الاندماج المصرفي يتحوّل من خيار إلى ضرورة.. خليجياً

  • 10/20/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

إيمان عطية | عندما أعلن أكبر مصرفين في أبوظبي عن «اندماج النظيرين» بقيمة 29 مليار دولار العام الماضي، فاقت أهمية آثار هذا الاندماج مصير المصرفين الذي حمل اندماجهما اسما متفائلا، وهو بنك أبو ظبي الأول. وكان السؤال الأكبر هو: ما اذا كان دمج بنك أبوظبي الوطني وبنك الخليج الأول سيشعل موجة من الاندماجات في منطقة الخليج التي فيها 100 بنك؟ وتنقسم الآراء حول ما اذا كان بنك أبوظبي الأول سيشكل حافزا لعمليات اندماج اقليمية أخرى أم سيكون مجرد أمل كاذب كما حصل مع اندماج بنك الامارات وبنك دبي الوطني في 2007؟ يقول أحد مصرفيي الاستثمار في دبي، الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه لـ«فايننشال تايمز»: رأي الناس أن بنك الامارات دبي الوطني سيكون الدافع وراء واحدة من أكبر عمليات الاندماج المصرفي في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. لقد كان ذلك خطأ كبيرا». في الواقع، استغرق الأمر عشر سنوات قبل الاندماج الكبير التالي، على الرغم من أن المصرفيين والمحللين كانوا يرون أن الاندماج سيكون مفيدا من الناحية المالية لمصارف الخليج. ويقول مصرفي ثان في دبي لـ «فايننشال تايمز» ايضا: «في المنطقة بنوك تفوق طاقتها، فعدد السكان قليل، وقدرة البنوك على النمو مقيدة بأحجام صغيرة». إذ يوجد في الامارات 46 مصرفا تجاريا ومكاتب لتسعة مصارف أخرى، وفقا لبيانات البنك المركزي. ولا تشمل هذه الأرقام بنوك الأفشور الاستثمارية الموجودة في مركز دبي المالي العالمي. ويشير شبير مالك المحلل المالي، وماريا ايلينا بونسيكا المحللة في الرمز كابيتال الى أن الامارات العربية المتحدة جاهزة لعمليات الاندماج. وكما تقول بونسيكا «مع وجود أقل من 11 مليون نسمة، تعتبر الامارات متخمة بالبنوك الى حد كبير». ويشير مالك الى أن «نمو الايرادات في هذا القطاع ضعيف، وبعض البنوك تفتقر الى الحجم الذي يؤهلها للمنافسة بشكل فعال». أما البحرين فالوجود المصرفي فيها أكثر كثافة حتى، مع 79 مصرفا تقليديا مرخصا لها و24 مصرفا اسلاميا، بحسب بنك البحرين المركزي. وباتت الحجج من أجل الاندماج أقوى الآن من عقد مضى؛ اذ يقول العديد من البنوك الاستثمارية ان الانخفاض في أسعار النفط قد يغيّر اللعبة. يذكر أن أكثر من %80 من أكبر 50 مصرفا فى الخليج من حيث الأصول مملوكة جزئيا لأذرع حكومات دول الخليج، وفقا لما ذكرته شركة اكرديتوس للاستشارات المالية. ويقول مصرفيون إن بلوغ سعر النفط 50 دولارا للبرميل، يقدم دافعا لصناديق الثروة السيادية وصناديق المعاشات التقاعدية والأسر المالكة في الخليج للقيام باستثمارات ناجحة ماليا أكبر مما كان عليه الوضع عندما كان السعر 100 دولار للبرميل. وتطور البنوك العالمية هو حافز آخر للاندماج. «الديناميات تتغيّر على العديد من الجبهات»، بحسب بونسيكا، التى تضيف ان التطورات تشمل أنظمة «بازل 3» بشأن كفاية رأس المال والسيولة وزيادة الرقمنة للخدمات المصرفية. البنوك الكبرى هي «أفضل تجهيزا لمواجهة هذه التغييرات ومواكبتها». عامل آخر هو النجاح المالي المبكر الذي حققه بنك أبوظبي الأول. «لقد تحسّنت بالفعل كفاءة التكلفة في البنك، باستثناء تكلفة الاندماج التي تحسب لمرة واحدة. كما تحسّنت أيضا سيولة التداول»، وفق بونسيكا. ويقول عبدالحميد محمد سعيد، الرئيس التنفيذي لشركة لبنك أبوظبي الأول إن العوامل التي أدت الى انشاء مصرفه كانت «فريدة». ويشير الى أن الهدف من استخدام حضوره وتواجده في 19 سوقا أجنبية هو دعم الحكومة والوكالات والشركات في الامارات. لكنه لا يزال يعتقد أن تشكيل بنك أبوظبي الأول كان بالتأكيد حافزا لمحادثات حول عمليات اندماج أخرى في المنطقة عبر قطاعات متعددة. ويقول سونيل كوشال، الرئيس التنفيذي الاقليمي لمصرف ستاندرد تشارترد: إن هناك «حديثا عن المزيد من عمليات الدمج التي ستحدث في دول مجلس التعاون الخليجي» خارج نطاق اثنين منها بالفعل، والتي تضم ثلاثة بنوك قطرية وبنكين سعوديين. ومع ذلك، يقول ان الطريق الى الاندماج قد لا يكون سريعا جدا، ويعطي عددا من الأسباب التي قد تجعلها لا تتم. أكبر ورقة لا يمكن التنبؤ بها هي المساهمون. اذ تلعب الحكومات دورا مهما في عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بعمليات الاندماج والاستحواذ في القطاع المصرفي في المنطقة. فبالاضافة الى ترتيب اندماج بنك الامارات دبي الوطني وبنك أبوظبي الأول، كانت الحكومات وراء عمليات الدمج الأصغر مثل استحواذ بنك الامارات دبي الوطني على المصرف المنافس بنك دبي بأمر من حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. ومن الصعب التنبؤ برغبة الحكومات في الاندماج والاستحواذ. فكما يقول مصرفي في أحد البنوك الاستثمارية «البنوك الخليجية ليست مدفوعة بالعائدات المالية بنفس قدر البنوك الغربية. قد تكون أهدافها مختلفة». كما أن الأداء الجيد للأسواق المصرفية في دول الخليج يجعل من حدوث عمليات اندماج واستحواذ أقل احتمالا. وأظهر تقرير صادر عن شركة «كي بي ام جي» أن متوسط نسبة التكلفة/ الدخل بلغت %43.6 العام الماضي لأكبر 56 مصرفا في الخليج، مما يعني أنه مقابل ايرادات بقيمة 1000 دولار تدفع تكاليف بقيمة 436 دولارا، بمقارنة بنسبة %57 تتوقّعها البنوك الأوروبية الغربية الكبرى هذا العام، وفقا لبحث أجراه «سيتي بنك». ما يساعد بنوك الخليج أيضا أنه لا ضرائب مباشرة عليها، وغالبا ما تعمل في المدن الكبيرة ذات التركيز السكاني، مما يعني أنها يمكن أن تخدم عملاءها بشبكة صغيرة من الفروع. ومع ذلك، تضعف ربحية البنوك الصفقات التي يمكن أن تجعلها أكثر كفاءة. فكما يقول سيورد لينارت، الرئيس العالمي لقطاع الخدمات المصرفية للشركات في «جي بي مورغان» والرئيس الاقليمي لأوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا «أعتقد أن عمليات الاندماج ستكون انتقائية للغاية. أعتقد ـــ ربما ـــ واحداً أو اثنين آخرين في العامين المقبلين، على الأكثر».

مشاركة :