القاهرة: أحمد إبراهيم صالح أحمد فؤاد سليم، فنان مصري، اسمه وحده علامة بارزة لفناني الجيل الحالي، فهو لا يخرج في أعماله نهائياً عن النص، يختار أدواره بعناية أو بمعنى أصح تختاره هي وتسعى إليه، وكل الشخصيات التي يقدمها تشبهه، وليست سطحية؛ بل لها معنى مؤثر في العمل ككل.شارك في أبرز الأفلام المصرية، منها: «المهاجر» و«المصير»، وله العديد من المسلسلات المهمة بتاريخ الدراما العربية، مثل: «ذو النون المصري»، وآخر مشاركاته التلفزيونية كان مسلسل «أرض جو»، الذي جسّد خلاله شخصية صاحب مكتبة لبيع الكتب، وعن أدواره وأفلامه وعلاقته بالراحل المخرج يوسف شاهين، وما يتمنى تجسيده من شخصيات، كان معه الحوار التالي..*كيف يكون اختيارك للأدوار التي تقدمها؟- للقراءة الأولى والانطباع الأول أهمية كبيرة؛ لأنها المؤشر على المشاركة أم لا، وبالتأكيد يأتي بعد ذلك الهدف من العمل ومضمونه والقصد من الدراما المقدمة، هذا إضافة لاسم المؤلف ومن المخرج، وبالطبع الشركة المنتجة وفريق العمل، وكل هذه تفاصيل لاحقة إلا أن الأهم دائماً بالنسبة لي الفكرة والقيمة والمتعة الدرامية.*وما رؤيتك عن التمثيل حالياً؟- للأسف أصبح أكل عيش لبعض الفنانين «مجرد سبوبة»، وبالنسبة لي هو هدف في الحياة، فنحن أفكار مطبوعة بهيئة أشخاص، نكمل بعضنا؛ لتحقيق الغاية العظمى من خلق الله لنا. *لماذا جسّدت شخصية الموسيقار ميشيل المصري في فيلم روائي قصير؟- ميشيل حدوته مصرية، والفيلم من إنتاج التلفزيون ولمخرجة شابة، والتقيت الموسيقار ميشيل مرة واحدة، وكل ما كان يهمني منه هو كيف صنع هذه العبقرية الموسيقية، وما أبرز الملامح الشخصية لهذا الفنان، وأراه نموذجاً إنسانياً وفنياً فريداً، فلقد قدم العديد من الأعمال الموسيقية التي أثرت الحياة المصرية والعربية؛ بل وأتمنى أن أجسد شخصيته في عمل درامي كبير. *كيف قرأت شخصيتك بمسلسل «أرض جو»؟- صاحب مكتبة للكتب، هدفه الوحيد أن يقرأ الناس؛ لأن الثقافة ستزيد وعيهم، خصوصاً أنه يمتلك ذخيرة من خبرة الاطلاع على ثقافات متعددة، وهو أيضاً مثقف مهموم بمجتمعه عن حق، وإذا كانت أحداث المسلسل تدفع بكل الشخصيات إلى اتجاهات غريبة نتيجة التغييرات التي تطرأ على المجتمع، فمنهم من ينحرف ويصبح إرهابياً، وتلك التي تتزوج رجل أعمال وتتورط معه في أعمال غير شرعية، إلا أن شخصية صاحب المكتبة تتلخص في اسمه «فؤاد» وهو دليل على أنه قلب المجتمع، وهو نموذج لرب الأسرة الذي أصبح موضة قديمة في نظر الكثير من أبناء هذا الجيل.*في رأيك، لماذا تعرض المسلسل لهجوم أغلب النقاد؟- العمل به فكرة جيدة، فالأجيال الجديدة ترى الحياة بنظرة مادية بحتة، وأصبح الفرد بهذا المجتمع في حالة وحدة شديدة، وعليه أن يعمل من أجل نفسه فقط، وصراحة من يعمل لحساب نفسه هو فقير جداً؛ لأن مبدأ الحياة الأخذ والعطاء، وهذا ما تنكره الأجيال الحالية التي أصبحت في منتهى الأنانية، والمولى خلق هذا الوجود لنتعارف ونكمل بعضنا، أما إذا كانت الدراما قد حدث بها بعض من الانحراف فإن هذا يرجع للمؤلف ولرؤيته لطبيعة عمله والشخصيات. *آخر أفلامك للسينما «من 30 سنة» حقق نجاحاً كبيراً، ما السر وراء ذلك؟