محمد حجازي يكتب: التباطؤ في المصالحة.. أسباب و حقائق

  • 10/22/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يدرك الفلسطينيون أن ما تم التوافق عليه بين حركتي فتح وحماس من إتفاقيات يؤسس لنظام ثنائي القطبية، و ذلك بسبب طبيعة هذه الإتفاقيات التي كانت بإستمرار تبتعد عن التوافق في قضيتين هامتين لا يمكن الهروب منهما؛ البرنامج السياسي وقضية السلاح، خاصة و أن طبيعة الحركتين محكومة، أولا بطبيعة حركة حماس التي خرجت من رحم حركة الإخوان المسلمين التي لا تؤمن بالتعددية السياسية و الفكرية، و هي تسعى للسيطرة و بناء مجتمع ذي طبيعة فكرية واحدة، فكل المتغيرات التي حدثت في الحركة، وإن كانت هامة، لا تخرجها من هذه المعادلة، وثانيا بملابسات نشأة حركة فتح ونشأة الوطنية الفلسطينية على يدها، وهي تسعى للشراكة ولضم جميع الفصائل الفلسطينية في إئتلاف واحد، وهو منظمة التحرير الفلسطينية، ولكنها ترى هذا الإئتلاف من زاوية الهيمنه وضمان إحتكار القرار، تجربة المنظمة تشير إلى ذلك، ولاحقا تجربة السلطة. التباطؤ الحاصل في تنفيذ ما توافق عليه الطرفان في 12 أكتوبر 2017 في القاهرة، يعود بدرجة أساسية إلى البداية الخاطئة. تم التركيز على القضايا الصغرى و التفصيلية، والتي من المفترض أن تكون نتاجًا توافقيًا للقضايا الكبرى، في مقدمة ذلك البرنامج السياسي، خاصة وأن هناك أرضية لذلك بعد المراجعات التي عبرت عنها حماس في وثيقتها الأخيرة، بدون برنامج سياسي توافقي يحدد طبيعة النظام السياسي، وهذا الخطأ كانت قد إرتكبته قيادة السلطة في عام 2006 عندما سمحت لحماس  بالمشاركة في الإنتخابات، بدون أن تعترف بطبيعة النظام السياسي الفلسطيني الذي حددته وثيقة الإستقلال والقانون الأساسي. والقضية الثانية هي السلاح، الذي تتهرب دائما حماس من طرحه، وتعتبره حركة فتح بأنه يؤسس للثنائية القطبية أو بقاء سيطرة حماس على القطاع بشكلها الحالي، ولكن من الممكن التوافق على صيغة توافقية لضبطه وتنظيم إستخدامه، كيف لسلطة  أن تبسط سيطرتها على قطاع غزة وهي لا تحتكر القوة في إطار الحكم، وفرض هيبتها؟.. و الحديث عن تسلم الحكومة للوزارات و المؤسسات الحكومية بدون التوافق على موضوع السلاح، الذي إستخدم في عام 2007 لحسم الصراع، يدخلنا إلى مربع الخلاف الأول. لا يمكن أن نتحدث عن إنهاء الإنقسام و إستعادة الحياة الديمقراطية، بدون توفر الإرادة السياسية للتوافق على البرنامج السياسي و على موضوع السلاح والذهاب للإنتخابات العامة. وهنا التوافق الوطني ضرورة وطنية، خاصة و أن الوضع العام الذي يحيط بالقضية الوطنية حساس جدًا. تراجع الإهتمام بالقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي و العربي، خاصة بعد حروب الإقليم، والحديث عما يخطط للقضية الفلسطينية، “صفقة القرن” و فرض تسوية سياسية مع إسرائيل، تنتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لذلك علينا الإسراع في إنهاء الإنقسام، والتوافق على برنامج سياسي موحد، حتى نتفرغ لمواجهة “صفقة القرن”. يعتقد الكثيرون أن إجراءات السلطة الأخيرة التي إتخذتها ضد قطاع غزة عجلت بإلغاء اللجنة الإدارية من قبل حركة حماس، ومهدت الطريق لاتفاق القاهرة الأخير، هذا يبدو كلامًا منطقيًا إذا ربطناه بالمتغيرات التي حدثت لحماس، سواء داخلية أو خارجية. ولكن إستمرار الإجراءات حتى هذا التاريخ يبقى غير مفهوم من قبل المواطنين، ومن حيث المبدأ لا يجب ربط حاجات الناس الأساسية  بالسياسه والتجاذبات، لأنها عند ذلك تكون عقابًا للمواطن قبل حماس، والثمن كان كبيرًا، فمن غير المفهوم إستمرار هذه الإجراءات حتى الآن. و الحديث عن أن إلغاء العقوبات مرتبط بتسلم الحكومة للقطاع كاملًا، و بدون تدخل من حركة حماس أو أي عوائق، كلام صحيح، ولكن عندما تمس حياة الناس هنا الفاجعة، و إذا كانت هناك أزمة مالية لدى السلطة، يعلن عن ذلك وعلى الجميع تحمل الأعباء، عندها المواطن يفهم ويصبر. ومن جانب آخر عدم التوافق على القضايا السالفة بالـتأكيد  سيعكس نفسه على أداء الحكومة، وهو حتى هذه اللحظة مرتبك و بدون رؤية واضحة، وأيضا غير معروف ماهي المقاييس التي سوف تشير إلى بسط الحكومة لسيطرتها على القطاع؟.. وإذا سارت الحكومة بهذا التباطؤ الحاصل فاعتقد بأن بسط سيطرتها على القطاع  يحتاج إلى الكثير من الوقت الذي يتجاوز ما إتفق عليه في القاهرة وهذا المرجح، فهل سيصبر المواطن حتى ذلك التاريخ غير المحدد؟. قضايا دمج الموظفين وتفعيل مؤسسات القطاع ووحدتها مع المحافظات الشمالية، تحتاج إلى رؤية تحددها وتنفذها لجان مشتركة بين موظفي السلطة القدامى وموظفي حماس بإشراف مباشر من الحكومة، ووفق القانون، وخاصة قانون الخدمة المدنية، وهذا لا يتعارض مع عمل اللجنة الإدارية لتقييم الموظفين القدامى وموظفي حماس ضمن معايير يحددها قانون الخدمة المدنية. إن التوافق السياسي و البرنامجي سيمهد الطريق لحل جميع القضايا، ويضع الأساس لنكون جماعة سياسية واحدة تحضر نفسها لنيل الحرية والإستقلال، وقبل ذلك الإستعداد لمجابهة ما يحاول في العلن والخفاء فرض صفقة القرن لحل الصراع العربي الإسرائيلي، هذا هو السبب المباشر لإنهاء الإنقسام في هذه المرحلة الحساسة، اليوم قبل الغد.   * كاتب مقيم في فلسطين

مشاركة :