مرر مجلس الشيوخ الأمريكي بفارق ضئيل الخميس الماضي الميزانية الفيدرالية للعام 2018، ما يفسح المجال أمام الإصلاح الضريبي المثير للجدل الذي طرحه الرئيس دونالد ترامب، ويتضمن خفضاً للضرائب بقيمة 1,5 تريليون دولار. ويشكل الإجراء الجمهوري الذي تم تمريره على أساس حزبي، بادرة رمزية. لكن الأهم هو أنه يتضمن تعليمات خاصة تسمح لحزب ترامب بتمرير الإصلاحات الضريبية التاريخية عبر تصويت بسيط للأغلبية. قال زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل مباشرة بعد عملية التصويت التي دعم 51 من المشاركين فيها الإجراء مقابل 49 «عبر هذه الميزانية، نحن على طريق إيصال المساعدات التي يحتاج إليها الأمريكيون وعائلاتهم، التي تحملت أعباء قانون الضرائب غير العادل لمدة طويلة جداً». وأشاد ترامب بالتصويت على أنه «خطوة هامة لتحقيق تقدم في أجندة الإدارة التشريعية الداعمة للنمو والوظائف»، مشيراً إلى أنها «تفتح الطريق أمام إطلاق العنان لإمكانيات الاقتصاد الأمريكي عبر إصلاح الضرائب وخفضها». ومع مرور تسعة أشهر على دخوله معترك الرئاسة، تشكل مناورة ترامب في الملف الضريبي آخر فرصة لديه لإنقاذ ركائز أجندته التشريعية للعام 2017. وبعد فشله في إلغاء قانون الرعاية الصحية الذي وضعه سلفه باراك أوباما، بات تبني الإصلاحات الضريبية قبل نهاية العام أولوية قصوى بالنسبة للجمهوريين الذين يهيمنون على الكونجرس. وتولى ترامب منصبه في كانون الثاني/يناير مصراً على أن الإصلاح الضريبي يعزز الاقتصاد ويفيد المواطنين الأمريكيين العاديين. وقال من البيت الأبيض «بصراحة، أعتقد أن لدينا الأصوات من أجل خفض الضرائب وهو ما سيجري قريباً». وأضاف «يجري عملنا بشكل جيد، لكن بإمكاننا القيام بأمر مذهل للغاية إذا تمكنا من خفض الضرائب».ويتم التعامل مع الإصلاحات المثيرة للجدل عبر خطوات عدة، انطلاقاً من تصويت الخميس على قرار لتأسيس إطار ميزانية العام 2018. ويتضمن الإجراء مقاربة تسمح لمجلس الشيوخ باستخدام عملية تعرف ب «المصالحة» لتسريع الإصلاح الضريبي، عبر احتياجه إلى أغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ الذي يضم مئة عضو بدلاً من ال 60 الذين يتطلبهم تمرير تشريعات كبيرة. ويعني ذلك أنه مع سيطرة الجمهوريين على 52 من مقاعد مجلس الشيوخ، لن تحتاج الإصلاحات إلى دعم من الديموقراطيين، إلا في حال كان هناك أكثر من معارضين اثنين في صفوف الجمهوريين.وتقوم الإصلاحات التي تم وضع إطارها الشهر الماضي على خفض معدل الضرائب على الشركات من 35 إلى 20 بالمئة، وتخفيض الضرائب على الدخل لمعظم الشرائح، إضافة إلى سد الثغرات والاقتطاعات لتعديل القانون الضريبي الذي قال ترامب إنه «متقادم». وسيشهد أصحاب المداخيل الأعلى الذين يشكلون واحداً بالمئة ارتفاع مداخيلهم بعد الاقتطاع الضريبي بنسبة 8,5 بالمئة عام 2018، فيما سيحصل ال 95 المدرجون في المراتب الأدنى من سلم توزيع الدخل على زيادة تراوح نسبتها بين 0,5 بالمئة و1,2، بحسب «تاكس بوليسي سينتر» (مركز سياسات الضرائب) التابع لمعهدي «بروكينجز إنستيتيوشن»، و«أوربان إنستيتيوت».ويشير المركز إلى أن الإصلاحات ستكلف 2,4 تريليون دولار على شكل عوائد فيدرالية تتم خسارتها خلال العقد الأول من بدء تطبيقها، ما يثير تساؤلات بشأن كيفية تمويلها. ويصر الجمهوريون المؤيدون للإصلاحات على أن التخفيضات الضريبية ستغطي العجز الضخم عبر دفع عجلة النمو الاقتصادي، ما سيؤدي إلى عوائد ضريبية مستقبلية. إلا أن الديموقراطيين نددوا بشدة بالتغييرات معتبرين أنها تقدم للأغنياء 1,5 تريليون دولار على طبق من فضة.وأشاروا كذلك إلى أنها ستخفض التمويل للتعليم والمواصلات والبنى التحتية، فيما ستقتطع بشكل كبير من البرامج الفيدرالية الصحية للمسنين والفقراء والعجزة.وفي هذا السياق، حذر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر من أن «هذه الميزانية السيئة والرجعية تعطي الضوء الأخضر للاقتطاعات من برنامجي «ميدكير» و«ميدكايد»، لتخفيف الضرائب على الشركات الكبرى والأمريكيين الأكثر ثراء،» في إشارة إلى برنامجي التأمين الصحي العام لكل من المسنين والفقراء. من جهته، وصف السناتور بيرني ساندرز قرار الميزانية ب«المروع» و«القاسي للغاية». ويخشى البعض من أن يراكم خفض الضرائب الدين الوطني، إلا أن ترامب دعا الجمهوريين إلى اتخاذ موقف موحد، بعدما رفض بعض أعضاء الحزب دعم مشروع القانون الذي قد يؤدي إلى تفكيك معظم قانون الرعاية الصحية الذي وضعه أوباما. أما وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين فحذر من أن الفشل في إقرار الإصلاحات الضريبية سيؤدي إلى انهيار أسواق الأسهم الأمريكية، التي بلغت أرقاماً قياسية عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة. (أ. ف. ب)
مشاركة :