تبذل العديد من الأسر مع بداية كل عام دراسي جهوداً كبيرةً في سبيل تهيئة أبنائها من الطلاب والطالبات للعودة إلى المدارس بكل همَّة ونشاط، وذلك بعد أن قضوا إجازة طويلة امتدت لفترة بلغت ثلاثة أشهر تقريباً، إذ جعلهم ذلك يعتادون ممارسة نمط معيشي كان للسهر واللعب والفوضى نصيب الأسد منه، سواءً على صعيد التغذية أو الجلوس الطويل أمام شاشات التلفاز والأجهزة الذكية وممارسة الألعاب الالكترونية، إلى جانب ما صاحب هذه الإجازة من سفر وارتحال داخل المملكة وخارجها، ويبقى السؤال: ما هي أفضل طريقة لتنظيم نوم الطلاب بعد الإجازة..؟. منعطف صعب وقالت "دينا السبيعي" -طالبة في المرحلة الثانوية- :"عمدت إلى تنظيم وقتي في آخر أيام شهر رمضان استعداداً لبداية العام الدراسي الجديد، بيد أنَّ عدم تنظيم بقية العائلة لأوقاتهم يجعلني أشعر بالوحدة خلال ساعات النهار الطويلة؛ مما أجبرني أن أكون مثلهم، الأمر الذي سيجعلني أعاني مجدداً في عملية تنظيم وقتي والنوم باكراً". وأيَّدتها الرأي "ندى عبدالله" -طالبة في المرحلة الثانوية-، مُضيفةً أنَّها تعاني من عدم قدرتها على تنظيم وقتها، خاصةً أنَّ المرحلة المقبلة من الدراسة تُمثِّل بالنسبة لها منعطفاً صعباً يُحدِّد وجهة حياتها المستقبليَّة، في ظل كون هذه المرحلة تتطلب تحقيق نسبةً عالية تُعينها على الالتحاق بالتخصص الدراسي المناسب في الجامعة. مشكلة كبيرة وأشارت "سميه أحمد" –طالبة في المرحلة الجامعية- إلى أنَّها تواجه مشكلة كبيرة في تنظيم موعد نومها، مُضيفةً أنَّ ذلك جعلها تفتقد للحيوية والنشاط، إلى جانب اعتلال مزاجها نتيجة السهر إلى أوقات متأخرة من الليل، موضحةً أنَّ محاولاتها في هذا الشأن باءت جميعها بالفشل، متوقعةً أن يجعلها ذلك تذهب إلى الجامعة في الأيام الأولى من الدراسة دون أن تنام ليلاً. وبيَّنت "فاتن محمد" -طالبة في المرحلة المتوسطة- أنَّها تقضي قُرابة (12) ساعة بين مشاهدة التلفاز وممارسة بعض الألعاب على هاتفها الذكي، مُضيفةً أنَّها تسهر ليلاً وتنام نهاراً، موضحة أنَّها تستمتع بإجازتها التي لا تربطها بأوقات محددة، ومع ذلك فإنَّها تدرك أهمية النوم المبكر، خاصةً مع اقتراب العام الدراسي من بدايته. عادة سيئة وعبَّرت "وفاء الروقي" –ربَّة منزل- عن استيائها من هذه العادة السيئة التي يمارسها أبناؤها، مُضيفةً أنَّ السهر يُعدُّ من أكثر العادات السيئة التي يمقتها الآباء والأمهات؛ لما فيها من انعكاسات سلبية على أبنائهم، سواءً على تحصيلهم الدراسي أو صحتهم العامة، موضحةً أنَّها تحاول التغلُّب على هذه المشكلة عبر الخروج بأبنائها نهاراً إلى بعض الاماكن العامة والعودة في المساء لضبط عملية نومهم. وأيَّدتها الرأي "أم زياد" -ربة منزل-، موضحةً أنَّ تنظيم الوقت في هذه الأيام يحتاج لمجهود كبير ومضاعف، مُشيرةً إلى أنَّ العديد من الأسر تدفع حالياً ضريبة السهر لساعات طويلة في رمضان وتبادل الزيارات والخروج للأسواق، داعيةً الآباء والأمهات إلى التدرّج في محاولة إعادة تنظيم وقت نوم أبنائهم وبناتهم. إيصال المعلومة ولفتت "زهرة الشهري" -معلمة بالمرحلة المتوسطة- إلى أنَّ مشكلة السهر وعدم النوم يظهر أثرها في بداية كل عام دراسي، مُضيفةً أنَّ العديد من الطالبات يتغيَّبن عن المدارس في أول يوم دراسي، إلى جانب أنَّ العديد ممن يحضرن إلى المدارس يكنَّ مصابات بالخمول، موضحةً أنَّ بعض الطالبات يُكملن نومهنّ في الفصل، مُبيِّنةً أنَّ العديد من المعلمات يجدن صعوبة كبيرةً في إيصال المعلومة لطالبات يعانين من الإرهاق وعدم التركيز. وأوضحت "ميادة محمد" -معلمة بالمرحلة الثانوية- أنَّ أكثر ما يرهقها ويشغل بالها في هذه الفترة هو تنظيم عملية نوم أبنائها الذين اعتادوا السهر إلى ساعات الصباح الأولى أثناء فترة الإجازة الدراسية، مُشيرةً إلى أنَّ ذلك سينعكس بشكل سلبي على مستواهم الدراسي مستقبلاً. فوائد طبية وأكَّدت "وداد حسن" -طبيبة عامة بالقطاع الأهلي- على أنَّ النوم المبكر مهم جداً للإنسان؛ لما فيه من فوائد طبية مهمة لصحة الفرد، مُضيفةً أنَّه يحدث خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم بصفة عامة، وليس كما يعتقد البعض بل على العكس فإنَّ بعض الوظائف تكون أنشط خلال النوم، كما أنَّ بعض الأمراض تحدث أثناء النوم فقط وتختفي مع استيقاظ الفرد، مُبيَّنةً أنَّها يحدث أثناء النوم العديد من التغيرات والوظائف العضوية المهمة للجسم، ومن ذلك إعادة بناء أنسجة الجسم وإفراز بعض الهرمونات، وغيرها. وأضافت أنَّ الكثير من أعضاء الجسم تحصل على راحتها أثناء النوم، ومن ذلك القلب والدماغ، وغيرها، موضحةً أنَّ آلية النوم عملية معقدة ترتبط فيها مختلف الأعضاء ارتباطاً وثيقاً، مُبيِّنةً أنَّه حينما يكون الإنسان مستيقظاً، فإنَّ المخ يكون لديه نشاط كهربائي معين ومع حلول النوم يبدأ هذا النشاط بالتغير، مُشيرةً إلى أنَّ النائم يمر خلال نومه بعدة مراحل من النوم لكل منها دورها، فهناك المرحلة الأولى والثانية ويكون النوم خلالهما خفيفاً. وبيَّنت أنَّ تلك المرحلتين يبدآن مع بداية النوم، قبل أن تبدأ بعد ذلك المرحلتان الثالثة والرابعة، أو ما يعرف بالنوم العميق، مُضيفةً أنَّهما مرحلتان مهمتان لاستعادة الجسم نشاطه، موضحةً أنَّ نقص هاتين المرحلتين من النوم ينتج عنه النوم الخفيف غير المريح، إلى جانب ظهور التعب والإجهاد أثناء النهار، لافتةً إلى أنَّها تبدأ بعد مرور حوالي (90) دقيقة مرحلة الأحلام أو ما يعرف بمرحلة حركة العينين السريعة، مؤكدة على أنَّ الأحلام تحدث خلال هذه المرحلة، كما أنَّ هذه المرحلة مهمة لاستعادة الذهن نشاطه، مُشيرةً إلى أنَّ المرور بجميع مراحل النوم يعرف بدورة النوم الكاملة. اضطراب النوم وشدَّدت "نورة التميمي" -مرشدة طلابية- على أهمية تعويد الأبناء -من الآن- على النوم والاستيقاظ مبكراً حتى لا تواجه الأسر معاناة مع بدء العام الدراسي في الأيام المقبلة، مُضيفةً أنَّ أحد أسباب اضطراب النوم لدى الأبناء وسهرهم هو نومهم في النهار لوقت طويل، وعندما يأتي الليل فإنهم يجدون صعوبةً كبيرةً في النوم، موضحةً أنَّ العديد من الدراسات والأبحاث التي تمت في هذا المجال أظهرت أنَّ الطلاب الذين لا يحصلون على نومٍ كافٍ أثناء الليل يكون أداؤهم الأكاديمي أقل من الطلاب الذين ينامون لساعات كافية. وأضافت أنَّ قلَّة النوم تؤثر سلباً على قدرة الطالب على التركيز وتضعف الذاكرة قصيرة المدى؛ ممَّا يؤثر على قدرة الطالب على التحصيل العلمي، داعيةً إلى تعاون الأسرة مع المدرسة للقضاء على ظاهرة السهر وتعويد الأبناء على النوم، وذلك عبر توعية الطلاب والطالبات بأضرار السهر وفوائد النوم المبكر، مُشيرةً إلى أنَّ من أهم أضرار السهر سوء التغذية والإضرار النفسية، كالقلق والاكتئاب، إلى جانب تأثيره السلبي على الذاكرة بشكل خاص والجهاز العصبي بشكلٍ عام، وكذلك تأثيره على نمو الإنسان وتكامل بنيته. خطوات ناجحة وأشارت إلى وجود عدد من الخطوات الناجحة التي تساعد الأسرة في تعويد أبنائها على النوم المبكر، ومنها غرس المفاهيم الصحيحة لديهم بما يُعزِّز لديهم القيم الخاصة لفوائد النوم المبكر، إلى جانب وجود القدوة الصالحة للأبناء عبر عدم إضاعة الوقت في السهر وترك الصلوات وأداء الواجبات والأعمال اليومية بكل همَّةٍ ونشاط، وكذلك التعاون المشترك بين المؤسسات التعليمية والمنزل وزيادة العلاقة بين المدرسة وأولياء الأمور، إضافةً إلى مراقبة الأبناء في اختيار أصدقائهم، ومتابعة مُسببات السهر لديهم، ومحاولة القضاء أو التخفيف منها، وتنظيم الأوقات، ووضع جدول للأعمال اليومية وترتيب الأولويات. ساعة "بيولوجية" وبيَّنت أنَّ الإنسان الناجح يعمل وفقاً لمؤشرات ساعته البيولوجية، مُضيفةً أنَّه يعتمد التنظيم أساساً في حياته، كساعات النوم أو العمل والراحة، موضحةً أنَّ ذلك هو ما يؤكد عليه خبراء الصحة العامة، إذ إنَّ المحافظة على آلية عمل الساعة البيولوجية التي تضبط العمليات الداخلية في الجسم تمنع حدوث الاضطرابات المختلفة التي تنعكس سلباً على الصحة، وتؤدي لاضطرابات عديدة أثناء الليل والنهار، ويحقق التوازن المفقود المطلوب لدى الإنسان.
مشاركة :