التلوث يدمر خلايا الدماغ والقلبكشف باحثون أن تزايد حدة التلوث في العالم رفع معه نسبة الإصابة بالأمراض القاتلة، وكشفت أبحاثهم عن تضرر القلب والعقل وخلايا الجسم كلها جراء التعرض للهواء الملوث وغازات المواصلات والمصانع، لا سيما في الدول ذات الدخل المنخفض.العرب [نُشر في 2017/10/23، العدد: 10790، ص(17)]التلوث قتل نحو تسعة ملايين شخص عام 2015 واشنطن - أظهرت دراسة دولية كبيرة أن التلوث يقتل الملايين من الأشخاص في مختلف أنحاء العالم، مشيرة إلى أن غالبية الوفيات تكون ناجمة عن أمراض يسببها التلوث مثل أمراض القلب والسكتات وسرطان الرئة. وأشارت الدراسة إلى أن غالبية الوفيات الناجمة عن التلوث، أي نحو 92 بالمئة، تقع في الدول الفقيرة أو متوسطة الدخل. وأضافت أن التلوث مرتبط بنحو ربع العدد الإجمالي للوفيات في دول تنمو فيها الصناعة بسرعة مثل الهند وباكستان والصين وبنغلادش ومدغشقر. وقال فيليب لاندريجان وهو أستاذ في كلية أيكان للطب في ماونت سايناي بالولايات المتحدة وشارك في الدراسة “إن التلوث أكثر بكثير من مجرد تحد بيئي. إنه خطر شديد ومنتشر يؤثر على أوجه عديدة من صحة البشر”. وقالت الدراسة إن التلوث له علاقة بنحو تسعة ملايين حالة وفاة في عام 2015. وأضافت أن الهواء الملوث لأسباب مختلفة من وسائل المواصلات والإنتاج الصناعي إلى النيران المستخدمة في التدفئة كان السبب الأكبر في الوفيات، إذ أسفر عن نحو 6.5 ملايين حالة وفاة. وجاءت المياه الملوثة في المرتبة الثانية لتسببها في نشر أمراض الجهاز الهضمي والعدوى الطفيلية مما أدى إلى وفاة 1.8 مليون شخص. وكان أكبر عدد من الوفيات الناجمة عن التلوث عام 2015 في الهند بواقع 2.5 مليون شخص تليها الصين بواقع 1.8 مليون شخص. واستخدم البحث الذي أجراه نحو 40 عالما دوليا بيانات من معهد القياسات الصحية والتقييم التابع لجامعة واشنطن ونشر في دورية لانسيت الطبية. حذّرت دراسة بلجيكية من أن تلوث الهواء يضعف وظيفة الأوعية الدموية في الرئتين، ما قد يؤدي إلى تلف الرئتين وفشل القلب.النسبة الأكبر من الوفيات ناجمة عن مشاكل التلوث، أي نحو 92 بالمئة، تقع في الدول الفقيرة أو متوسطة الدخل الدراسة أجراها باحثون بمستشفى جامعة بروكسيل في بلجيكا، وقدموا نتائجها أمام مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب في ألمانيا. ولرصد تأثير تلوث الهواء على وظيفة الأوعية الدموية الرئوية، راقب الباحثون أكثر من 16 ألف شخص في الفترة من 2009 إلى 2013. ووجد الباحثون أن تعرض الأشخاص لملوثات الهواء وعوادم الديزل بشكل متزايد، يضعف وظيفة الأوعية الدموية في الرئتين، خاصة بين الأشخاص الذين يعانون من توقف التنفس أثناء النوم. وقال الدكتور جان فرنسوا أرجاشا، أستاذ أمراض القلب وقائد فريق البحث، إن “تلوث الهواء يعتبر مشكلة صحية عامة ورئيسية بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية”. وأضاف أن “ممارسة الأنشطة البدنية والقيام بالمهام اليومية في هذا الهواء الملوث قد ينجم عنهما تلف الرئتين، وربما