كثيرون هم الذين يلقون باللائمة على شجرة (الكونوكاربس) عندما تخترق جذورها شبكات المياه والصرف الصحي في منازلهم لتنمو داخلها وتتمدد بحثا عن المياه متسببة في تعطيل انسياب المياه وتكبيدهم اعباء مالية هم في غنى عنها. وعلى الرغم من اجماع الكثيرين على ان (الكونوكاربس) شجرة جميلة وسريعة النمو وتقبل التشذيب فانهم لا ينصحون بزراعتها امام المنازل مباشرة او الحدائق نظرا لتأثيرها على البنية التحتية اضافة الى استهلاكها المياه بكميات كبيرة. وقرر هؤلاء اجتثاث هذه الأشجار من جذورها في حدائقهم المنزلية وامام بيوتهم موثقين ما تسببت به من تدمير لشبكات المياه والصرف الصحي في مقاطع فيديو واستبدالها بأشجار غير ضارة ومفيدة في الوقت نفسه للبيئة الكويتية مثل السدر والزيتون والنخيل. وانطلاقا من المثل الشائع "اسأل مجرب ولا تسأل طبيب" حذر العديد من الأشخاص المواطنين الذين يرغبون بزراعة حدائقهم المنزلية من استخدام شجرة الكونوكاربس نظرا للضرر الكبير الذي تلحقه بمنازلهم وبالأشجار الاخرى القريبة منها وكذلك تأثيرها على صحة الانسان. الا ان بعض المزارعين رأوا عكس ذلك مؤكدين ان اختراق جذور شجرة الكونوكاربس شبكات الصرف الصحي في المنازل يعود الى الاستخدام الخاطئ في التعامل معها وتجاهل ريها بشكل دائم ما يدفعها الى التمدد لامتار طويلة بحثا عن الماء. وشددوا على ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة عند زراعة هذه الشجرة ومنها اجراء اعمال الصيانة الدورية لانابيب الصرف الصحي وخطوط الخدمات الأرضية القريبة من الكونوكاربس والتخلص من الانابيب القديمة واستبدالها بأخرى حديثة. وأثار هذا الرأي سخط الكثيرين الذين رأوا أنهم "غير ملزمين" على الاطلاق بتحمل اي تكلفة مادية من أجل اعمال صيانة دورية لحماية شبكات الصرف الصحي من جذور شجرة تهدد البنية التحتية لمنازلهم. وقالوا انه كان الاجدر بهؤلاء المزارعين حين معرفة الاضرار التي تسببها جذور شجرة الكونوكاربس النصح بتجنبها وعدم زراعتها امام المنازل مباشرة. وفي هذا الصدد قالت فاطمة النجدي لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم ان شجرة (الكونوكاربس) التي كانت مزروعة امام منزلها نمت جذورها وتمددت وكادت ان تدمر سور المنزل لولا ان تم تدارك الامر. وحذرت الجميع من خطورة جذور الشجرة وعدم السماح لجيرانهم بزراعتها امام منازلهم بعد معرفة حجم الاضرار التي تسببه لشبكات المياه والصرف الصحي والاشجار القريبة منها. من جهته قال خالد مبارك في تصريح مماثل ان جذور شجرة (الكونوكاربس) دمرت انابيب الصرف الصحي في منزله بالكامل ما اضطره الى استبدالها بأخرى جديدة. وطالب الجهات المعنية في الدولة بتحذير المواطنين من زراعة هذه الاشجار امام منازلهم موضحا ان المواطن في النهاية هو من سيدفع الثمن. ويبقى كل ما أثير حول شجرة الكونوكاربس التي لا تزال منتشرة في الكويت مجرد مزاعم وأقوال لاتستند الى اي دليل علمي شأنها شأن بعض الأشجار التي نالها نصيب من المطالبات بمنع زراعتها كونها تسبب الحساسية وتنشط الخلايا السرطانية في جسم الإنسان. وفي هذا الاطار نصح الباحث في معهد الكويت للابحاث العلمية