أسامة هيكل: الإعلام المصري يلعب على وتر العواطف

  • 10/21/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كان أسامة هيكل أول وزير للإعلام في مصر بعد ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، عقب فترة من شغور المنصب وشيوع الفوضى في القطاع الإعلامي، وحال من الإضراب والغضب داخل التلفزيون المصري، لكنه تمكن من امتصاص غضب الساخطين، وأقر وضع حد أقصى وأدنى للعاملين، فيما رفع الرواتب الضئيلة لصغار الموظفين، بعدما شهدت هوة كبيرة، ومكث في منصبه حتى استقالة الحكومة في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام ذاته. اختير هيكل في أيلول (سبتمبر) عام 2014 رئيساً لمجلس إدارة «مدينة الإنتاج الإعلامي»، التي عانت خسائر فادحة، فتمكن من القفز بها لتحقيق الأرباح التي بلغت نحو 55 مليون جنيه مصري (3 ملايين دولار)، عبر صوغ نظام جديد ومتطور لإدارتها، متحرراً من عباءة الأداء الحكومي البيروقراطي، ناجحاً في أن يخرج المدينة من كبوتها التي استمرت لسنوات. ويشغل هيكل الآن موقع رئيس لجنة الإعلام والثقافة في مجلس النواب. «الحياة» التقت أسامة هيكل وحاورته حول الإعلام وإصلاحاته في مدينة الإنتاج الإعلامي. وسُئل عن أسباب وصفه مدينة الإنتاح الإعلامي بـ «الخرابة» فأجاب: «أطلقت هذا الوصف قبل سنوات، إذ واجهت «المدينة» الخسارة والديون آنذاك، أما الآن فاختلف الوضع إذ تجاوزت خسائرها وتحولت إلى تحقيق المكاسب وهو ما تثبته الأرقام، كما سُددت كل ديونها بعدما عانت الخسائر لسنوات». وأضاف: «منذ تقلدي رئاستها اتبعت نظاماً مختلفاً وشكلت مجلس إدراة قوياً يضم شخصيات ذات خبرة، وثمة تطوير جارٍ حالياً، وأضحت الموازنة حقيقية بعدما كانت توزع أرباحاً وهمية، كما التزمنا بتوصيات الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يخضعها للمراقبة، إضافة إلى أن الجمعية العمومية صارت تحاسب من دون هوادة ولا تستثني مسؤولاً». وأوضح: «لم أبتغ يوماً مكسباً أو عائداً شخصياً، لكن دافعي للإصلاح الإداري هو كون مدينة الإنتاج الإعلامي مؤسسة مهمة، وحين أديرت بطريقة صحيحة، كادت تكون النموذج الوحيد الذي حقق إنجازاً». ولفت إلى إمكان تحقيق ذلك في مؤسسات حكومية ولكن الأمر يتطلب إرادة، لكونها تشهد في بداية الإصلاح مقاومة من قبل المنتفعين من الترهل والأوضاع المتردية». وقال هيكل: «حالياً، ثمة مهام محددة للعاملين، وطبقت سياسة الثواب والعقاب، ونحاول تقليل العمالة، بخاصة أنها تعاني كثافة بالغة، ولا أدعي أننا وصلنا إلى نسبة مئة في المئة ولكن تحولنا إلى الاتجاه الإيجابي، وتواجهنا بعض المعوقات حتى الآن، لكننا نتغلب عليها». وتعهد أن يحقق الأرباح لمساهميها خلال الفترة المقبلة. كما كشف عن تفكيره في إنشاء فرع جديد لـ» المدينة» في العاصمة الإدارية الجديدة. وعن إعلانه أن «مدينة الإنتاج» واجهت مشكلة ارتفاع بفعل أسعار الدولار، بينما يفترض بها أن تكون مصدراً للعملة الصعبة وليس الشكوى من نقصانها، أوضح: «ثمة مفاوضات مع مستثمرين في شأن المدينة الترفيهية «ماجيك لاند»، كما دعوت القائم بالسفير الأميركي في القاهرة لزيارة «المدينة» وتناولنا فكرة التعاون في شأن تصوير أفلام هوليوود في استوديواتها، فهي «منطقة حرة» أيضاً، واعداً إياه بتقديم كل التسهيلات الممكنة، وخاطبني بعدها مؤكداً أنه بدأ اتصالاته بشركات الإنتاج، وأتعشم أن تكون تلك التحركات مجدية وتحقق الهدف المنشود». وفي شأن التعاون مع أميركا، بينما ثمة شاشات تبث من «المدينة» ويخرج مذيعوها من الولايات المتحدة مؤكدين أنها ضد مصر، أجاب: «في الدول الديموقراطية هناك دائماً وجهات نظر مختلفة والتقيت السفير الأميركي بوصفي رئيساً للمدينة، وهو دور اقتصادي في حين استدعيته منذ نحو شهرين بصفتي رئيساً للجنة الإعلام والثقافة في البرلمان المصري (وهو دور سياسي ولا يجوز الخلط بينهما)، وأبلغته احتجاجنا من الموقف الأميركي إزاء مصر في الفترة الأخيرة، وواجهته بتعمد تشويه صورتها، بينما تحارب الإرهاب لكونه من رفع تقارير للعاصمة واشنطن تطالب بخفض «المعونة» المقدمة لمصر، وتعهد بأنه سينقل آراءنا إلى الإدارة الأميركية».   المال والعلم قوام الإعلام المؤثر يقودنا هذا إلى الهجوم الذي واجهته مصر من قنوات غربية وإقليمية وحملات التشويه ومع ذلك فشلت الدولة المصرية في امتلاك شاشات تواجه القنوات المحرضة ضد مصر. وهو ما علق عليه هيكل بقوله: «قوام الإعلام المؤثر هو المال والعلم، ولا نمتلك العلم أو المنهج متمثلاً في تحديد الفئات المخاطبة، ثم كيفية التأثير فيها، وثمة ضرورة أن نكون مؤثرين داخل بلادنا أولاً، ومن ثم نبحث كيفية امتداد التأثير خارج الحدود إقليمياً ودولياً، بخاصة أن التوجه إلى أوروبا يحتاج أكثر من لغة لكونها تتحدث أكثر من 16 لغة». وعن استهداف قنوات عربية وإقليمية لمصر، قال: «تلك الشاشات تلعب دوراً استخباراتياً، وإذا ابتغينا إطلاق قناة لمواجهتها، ينبغي أن تتوافر لنا القدرة الدفاعية، فثمة حرب حديثة هي «حرب الإعلام» والتي تستهدف التأثير في العقول». وأضاف: «كارثة الإعلام المصري أنه يلعب على وتر المشاعر والعواطف، وإذا خاطبنا الخارج بخطاب الجمهور المصري ذاته، فهذا من شأنه أن يجعلنا مثار سخرية العالم، إذ نعاني خللاً ليس فقط في الإعلام بل في تربية العقول، فثمة حال من اللغط أصابت الأجيال، وثمة مشكلة في كتابة التاريخ، إذ هناك شخصيات اتهمت في الماضي بالخيانة، بينما تكرم حالياً». وشرح قائلاً: «أسرد ذلك لأدلل أن الإعلام الموجه يسهل عليه التسلل للمصريين لكوننا عاطفيين ولا يواجه الخارج صعوبة في اللعب على وتر ذلك، وإذا أردنا محاكاة الغرب فيتحتم استخدام خطاب العقل». ولفت رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاح الإعلامي إلى أن «الإعلام الخاص لا يمكنه القيام بهذا الدور، ولا أتدخل في سياسات القنوات، فهي ذات رؤس أموال خاصة، ويطلقها رجال أعمال بدافع تحقيق مكاسب مالية، أو اكتساب النفوذ وتأمين المصالح، و»إعلام الدولة» فقط، هو ما يعول عليه في شأن صناعة «إعلام وطني قومي» يمكنه مواجهة ذلك». وفي شأن أزمة «شبكة قنوات الحياة» واتهامات بعضهم بكونها مفتعلة وتستهدف «الحياة» فقط، بينما قنوات أخرى لم يتخذ إجراءات ضدها، قال: «لم أستهدفها وخلال أدائي لمهمات منصبي أخلع عباءتي «السياسية»، ولكن استمرت شبكة تلفزيون «الحياة» في عدم سداد مديونيتها على مدار عام ونصف العام، بينما ينوط بي تأجير الاستوديوات بغية الربح وتحصيل