«تحديث».. مشروع إحصائي يخدم الشارقة

  • 10/21/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تستند المجتمعات في مسيرتها النهضوية إلى دعامات أساسية تخولها المضي قدماً في إنجاز مشاريعها التنموية، ولا وجود لدولة في العالم سعت للتطور والرقي من دون الاعتماد على قاعدة متكاملة من المعلومات والإحصاءات الشاملة، تكشف عن كل مفاصل الحياة، لتكون على دراية كافية بخطّ سيرها، لتتمكن من وضع الخطط والاستراتيجيات السليمة اللازمة بهذا الصدد. وتشير التقارير الإحصائية الأممية الدقيقة وقواعد البيانات الشاملة التي تصدرها منظمة الأمم المتحدة، إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن التزايد المطرد في عدد السكّان الحالي في العالم البالغ 7,6 مليار نسمة سيصل إلى 8,6 مليار نسمة مع عام 2030، ليرتفع إلى 9,8 مليار مع عام 2050، وإلى 11,2 مليار مع عام 2100، في حين يتزايد عدد سكان العالم بنحو 83 مليون شخص كل عام، ومن المتوقع أن تستمر تلك الزيادة بهذا الاتجاه بناء على حزمة من جهود رصد ومتابعة الأحوال السكانية والتقارير التي تطلقها الأمم المتحدة بشكل دوري. ولكونها تعلم مدى أهمية وفاعلية البيانات الإحصائية في تنمية المجتمعات والشعوب، والارتقاء بها، انتبهت المنظمة لضرورة وضع مكتب إحصاء متخصص ضمن هيكلتها أسمته (مكتب الإحصاء)، ليباشر عمله كمركز عالمي للإحصاء والبيانات يوفّر للعالم منهجيات وتوصيات تنفيذية في مجال التعداد والمسح الإحصائي، إضافة إلى قواعد معلوماتية إحصائية دقيقة تم تجميعها من قبل البرامج والصناديق والأجهزة الأممية المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، كل ذلك بهدف دعم جهود البلدان على صعيد تطوير نظمها الإحصائية الوطنية، وتدعيم عمل اللجان المختصة بهذا المجال، لكونها تعلم أن الأساس في عملية التنمية الشاملة يستند إلى الدقة المتناهية والجهد الكبير في جمع البيانات، لا على التخمين والتقريب.وتثبيتاً لدورها المحوري، وضعت دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية في إمارة الشارقة، نصب أعينها خططاً واستراتيجيات اعتمدت فيها على أسس تنظيمية تلتزم الموضوعية، والصدق، والشفافية من دون المساس بجانب الخصوصية، حيث تعمل كوادرها تحت ظل القَسَم حفاظاً على السرية في شتى مواقعهم، خدمة لتطوير الواقع الاجتماعي في الإمارة، ودراسة أحوال قاطنيها لا سيما المواطنين، والمساهمة في وضع خطط تطويرية للمستويات المعيشية، والنظر فيها، والذهاب إلى ما هو أبعد من تحقيق الطموحات والممكن.وفي مجال التنمية الاجتماعية الاقتصادية، انتهجت مختلف الدوائر الخدمية في الإمارة خططاً واستراتيجيات واعدة للنهوض بهذا الواقع، تجلى منها الدور الكبير الذي لعبته دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية في الشارقة لتمهيد الطريق نحو صياغة مفهوم جديد ومتطور، يخدم الرؤى والتوجهات الحكيمة لصاحب السمو حاكم الشارقة، الرامية إلى توفير بيانات دقيقة عن الأسر والمساكن في إمارة الشارقة، بغية دراسة شاملة تخدم الارتقاء بالواقع المعيشي للجميع. ومنذ تأسيسها وانسجاماً مع خططها الواعدة في مجال أداء الأعمال بشكلها المتكامل، وأسلوبها الدقيق والفاعل على الصعيد المجتمعي، واستكمالاً لنهج العمل المؤسسي، خصصت دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية في الشارقة سلسلة من الإحصاءات والدراسات الاستراتيجية للسكان، ترفد من خلالها جميع الدوائر الحكومية المعنية بالخدمة المجتمعية بغية الاستفادة منها لتحقيق المشاريع والتطلعات المستقبلية، وتحقيقها بشكل يدفع العملية التنموية خطوات كبيرة وواسعة إلى الأمام. وبالفعل، قامت الدائرة خلال السنوات الماضية بإجراء تعداد شامل عن الواقع السكني والسكاني للإمارة مع نهاية عام 2015، رصدت من خلاله، وعبر دراسة مسحية دقيقة ومتأنية، وبمساعدة المئات من المتطوعين الأكفاء، جميع أحوال السكان في الإمارة، ومستويات عيشهم، وظروفهم، بغية جمعها