الدكتور هاني الزلزلة بعدم زراعة شجرة الكونوكاربس قرب المنازل والبنايات "بسبب شراهة نظامها الجذري للماء والذي قد يلحق الضرر بشبكات المياه والصرف الصحي لاسيما اذا كانت متهالكة". وشدد على ضرورة التأكد قبل زراعة شجرة الكونوكاربس من عدم وجود انابيب أو قنوات قريبة منها موضحا ان اكثر الاضرار ناتجة عن أخطاء فنية وقلة معرفة بطبيعة النباتات قبل زراعتها. ولفت الى أهمية التأكد قبل زراعة اي شجرة من البنية التحتية التابعة لوزارة الاشغال والكهرباء والمواصلات مثل أنابيب الماء وكيبلات الكهرباء والتلفون وإستشارة المتخصصين بالجهات الحكومية والتعرف على طبيعة النبات ومتطلبات الصيانة قبل الزراعة. وحذر الزلزلة من اقتلاع اي شجرة مزروعة في مكان خاطئ وقريبة من مبان حكومية من دون التنسيق مع متخصصين في مجال الزراعة وذلك لعدم اتلاف خطوط الخدمات الارضية القريبة من النظام الجذري. وقال ان نبات (الكونوكاربس) "يعد صديقا للبيئة ولكن الممارسات الزراعية الخاطئة وعدم المعرفة الكافية بفسيولوجية النبات تجعله نباتا خطيرا في بعض المواقع الخطأ". واوضح ان (الكونوكاربس) "جنس نباتي يتبع العائلة العسمية وتم استقدامه الى الكويت في عام 1988 لاستخدامه في مشروعات وانشطة التخضير المختلفة". واضاف انه خلال فترة وجيزة كان لنباتات (الكونوكاربس) الذي يسمى ايضا ب(الدمس) او (الغلب) تأثير واضح على تطوير وتحسين المنظر الجمالي في الزراعات التجميلية في دولة الكويت بعدما اثبتت تحملها للعوامل البيئة في المناطق القاحلة. وذكر الزلزلة ان اشجار الكونوكاربس تتميز بسرعة معدل النمو الذي يتعدى الكثير من الانواع الاخرى المعروفة اضافة الى لون اوراقها الاخضر الداكن طوال مدار السنة وتحملها للظروف البيئة القاسية مثل ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة. واوضح ان اشجار (الكونوكاربس) تلائم جميع أنواع التربة من رملية الى طينية او (الجتش) وهي عبارة عن تربة صماء غير نافذة للماء وتكون في التربة الجيرية. وقال الزلزلة انه يمكن الاستفادة من شجرة (الكونوكاربس) في تجميل الطرق نظرا لسهولة تقليمها وتشكيلها وعدم تأثرها بالغازات المنبعثة من عوادم السيارات والمصانع كما تستخدم كسياج ومصدات للرياح في المناطق الصحراوية المكشوفة وفي المزارع وهي مصدر جيد للظل الوافر وساتر جيد للضوضاء. وبين ان أوراق شجرة الكونوكاربس التي تكاد تكون متطلباتها للتسميد قليلة جدا تستخدم كعلف للمواشي واغصانها وجذورها كالفحم الزراعي الذي يعد مادة جيدة لتحسين خواص التربة الصحراوية وجعلها تربة زراعية. وأوضح ان نظامها الجذري سطحي افقي وذو كفاءة عالية لتتبع مصدر المياه والاستفادة من رطوبة التربة ويحتوي على شعيرات جذرية ناعمة تتغلغل بسهولة في ثغور الانابيب التالفة للبنية التحتية. من جانبه قال نائب المدير العام لشؤون الزراعة التجميلية في الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية المهندس غانم السند ل (كونا) أن انتشار الكونوكاربس في دولة الكويت منذ العام 1994 على النحو القائم بمواقع الزراعة التجميلية يعود الى نجاحه وملائمته للبيئة. وأضاف ان شجرة (الكونوكاربس) تسهم