يؤدي ذلك إلى فشل القلب”. وطالب بتوفير “بيئة نظيفة والسيطرة على عوامل الخطر التقليدية، مثل ارتفاع الكولسترول في الدم، والحد من مرض السكري من النوع الثاني، فضلا عن خفض تراكم الجسيمات السامة لغازات أكسيد النيتروجين، والتي تعد أحد أهم ملوثات الدورة الدموية الرئوية، والمساهمة في تلف الرئتين”. وأظهرت دراسة أميركية-يابانية مشتركة أن تلوث الهواء مرتبط بتأثيرات مدمرة على المخ. وأشارت الدراسة التي أجرتها جامعة “ييل”، وجامعة “بيكنغ” في بكين إلى أن تلوث الهواء يمكن أن يؤثر على القدرات العقلية من خلال التسبب في انكماش المادة البيضاء في المخ. وقال الباحثون، وفقا لصحيفة ديلي ميل البريطانية، إن الرجال المتقدمين في العمر يكون تأثرهم العقلي بفعل تلوث الهواء أسوأ، فقد أظهرت النتائج أن فقدان القوة العقلية لهؤلاء الرجال قد يساوي خسارة عام من التعليم.الرجال الذين يعيشون في مدن لديها مستويات عالية من التلوث تظهر أعراض فقدان قدراتهم في التفكير المنطقي واللفظي وبمعدل أسرع من النساء وأوضح الباحثون أن الرجال الذين يعيشون في مدن لديها مستويات عالية من التلوث تظهر أعراض فقدان قدراتهم في التفكير المنطقي واللفظي وبمعدل أسرع من النساء. وعزا الباحثون هذا الاختلاف بين الجنسين إلى وجود اختلافات في بنية المخ قد تترك الرجال أكثر عرضة لانكماش المادة البيضاء. وفحص القائمون على الدراسة أداء 25 ألفا و485 شخصا في الصين في اختبارات الرياضيات واللغة في 2010 و2014، وأظهرت النتائج التساوي بين أداء الرجال والنساء حتى سن الثلاثين، بينما جاء أداء الرجال أفضل من النساء في مراحل عمرية أكبر. غير أن أداء الرجال المتقدمين في العمر الذين يعيشون في أكثر المدن التي تعاني من تلوث الهواء جاء أقل بكثير في هذه الاختبارات، لاسيما في اختبارات اللغة. وصنّفت منظمة الصحة العالمية تلوث الهواء خارج المنزل بأنه “أهم المخاطر البيئية المحدقة بالصحة،”، وأنه مسؤول عن وفاة 3.7 ملايين حالة في جميع أنحاء العالم في 2012 فقط، بينهم 210 ألاف شخص في إقليم شرق المتوسط وحده. وفي 2013، صنّفت المنظمة تلوث الهواء في المدن بأنه مسبب للسرطان عند البشر. وكانت المنظمة العالمية قد أطلقت، بالتعاون مع تحالف المناخ والهواء النقي وبقيادة النرويج، حملة عالمية تحت عنوان “تنفس الحياة” لرفع مستوى الوعي حيال مخاطر تلوث الهواء على صحة الإنسان والكوكب. وتهدف الحملة إلى رفع مستوى الوعي حول المخاطر الصحية لملوثات المناخ قصيرة الأجل، التي تساهم بشكل كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري وتلوث الهواء. وبحسب الدكتور كارلوس دورا منسق منظمة الصحة العالمية للصحة العامة والبيئية والمحددات الاجتماعية، فإن الحملة تدعو إلى العمل في مجالات تبادل المعرفة بين المدن، وزيادة المراقبة ودعم الحلول وتثقيف الناس. وقال دورا “نحن نطلق هذه الحملة العالمية من أجل تنشق هواء نقي في المدن. فالهواء النقي يرتبط مباشرة بصحة أفضل، ولكن أيضا بمناخ أفضل وبسياسات أفضل في المحيط الحضري”.
مشاركة :