Mark Felt: The Man Who Brought Down the White House، فيلم مهم من الناحية التثقيفية، لكن إعداده متواضع على أفضل تقدير. فيلم Mark Felt رواية عن جريمة اقترفها الرئيس نيكسون، وإنكاره العنيد والمراوغ خلال تحقيق واترغايت، والمعلومات الخطيرة التي كشفها مارك فيلت، مساعد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الذي كان يتولى التحقيق الفدرالي (ربما يقول بعض المشاهدين إنه يعكس الحوادث الراهنة، إلا أن أوجه الشبه هذه عرضية لأن العمل كُتب عام 2006). ليام نيسون أفضل ممثل لأداء دور فيلت، ذلك الرجل الطويل بمظهره المميز، وشعره الرمادي المصفف بإتقان، وسلوكه الهادئ المصمِّم، وصوته العميق. تتجلى ملامح هذه الشخصية بفاعلية خلال مشاهد الفيلم الأولى مع أداء فيلت {طقوسه} الصباحية في منزله المرتّب بدقة والمطلي بالأبيض الناصع في إحدى الضواحي. وعندما يتوجّه إلى مقر المكتب ببزته السوداء، وقميصه الأبيض، وربطة عنقه غير البارزة، ندرك أنه رجل جاد يتحكّم بتفاصيل حياته. بعدما أمضى 40 سنة يصعد السلم تدريجياً في مكتب التحقيقات الفدرالي ليصبح الرجل الثاني، يُعتبر فيلت الخلف المنطقي بعد وفاة المدير ج. إدغار هوفر عام 1972. ولكن بدلاً منه، يعين نيكسون ل. باتريك غراي الثالث، الذي لطالما كان من الأوفياء له. ويُظهر الفيلم أن هذا القرار شكّل ضربة لفيلت وعاملاً رئيساً في ما تلى. يصمِّم فيلت على بناء الضغط الشعبي والسياسي ضد إدارة تحاول التلاعب بوكالته لأغراض حزبية. لذلك يعمد سراً إلى تسريب المعلومات إلى وسائل الإعلام، التي تطلق عليه الاسم المستعار {الحنجرة العميقة}. يدرك فيلت، مستعيناً بحدسه الذي شحذه خلال عمله الطويل في مجال الاستخبارات، متى عليه النظر خلفه بحذر فيما يجري اتصالاً سرياً من حجرة هاتف في ليلة ماطرة. حنين وإنذار ستولّد هذه العودة إلى مرحلة باكرة من الفضائح في واشنطن الحنين في نفوس بعض المشاهدين، وستطلع آخرين على حقبة كانوا يجهلونها، في حين أنها ستشكّل رواية تحذيرية لكثيرين. لكن قليلين سيتأثرون على الصعيد الإنساني. يحاول الكاتب والمخرج بيتر لاندسمان (الذي كان أيضاً الكاتب والمخرج في فيلم Parkland عن اغتيال جون كينيدي) إظهار فيلت كشخصية مذهلة، إلا أن حياته الأقل من عادية لا تمنحه فرصاً كثيرة. نلتقي زوجته (ديان لاين) التي هجرته ونسمع قصة عن انتهاكه سياسة مكتب التحقيقات الفدرالي بتعيينه عملاء للتحقق من المجتمعات الهيبية بعدما هربت ابنته من المنزل. ولكن ما هذا إلا وجه ثانوي من أوجه محور الفيلم الرئيس. تستمد هذه القصة قيمتها الحقيقية من براعة فيلت في التجسس وألعابه البيروقراطية التي يضاهي فيها رئيسه الجديد، والبيت الأبيض، وزملاءه المختلفين ذكاء، ما يمنح المشاهد إحساساً بأنه يشاهد حقاً مناورات استخباراتية. سلف مذهل من الصعب تقييم هذا الفيلم بمعزل عن سلفه المذهل All the President’s Men، الذي سرد هذه الرواية من وجهة نظر مراسلَي {واشنطن بوست} بوب وودوارد وكارل برنستين. يقلّد Mark Felt بعض مشاهد الفيلم السابق وجوّه العالم الحالك، إلا أنه يخفق في مضاهاة عمل روبرت ريدفورد وداستن هوفمن الأصلي. وهكذا يكون فيلماً غنياً بالوقائع إنما تعوزه الدراما، فيلماً أُعدّ باحتراف إنما من دون شغف.
مشاركة :