الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أثناء اجتكاع في البيت الأبيض الجمعة(رويترز) لندن: «المجلة» مرر مجلس الشيوخ الأميركي بفارق ضئيل الخميس الميزانية الفيدرالية للعام 2018، ما يفسح المجال أمام الإصلاح الضريبي المثير للجدل الذي طرحه الرئيس دونالد ترمب ويتضمن خفضا للضرائب بقيمة 1.5 تريليون دولار. ويشكل الإجراء الجمهوري الذي تم تمريره على أساس حزبي، بادرة رمزية. لكن الأهم هو أنه يتضمن تعليمات خاصة تسمح لحزب ترمب بتمرير الإصلاحات الضريبية التاريخية عير تصويت بسيط للأغلبية. وقال زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل مباشرة بعد عملية التصويت التي دعم 51 من المشاركين فيها الإجراء مقابل 49 «عبر هذه الميزانية، نحن على طريق إيصال المساعدات التي يحتاجها الأميركيون وعائلاتهم التي تحملت أعباء قانون الضرائب غير العادل لمدة طويلة جدا». ويتضمن الإجراء مقاربة تسمح لمجلس الشيوخ باستخدام عملية تعرف ب«المصالحة» لتسريع الإصلاح الضريبي عبر احتياجه إلى أغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ الذي يضم مائة عضو بدلا من الـ60 الذين يتطلبهم تمرير تشريعات كبيرة. ويعني ذلك أنه مع سيطرة الجمهوريين على 52 من مقاعد مجلس الشيوخ، لن تحتاج الإصلاحات دعما من الديمقراطيين إلا في حال كان هناك أكثر من معارضين اثنين في صفوف الجمهوريين. وتقوم الإصلاحات التي تم وضع إطارها الشهر الماضي على خفض معدل الضرائب على الشركات من 35 إلى 20 في المائة، وتخفيض الضرائب على الدخل لمعظم الشرائح، إضافة إلى سد الثغرات والاقتطاعات لتعديل القانون الضريبي الذي قال ترمب إنه «متقادم». وسيشهد أصحاب المداخيل الأعلى الذين يشكلون واحدا في المائة ارتفاع مداخيلهم بعد الاقتطاع الضريبي بنسبة 8.5 في المائة عام 2018، فيما سيحصل الـ95 المدرجين في المراتب الأدنى من سلم توزيع الدخل على زيادة تتراوح نسبتها بين 0.5 في المائة و1.2، بحسب «تاكس بوليسي سينتر» (مركز سياسات الضرائب) التابع لمعهدي «بروكينغز انستيتيوشن» و«أوروبان انستيتيوت». ويشير المركز إلى أن الإصلاحات ستكلف 2.4 تريليون دولار على شكل عائدات فيدرالية تتم خسارتها خلال العقد الأول من بدء تطبيقها، ما يثير تساؤلات بشأن كيفية تمويلها، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. ويصر الجمهوريون المؤيدون للإصلاحات على أن التخفيضات الضريبية ستغطي العجز الضخم عبر دفع عجلة النمو الاقتصادي، ما سيؤدي إلى عائدات ضريبية مستقبلية. إلا أن الديمقراطيين نددوا بشدة بالتغييرات معتبرين أنها تقدم للأغنياء 1.5 تريليون دولار على طبق من فضة. وأشاروا كذلك إلى أنها ستخفض التمويل للتعليم والمواصلات والبنى التحتية فيما ستقتطع بشكل كبير من البرامج الفيدرالية الصحية للمسنين والفقراء والعجزة. وفي هذا السياق، حذر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر من أن «هذه الميزانية السيئة والرجعية تعطي الضوء الأخضر للاقتطاعات من برنامجي (ميدكير) و(ميدكايد) لتخفيف الضرائب على الشركات الكبرى والأميركيين الأكثر ثراء»، في إشارة إلى برنامجي التأمين الصحي العام لكل من المسنين والفقراء. من جهته، وصف السناتور بيرني ساندرز قرار الميزانية بـ«المروع» و«القاسي للغاية». وأشاد ترمب بالتصويت على أنه «خطوة مهمة لتحقيق تقدم في أجندة الإدارة التشريعية الداعمة للنمو والوظائف» مشيراً إلى أنها «تفتح الطريق أمام إطلاق العنان لإمكانيات الاقتصاد الأميركي عبر إصلاح الضرائب وخفضها». ومع مرور تسعة أشهر على دخوله معترك الرئاسة، تشكل مناورة ترمب في الملف الضريبي آخر فرصة لديه لإنقاذ ركائز أجندته التشريعية لعام 2017. وبعد فشله في إلغاء قانون الرعاية الصحية الذي وضعه سلفه باراك أوباما، بات تبني الإصلاحات الضريبية قبل نهاية العام أولوية قصوى بالنسبة للجمهوريين الذين يهيمنون على الكونغرس. وتولى ترمب منصبه في يناير (كانون الثاني) مصرّاً على أن الإصلاح الضريبي يعزز الاقتصاد ويفيد المواطنين الأميركيين العاديين. وقال من البيت الأبيض: «بصراحة، أعتقد أن لدينا الأصوات من أجل خفض الضرائب وهو ما سيجري قريباً». وأضاف: «يجري عملنا بشكل جيد لكن بإمكاننا القيام بأمر مذهل للغاية إذا تمكنا من خفض الضرائب». ويتم التعامل مع الإصلاحات المثيرة للجدل عبر خطوات عدة، انطلاقاً من تصويت الخميس على قرار لتأسيس إطار ميزانية عام 2018. ويخشى البعض من أن يراكم خفض الضرائب الدين الوطني، إلا أن ترمب دعا الجمهوريين إلى اتخاذ موقف موحد بعدما رفض بعض أعضاء الحزب دعم مشروع القانون الذي قد يؤدي إلى تفكيك معظم قانون الرعاية الصحية الذي وضعه أوباما. أما وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين فحذر من أن الفشل في إقرار الإصلاحات الضريبية سيؤدي إلى انهيار أسواق الأسهم الأميركية التي بلغت أرقاما قياسية عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة.
مشاركة :