المستحقات وفقاً لنظام العمل، وليس من مصلحة إدارة المدينة تعطيل عمل القنوات، لكون تشغيلها يضمن تسديد مستحقاتنا لذا أعمل على توفير التسهيلات، ولكن لن أقف مكتوف الأيدي بينما «الحياة» لا تسدد القيمة الإيجارية لسنوات، ومن دون محاولة من جانب إدراتها للتسوية أو جدولة ديونها، ولو أقدمت على ذلك لتساهلت وساعدتها، كما حدث مع قنوات أخرى». ونفى هيكل الادعاءات القائلة أن ثمة قنوات عليها مديونيات ومع ذلك تم التغاضي عنها، قائلاً أن «هذا محض ادعاء والمستندات الرسمية تؤكد عدم صحة ذلك، وأشير هنا إلى مديونية الاستوديوات، أما الدراما فيجري التفاوض بشأنها، والمقصود بتلك الادعاءات هي «شبكة تلفزيون النهار»، التي قامت بجدولة ديونها كما أن مديونيتها المتعلقة بالاستوديوات أقل بكثير». وعن إلغاء منصب وزير الإعلام قال: «طبيعة مصر لا يصلح معها إلغاء ذلك المنصب، ولكن ساد انطباع حول وزير الإعلام قبل عام 2011، بكونه المتحكم في كل شيء، وله طابع ديكتاتوري. ولكن في ظل التطورات الحالية، صرنا في حاجة إلى وزير إعلام سياسي يصوغ استراتيجية إعلامية للدولة محلياً ودولياً، مع استمرار مجالس الإعلام الحالية من أجل التنظيم والمراقبة». وبصفته رئيساً للجنة الثقافة والإعلام في البرلمان المصري، أكد أن أجندة اللجنة خلال الانعقاد التشريعي الجاري هي استكمال قانون تنظيم الإعلام والصحافة، نافياً أي معوقات لإصدار التشريع الذي يتضمن التفاصيل الدقيقة لإدارة العملية الإعلامية في الصحافة والإذاعة والتلفزيون والإعلام الإلكتروني، منوهاً بأنه سيمنح وقتاً كافياً لمناقشة القانون كي لا يخرج على عجل، كما يعمل على صوغ مشروع قانون لإحياء المجمع العلمي. وعن كونه أحد مؤسسي وقيادات ائتلاف دعم مصر (صاحب الغالبية في البرلمان) والمعروف بدعمه للحكومة لكنه أبدى آراء معارضة في قضايا عدة، وبينها السياسات الاقتصادية للدولة، فأجاب: «أنا مستقل واستخلص آرائي من قناعاتي الخاصة، وجاء تأسيس الائتلاف لكوننا ندعم فكرة نظام الحكم الجديد المناهض لحكم «الإخوان المسلمين»، والاختلاف ليس عيباً، وأعلن عن رأيي الشخصي، أما رأي الائتلاف فيعلنه رئيسه أو الناطق باسمه كي لا يحدث خلط، بخاصة أنني كنت معارضاً للسلطة طوال عمري، بيد أن الظروف السياسية التي مرت بمصر خلال السنوات الأخيرة جعلت ثمة ضرورة لمساندة نظام الحكم الحالي، وهذا لا يعني التأييد المطلق». وشدد على أن لا أحد في الائتلاف بإمكانه أن يمارس الضغوط عليه لتغيير قناعاته». وعلق رئيس لجنة الإعلام في مجلس النواب على الدعوات المطالبة بتغيير الدستور وتمديد فترة الرئاسة بقوله: «الدستور المصري يعج بالعيوب وتغيب عنه المرونة في بعض نصوصه ومنها ما يتعلق بالنوبة والعدالة الانتقالية والنسب المئوية الخاصة بالتعليم والبحث العلمي، فيما يفترض أنه يقوم على أساس المفاهيم العامة»، لافتاً إلى أن الدستور الأميركي يتكون من 11 مادة فقط. ونفى هيكل الأقاويل السارية حول المادة الخاصة بالفترة الرئاسية، قائلاً إنها محض إشاعات وليست حقيقة، ويعارضها بشدة، لكنه يرى أن قصور الفترة الرئاسية على أربع سنوات يعد فترة ضئيلة، ويحبذ أن تصبح خمس أو ست سنوات، ولكن بحد أقصى من مدتين رئاسيتين لا تفويض فيهما.

مشاركة :