مندوبية إدارة السجون وإعادة الإدماج الحكومية تشرف على البرنامج بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.العرب [نُشر في 2017/10/21، العدد: 10788، ص(4)] الحوار مع السلفية الجهادية مهم الرباط - يعمل المغرب على تنفيذ المرحلة الثانية من برنامج المصالحة الذي يهدف إلى تأهيل مساجين الإرهاب فكريا وإعادة إدماجهم في المجتمع. ولجأت السلطات إلى اعتماد هذه التجربة لمحاصرة ظاهرة التطرف في ظل ارتفاع عدد المحكومين في قضايا إرهابية. وشددت مندوبية إدارة السجون وإعادة الإدماج الحكومية على أهمية تعميم البرنامج، بفضل “النتائج الإيجابية” التي تحققت في النسخة الأولى أمام ارتفاع عدد المعتقلين في قضايا التطرف والإرهاب. وبلغ عدد مساجين الإرهاب ألف معتقل خلال عام 2016، مقارنة بـ723 معتقلا في 2015. وتشرف المندوبية على البرنامج بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتم تنفيذ النسخة الأولى بين 29 مايو و25 يوليو الماضيين. وأعلنت المندوبية في 24 أغسطس الماضي اعتزامها إطلاق نسخة ثانية من برنامج “مصالحة” القائم على ثلاثة محاور أساسية. ويرتكز البرنامج على “المصالحة مع الذات والمصالحة مع النص الديني والمصالحة مع المجتمع”. واعتبر محمد ضريف الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن برنامج “مصالحة تعبير عن تحول في موقف الدولة المغربية”. ورأى ضريف أن “اعتماد البرنامج يؤكد أن السلطات رفعت كل تحفظاتها بشأن المدانين بقضايا الإرهاب، وأصبحت تدرك أهمية تأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع”. ولإبراز “التحول النوعي” في موقف الدولة تجاه معتقلي السلفية الجهادية، أشار الباحث المغربي إلى أن “الدولة كانت ترفض إلى عهد قريب الحديث عن أي مصالحة وكانت تعتبر المخرج الوحيد لمغادرتهم السجن هو التماس العفو الملكي”. وبالمقابل يرى محمد مصباح باحث مغربي مشارك في معهد “شاتام هاوس” بلندن، أنه “من المبكر جدا تقييم البرنامج والحديث عن تأثيره في مكافحة التطرف لكنه في حد ذاته يعتبر خطوة مهمة”. وتابع مصباح أن “الدولة المغربية انتبهت إلى أهمية الحوار مع المعتقلين السلفيين، مقارنة مع دول عربية أقل ديمقراطية أطلقت برامج مماثلة منذ عهد طويل”. ورأى أن “الحوار مهم لكنه ليس كافيا إذا لم يتبع بسياسة إدماج متكاملة ومندمجة تراعي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية”. وقال الداعية حسن الكتاني المعتقل السابق على خلفية قضايا إرهاب قبل أن يفرج عنه عام 2015، إن “أي مبادرة تهدف إلى محاصرة الغلو يجب تأييدها خاصة أن منسوب الغلو يزداد سنة بعد أخرى”. ودعا إلى “إنتاج برامج مماثلة خارج السجون أيضا، وإفساح المجال أمام خطباء المساجد والعلماء والدعاة ليبلغوا دين الله”. واستفاد 14 معتقلا من السجناء المدانين في قضايا إرهاب من العفو الملكي في 20 أغسطس الماضي، نتيجة تنفيذ النسخة الأولى من برنامج “مصالحة”. وهؤلاء المعتقلون من خريجي برنامج “مصالحة” ممن تأكد “تخليهم عن الأفكار المتطرفة واحترامهم لمقدسات البلاد ومؤسسات الدولة”، وفق السلطات المغربية. وتقول الإحصائيات الرسمية إن عدد السجناء الذين استفادوا من النسخة الأولى من برنامج “مصالحة” بلغ 25 سجينا، يمثلون عينات من مختلف الاتجاهات “الجهادية” بعضهم محكوم بعقوبات تصل إلى الإعدام. وتعتبر مندوبية إدارة السجون في بيانات رسمية أن برنامج “مصالحة” يتمايز عن برامج المراجعات والحوارات الفكرية التي تم اعتمادها وطنيا وإقليميا في مراحل سابقة. وتشير إلى أن الهدف المركزي لبرنامج “مصالحة” هو “التأطير الشمولي للسجناء وتأهيلهم نفسيا وفكريا وسلوكيا، للتعامل بطريقة سليمة مع نظم المجتمع وفعالياته المؤسساتية”. وفي نهاية النسخة الأولى من البرنامج نظمت مناظرة للمستفيدين منه بعنوان “تفكيك الخطاب الديني المتطرف”. وكانت المناظرة بمثابة تمرين لاستيعاب ما تلقوه من معرفة في البرنامج. كما يستفيدون من متابعة نفسية حتى بعد الإفراج عنهم.
مشاركة :