في قاعدة بيانات واحدة ومتكاملة ليتسنى لصناع القرار المعنيين، ومختلف الجهات، الاطلاع عليها والاستفادة مما تتضمنه من قيم رقمية أساسية وضرورية في عملية البناء المجتمعي الذي تمضي به الإمارة. وها نحن الآن، وبعد حزمة من الجهود الفاعلة في الإمارة، نجد أنفسنا أمام مشروع جديد وأكثر تطوراً، أطلقت عليه الدائرة اسم «تحديث» - يعتبر الأول من نوعه على مستوى المشاريع الإحصائية - الذي عزّزت الدائرة من خلاله طرق ووسائل جمع البيانات لديها مستندة إلى النتائج الإحصائية الشاملة لتعداد 2015، عبر طاقات شبابية مواطنة حريصة كل الحرص على أداء أعمالها بأكمل وجه، ومتسلّحة بالحفاظ على السريّة التامة في عملية جمع المعلومات، بهدف توفير قاعدة بيانات شاملة، ومحدثة بالكامل تستعرض الأحوال المعيشية لمواطني الإمارة.ومن اسمه، يسعى تحديث إلى جلب بيانات أكثر حداثة عن تلك المتوافرة منذ العام 2015، نظراً لاختلاف الحالة الديموجرافية والسكنية والمعيشية للسكّان خلال العامين الماضيين، لتعكس القيم الرقمية الجديدة واقع الحال في العام 2017 للمساهمة في توفير بيانات عن التغير في مواقع السكن، والعناوين الجديدة للأسر، ومعرفة مدى التغير الحاصل بعدد أفرادها، وخصائصها الاقتصادية الاجتماعية وتركيبتها الخاصة.ويستهدف مشروع «تحديث» الذي يعتمد في أسلوب عمله على الوصول لقواعد بيانات رقمية محدّثة، جميع المواطنين الذين يمتلكون خلاصة قيد، أو جواز سفر صادراً عن الإمارة، جنباً إلى جنب مع سبع فئات اجتماعية مواطنة، هي: الأيتام، والأرامل والمطلقات والمهجورات، والمعاقون، وكبار السن، والذين لم يلتحقوا بالتعليم، والراغبون في استكمال تعليمهم، والباحثون عن عمل، وعرضها على الجهات المعنية بهدف الاطلاع عليها والبحث في أحوالها للمساهمة في تكوين معرفة شاملة ومستقبلية تعزز القرارات الاستراتيجية التي تتبناها الإمارة على مختلف المستويات صحياً، واجتماعياً، واقتصادياً، وسكنياً وغيرها. وهذه العملية الإحصائية ليست سهلة، إنما تتطلب جهداً كبيراً وتركيزاً دقيقاً حيث لا مجال للخطأ، فقد تم تخصيص آلية عمل متوازنة ودقيقة تعتمد على الاستفادة من مقومات الواقع التقني المتطور، والتقليل قدر الإمكان من أعداد العاملين المطلوبين لإتمام هذه العملية، حيث يعتمد المشروع حالياً على موظفات اتصال هاتفي يقمن بالاتصال بالأسر، وتبيان المعلومات الأساسية والضرورية المطلوبة بحرص ودقة متناهية، فضلاً عن الموظفات الميدانيات، وجميعهن من المواطنات بعدد يصل في مجموعه إلى 60 موظفة، وعلى مدى شهرين من العمل للانتهاء من المشروع. ولأن الدائرة تنتهج في صلب أعمالها نظرة استشرافية للمستقبل، فإن «تحديث» يسانده مشروع طموح آخر هو «تبادل» الذي يمتاز بجلبه لبيانات إدارية سجلية تخوّل للوصول إلى نظام إحصائي متكامل يعنى برفع القدرات الإحصائية لإدارات الإحصاء بمختلف الدوائر الحكومية، وتوفير آلية تبادل المعلومات بينها وبين الدائرة. كما أن الدائرة، وفضلاً عما سبق، بصدد العمل على توفير بيانات الدخل القومي للإمارة، مما يساهم بإظهار أهمية الشارقة اقتصادياً، وتوضيح مكانتها على خريطة الجذب السياحي والاستثماري، كمركز واعد جاذب لمختلف الاستثمارات والمشاريع المستدامة لرفد المسيرة التنموية الشاملة بالكثير من التحديثات.وبهذه المشاريع الثلاثة - «تحديث» و«تبادل» و«حسابات الدخل القومي» تكون دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية في الشارقة أكدت ريادتها في صياغة مفاهيم جديدة ومتقدمة حول أساليب العمل الإحصائي، لكونها أوجدت ب«تحديث» بديلاً إحصائياً يعتمد على قواعد بيانات سابق توفيرها، ويمتاز هذا البديل الإحصائي بالقدرة الفائقة على جلب المعلومات من دون تكاليف ونفقات باهظة، ويستند إلى مقومات تقنية متطورة تتمتع بمستويات عالية من الأمان والخصوصية، يستطيع أن يصل إلى نحو 25 ألف أسرة إماراتية بدقة متناهية تضيف إلى القيم الرقمية لتعداد 2015 من دون المساس بها.

مشاركة :