إن ما يربط السعودية بالعراق ليس مجرد الجوار والمصالح المشتركة، وإنما أواصر الأخوة والدم والتاريخ والمصير الواحد.. هذه خلاصة كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بمناسبة التوقيع على مجلس التنسيق السعودي العراقي أمس (الأحد) والتي تضمنت محاور إستراتيجية تعتبر بكل المعايير وثيقة لتأطير الشراكة الإستراتيجية بين الرياض وبغداد، والتي تهدف إلى لجم الإرهاب وإرساء الأمن والسلام في المنطقة وإعادة العراق إلى الحضن العربي ودعم وحدته وأمنه واستقراره.وليس هناك شك في أن رعاية الملك سلمان لمجلس التنسيق المشترك، وحضور رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ومشاركة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، أعطت زخما لهذا العمل، وستساهم في تحقيق أهدافه الإستراتيجية التي تصب في تفعيل الشراكة إلى تحالف للقضاء على الإرهاب والتطرف، خصوصا وأن العراق خطا خطوات متقدمة في اجتثاث إرهاب داعش من جذوره، وجاءت مباركة الملك سلمان للعبادي على ما تحقق من إنجازات في القضاء على الإرهاب ودحره، كدليل واضح على أن ينعم العراق بالأمن، بعيدا عن الإرهاب الظلامي والتدخلات الخارجية.ويعكس المجلس الذي تم التوقيع على مذكرة تأسيسه (الأحد) الرغبة الجادة لدى قيادة البلدين في الارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز سبل التعاون في كافة المجالات بما يخدم تطلعات الدولتين، كما أن المجلس سيشكل حجر الزاوية في العمل والتخطيط متوسط وبعيد المدى، بتطوير التعاون في شتى المجالات، باعتبار أن الشعب العراقي والسعودي نسيج اجتماعي واحد وموروث ثقافي مشترك يتكاملان فيما بينهما بترابط وشائج الدم والقربى والجوار.وسيكون تفعيل الجانب الاقتصادي من أولويات مجلس التنسيق، إذ إن هناك مساعي جادة لرفع حجم التبادل التجاري البالغ 23 مليارا خلال السنوات العشر الماضية، ومن المؤكد أن فتح المنفذ البري أمام الصادرات والواردات وتكثيف حركة الطيران بتسيير رحلات مباشرة عبر أكثر من ناقل بين البلدين سيزيد حجم التبادل ويرفع معدلاته، فضلا عن تشجيع تبادل الخبرات الفنية والتقنية بين الجهات المعنية من خلال نقل وتشجيع التقنية والتعاون في مجال البحث العلمي وتوفير الحوافز الاستثمارية التي توفرها المملكة، ومنها السماح بالملكية الكاملة للشركات الأجنبية، انطلاقا من رؤية المملكة 2030.وأكد مراقبون أن استقرار الخليج والمنطقة العربية الدافع الرئيس للمملكة في فتح مجالات للتعاون البناء مع الأشقاء العرب على كافة الأصعدة، وبلورة خريطة طريق لمستقبل المنطقة مبنية على التنمية وبسط الأمن والاستقرار وإنهاء الخلافات والحروب، وهو ما يفتح بارقة أمل جديدة أمام العراق لإنعاش اقتصاده وترميم ما خلفته الحروب.وقد أكد الملك سلمان مراراً خلال العام الحالي على مساندة العراق ودعم أمنه واستقراره، ما دفع بإعادة فتح معبر «جديدة عرعر» البري بعد انقطاع استمر لأكثر من 27 عاماً ومثلها للمعبر الجوي.الشراكة السعودية العراقية المتجددة.. رمت مخلفات الماضي وراء ظهرها، مطلقة إستراتيجية واعدة لمواجهة التحديات وتحقيق الطموحات.
مشاركة :