استخدام الأسد سلاحه الكيماوي، هل جاء بسبب التهاون الدولي تجاه أفعاله وأن الغطاء من الحماية الروسية - الصينية يمنع القوى الأخرى اتخاذ أي اجراء سياسي أو عسكري، أم أنه يعيش حالة انتحار لعجزه التام السيطرة على كل سورية، أو يريد اختبار النوايا الدولية كمقدمة لاستخدامه في كل سورية بحرب إبادة شاملة؟ إيران دانت لكنها لم توجه الاتهام لطرف محدد، ودول أوروبا، كعادتها تنتظر التحقيقات رغم وجود القرائن الثابتة، إلا أن الموقف الأمريكي، رغم انقسام مسؤوليها، يأتي باحتمالات توجيه ضربات عن بعد بعدة صواريخ، وأن الابقاء على أساطيلها بالبحر الأبيض وقريباً من سواحل سورية قد يوفر مثل هذه الضربة استناداً إلى العديد من الظروف.. فأمريكا في عهد الرئيس أوباما، شكلت سياستها حالة اضطراب بالمواقف سواء تأييدها المبطن للإخوان المسلمين وضلوعها بما قيل عن أهداف طويلة الأمد؛ تقسيم مصر وإضعافها كأهم جبهة عربية لتلحق بالعراق وسورية وليبيا، وبعد فشل المشروع اضطرت لاستخدام أسلحة الضغط المادي بوقف معوناتها، ورفض تسليم أسلحة وقطع غيار أخرى مما وضعها على خط المواجهة مع دول الخليج العربي وعداء تام من الشعب المصري والمواطن العربي، لتعود بوجه الدولة الصديقة من خلال تدخل في سورية في التكفير عن الذنوب، أم أن الضرورة بإعادة الهيبة الدولية لها تفرض مثل هذا العمل مستندة إلى نظام دولي يجرم استخدام هذه الأسلحة تحت أي ظرف كان؟ لكن ما هي التداعيات الأخرى لتوجيه مثل هذه الضربة، وما موقف روسيا والصين وحتى إيران وحزب الله، وهل يمكن تزويد الأسد بأسلحة متطورة تدفعه إلى توجيهها إلى إسرائيل، والأردن لخلق فوضى أخرى تؤدي إلى تدخلهما بشكل مباشر، لتقوم إيران بواسطة حزب الله توجيه صواريخ تحت ذريعة الضربات الأمريكية؟.. تدويل القضية السورية ربما يؤدي إلى مواجهات مختلفة، لكنه لن يدفع بالصين وروسيا بتدخل عسكري، لأن ذلك يعني اتساعاً للحرب خارج المنطقة، لكن ستكون التجاذبات السياسية هي قوة العمل. فسورية بالنسبة لروسيا قاعدتها الوحيدة، والتفريط بها يبعدها عن مجال المناورة والمساومة، وقد تضيف لها هزيمة سياسية خاصة وأن دول المنطقة صارت تجد فيها أداة الفناء للشعب السوري، لكنها أمام شواهد الإدانة الدولية لحكومة الأسد لا نستطيع ادعاء أنها عامل توازن سياسي، وهناك فرضيات محتملة قد يقوم بها الأسد كالتحرش بتركيا لغاية توسيع الدائرة المعقدة حوله وبدفع من روسيا.. أوروبا، وإن تفاوتت مواقفها إلا أن القاطرة الأمريكية هي التي تجرها لأي عمل وحساباتها لا تخرج عن التصورات الأمريكية، لكنها تشعر بالارتياح لو فقدت روسيا قاعدتها في سورية المواجهة لها في البحر الأبيض، ويبقى الموقف العربي مختلفاً بين مؤيد للثورة السورية، ومعارض لها، وصامت لا يريد أن تلحقه أي نيران سياسية.. كل الحسابات الراهنة لا تؤكد ولا تنفي دخول أمريكا وحلفائها في الشأن السوري وتوجيه ضربات متلاحقة قد تعطله مفاهيم من سيرت نظام الأسد، إئتلاف شعبي علماني أم قفزة لعناصر إسلامية متطرفة؟ وكل الأحوال القائمة تفهمنا أن فشل الحل السياسي يحل بديلاً عنه الضغط العسكري..
مشاركة :