- لأن العمل ضم عدداً كبيراً من النجوم، وموضوعه يغري بالمشاركة، فعندما يصبح الهدف والغاية من الحياة هو الكسب المادي فقط، وبغض النظر عن نوعية هذا الكسب وهذه الأرباح، ينقلب عليك الأمر وتتحول المادة هي الغاية والهدف، وهو مشهد أقرب لما حدث ويحدث لقطر الآن، فهؤلاء الصبية يلعبون لصالح ذواتهم فقط وليس لحساب المجتمع أو المحيط الذي يعيشون فيه. *كيف تتعايش مع شخصيات أعمالك؟- كل شخصية محمّلة بقضايا وأفكار تؤثر في سلوكها وردة فعلها، وكل شخصية تحتاج لشكل دراسة مختلف عن الأخرى، فهناك الظروف الخاصة والمؤثرات والضغوط التي تخضع لها، وتؤثر في اتخاذها القرار وتحركها، ولا بد لي كفنان من أن أقتنع بسلوكياتها حتى أحقق المعايشة، مثلما حدث في شخصية عبد الظاهر بمسلسل «الخواجة عبد القادر»، فهو ديكتاتور يمتلك ثروة ونفوذاً بمجتمعه، ويظهر له فجأة الخواجة عبد القادر بظروفه الصعبة وشخصيته الغريبة، ثم يطلب منه الزواج من أخته وهو الرجل الحاكم، فماذا يكون ردة فعل هذه الشخصية، إن دراسة سلوك الشخصية وانفعالاتها هي عملية حساب ومنطق لكل تفصيلة، وفي كل الأحوال يمكنني القول إن أدواري تشبهنني. *هل تحرص على تنوع الأدوار التي تقدمها؟- أنا مشخصاتي، وأحب هذا المصطلح جداً، وطول الوقت أسعى لتشخص فعل جديد مختلف، والناس جميعاً في حالة تمثيل دائم، فالأسد الذي تحول لبهلوان بالسيرك يشخص ويمثل من أجل هدف يسعى لتحقيقه، والحياة كلها قائمة على التشخيص، إلا أن التشخيص الرديء هو أن تقوم بالفعل وعكسه بنفس الوقت أي الكذب والتصنع، والتمثيل الحقيقي هو البحث عن الحقيقة وعن الشخصية الحقيقية، والوصول لهذه الحالة من الصدق يحتاج لخبرة وثقافة ومعرفة العلوم المختلفة وبالقلب منها علم النفس. *كيف كان شكل العلاقة الفنية بينك وبين المخرج الراحل يوسف شاهين؟- تعرفت إلى «جو» من خلال عرض مسرحي للنجم خالد النبوي، فلقد كنا أصدقاء، وكان يقدم مسرحية «لعبة الموت» لتوفيق الحكيم بالمسرح القومي، وطلب مني الحضور، وبالصدفة حضر الأستاذ بنفس الليلة لاهتمامه بنجمه المستقبلي، فتعارفنا بعد العرض، وبدأت من هنا علاقتنا الفنية وشاركت معه بفيلم «المهاجر» ثم «المصير» وقدمت معه ثمانية أفلام تقريباً.وشاهين حالة فنية في كل تفاصيله، له بصمة خاصة ويجيد استخراج ما بداخلك من طاقات، ويقدم صورة غنية من خلال صناعة مفارقات كثيرة وعلامات استفهام متعددة تحقق ثراءً فنياً، ودائماً ما كان يراني امتداداً للنجم الراحل محمود المليجي. *ما الشخصيات التي تتمني تجسيدها؟- صراحة كثيرة جداً، فأتمنى تجسيد شخصية الفاروق عمر بن الخطاب، سيدنا علي بن أبي طالب، وزوربا اليوناني، وملك النبيذ لأنطوني كوين، ولقد سبقتنا دول عديدة في تقديم شخصيات دينية وأخرى لها تأثير بالإنسان تحقق له المعرفة والعلم وحب الحياة، وهو ما نحتاج إليه الآن من فن مغاير لما يحدث حولنا من دمار وحروب، فنحن بحاجة لوجوه فنية متفائلة.
مشاركة :