بفعالية في تحسين البيئة والمناخ من خلال خفض درجة الحرارة وضخ المزيد من الاوكسجين واستخلاص ثاني أكسيد الكربون وامتصاص الضوضاء وصد الاتربة والغبار الا انه لا يمكن استخدامها كمصدات للرياح نظرا لبنائها الخشبي الضعيف وجذورها السطحية. وبالنسبة لعدم تمكن الطيور من بناء اعشاشها على اشجار الكونوكاربس عزا السند ذلك الى سرعة نموها الملحوظ وسهولة حركة اغصانها واهتزازها مع شدة الرياح نظرا للطبيعة الرأسية لنمو افرعها واغصانها الضعيفة ما يتعذر عليه إقامة عش للطيور في مراحل معينة من نمو الشجرة. وحول مشكلة اختراقها خطوط الخدمات الأرضية قال السند ان أشجار الكونوكاربس شأنها شأن أشجار الزينة المزروعة على الطرق والشوارع وجميع مواقع الزراعة التجميلية التي تتمدد جذورها وتلتف حول الخدمات الأرضية وتخترق "فقط" مواضع الفتحات الرئيسية (مانهول) والاجزاء المهترئة في الأنابيب القديمة. وأضاف انه "لا سبيل امام منع اختراق جذور الشجرة لخطوط الخدمات الأرضية حال حدوثه "النادر" الا بإزالة الجذور المتسببة في الانسداد عند أعمال الصيانة الدورية من دون الأضرار بكامل بالشجرة أو نزعها والتخلص من الانابيب القديمة واستبدالها بأخرى حديثة محكمة". وبالنسبة لزراعة (الكونوكاربس) بالقرب من المنازل اكد التزام الهيئة بالزراعة الامنة بما لا يتعارض مع مسار الخطوط والخدمات الارضية موضحا ان جميع أعمال مشروعات الهيئة تخضع للتنسيق المسبق مع الوزارات المعنية ومن خلال اللجنة العامة للخدمات والمرافق. وقال ان الهيئة لا تتردد على الإطلاق في التعاون مع مختلف الجهات لازالة أي شجرة قد تعوق أعمال الصيانة والإصلاحات الضرورية والطارئة بما يصب في خدمة المصلحة العامة. وحول المزاعم المتكررة بان شجرة الكونوكاربس مسببة لأمراض الحساسية والسرطان قال السند ان القبول بهذه المزاعم على نحو متعجل ودون دراسة أو معرفة دقيقة قد تترتب عليه أضرار جسيمة وخسائر حقيقية يصعب تعويضها. وشدد على ضرورة "الاستناد الى دراسات وابحاث موثوقة ومصدقة من المنظمات الدولية والمؤسسات العلمية للتأكد من صحة هذه المزاعم اذ لا يمكن الأخذ بالمضمون الذي تطرق إليه البعض سواء مؤسسات أو أفراد تدعو لإزالة أو التوقف عن زراعة (الكونوكاربس) من دون اي دليل". واوضح ان الهيئة تحرص على استخدام شجرة (الكونوكاربس) على النحو الأمثل بما يخدم أهداف الزراعة التجميلية القائمة على حسن الاختيار والتوزيع والتجانس للمجموعات النباتية المختلفة مع ضمان التشابك والامتداد فيما بينها في المساحات الشاغرة والمتاح العمل فيها دون استثناء بهدف بسط التخضير على مجمل المحيط البيئي. وقال ان الزراعة التجميلية تعبير عن حياة متجددة ومشاهد متحركة تكتسب معها الكويت يوما بعد آخر قيمة تخضيرية وبعدا جماليا وحضاريا ضمن المساعي لجعلها واحة خضراء. يذكر ان بعض الجهات في دول مجلس التعاون الخليجي عمدت الى منع زراعة أشجار (الكونوكاربس) فيما اوصت لجنة شؤون البيئة في المجلس البلدي الكويتي في عام 2014 بإيقاف زراعة تلك الأشجار في المناطق الحضرية والقريبة من الخدمات الأرضية وعمل برنامج توعوي للمواطنين باضرارها وتحديد بدائل أخرى لها.
مشاركة :