرية حالياً من ندرة الأفلام التاريخية، التي تروي تاريخ البلاد وأبطال ثورتها التحريرية (1954-1962)، غير أنها تشكو من غياب اللمسة الفنية، وفق مختصين. وشهدت الساحة السينمائية خلال السنوات الأخيرة توجها نحو تلك النوعية من الأفلام، لكن مختصين يرون أنّها لم تحقق الجدوى المطلوبة لأسباب فنية، إلى جانب قلة دور العرض لاستيعابها. ودأبت وزارتا الثقافة والمجاهدين في الجزائر، خلال السنوات الأخيرة، على إنتاج العديد من الأعمال التاريخية حول أبطال ناضلوا لتحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي (1830/1962) أو لتوثيق ما عايشه الجزائريون إبان الثورة التحريرية في خمسينات القرن الماضي. أفلام المناسبات والتظاهرات منذ 2007 حيث كانت الجزائر عاصمة للثقافة العربية، مرورا بالمهرجان الإفريقي الثقافي في 2009 وتلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية في 2011 وقسنطينة عاصمة للثقافة العربية في 2015، إلى جانب الاحتفال بخمسينية الاستقلال 5 يوليو 2012، سجلت الجزائر إنتاج قرابة 20 فيلما تاريخيا. ووقع مخرجون جزائريون في هذه الفترات أفلاما ثورية عدة، منها «زبانة» للسعيد ولد خليفة (2012)، وأفلام المخرج أحمد راشدي حول شهداء الثورة، وهم «كريم بلقاسم» (2015) و«مصطفى بن بولعيد» (2008) والعقيد لطفي (2016)، في الوقت الذي يستعد فيه لعرض فيلم تاريخي تحت عنوان «أسوار القلعة السبعة». وفي «2014» عرض إلياس سالم فيلمه «الوهراني» الذي يتناول قصة صديقين في الثورة الجزائرية، ولكن علاقتهما تصدعت بعد الاستقلال سنة 1962. قصة إنسانية كشف المخرج العالمي لخضر حمينة في السنة ذاتها عن «غروب الظلال»، وهو فيلم يروي خلفية الحرب الجزائرية، عبر قصة رقيب فرنسي يؤمن أن الجزائر تنتمي إلى فرنسا، فيتمرد جندي مواجهًا إياه عندما يطلب منه إعدام جزائري يطالب بالحرية. وطرح لطفي بوشوشي فيلمه «البئر» في 2016، ليعالج عبر أحداثه قصة إنسانية، تبرز مشاركة الشعب الجزائري في الثورة التحريرية (1954-1962). وفي 2017 عادت الشخصية التاريخية والدينية «عبدالحميد بن باديس» في فيلم سينمائي أخرجه السوري باسل الخطيب، حيث يتناول العمل دور رائد النهضة والإصلاح في مقاومة الاستعمار الفرنسي. كما جسدت زوجة آخر بايات الجزائر في العهد العثماني أحمد باي في فيلم تاريخي لبوعلام عيساوي بعنوان «الحناشية»، قدم عرضه الشرفي في 16 سبتمبر المنصرم. أفلام تاريخية نزل فيلم «أوغسطينوس ابن دموعها» (إنتاج جزائري-تونسي) لمخرجه سمير سيف إلى صالات العرض الجزائر في 28 سبتمبر الماضي. ويحكي حياة القديس الفيلسوف سانت أوغسطينوس (354-448) الذي ولد في «طاغاست» (شرق الجزائر) ويرتقب أن ينزل إلى قاعات السينما فيلم حول البطل الثوري «العربي بن مهيدي» للمخرج بشير درايس في الأيام القليلة القادمة. حققت عدة أفلام تاريخية في سنوات الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي داخل وخارج البلاد، نجاحاً لافتاً. ومن أشهرها «معركة الجزائر» (1966) لمخرجه الإيطالي جيو بونتيكور، «وقائع سنوات الجمر» (1974) للخضر حمينة الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان سنة 1975، وكذلك «الأفيون والعصا» ( 1969) لأحمد راشدي. غير أن المختصين يقللون من نجاح الأفلام التاريخية المنتجة في العشرية الماضية على المستوى التجاري وجدواها التاريخية لارتباطها بالمناسبات الوطنية ولأسباب تتعلق بغياب قاعات السينما وهاجس التوزيع. وفق إحصائيات وزارة الثقافة أنتجت الجزائر في الـ60 سنة الماضية زهاء 70 فيلما روائيا طويلا منوعاً بين التاريخي والاجتماعي والدرامي 15 فيلماً وثائقياً وطويلاً وقصيراً أنتجت في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية
مشاركة :