الاقتصاد يدير عجلة التقارب بين العراق والسعودية دخلت العلاقات السعودية العراقية في زخم جديد لتعزيز العلاقات بإطلاق أعمال مجلس التنسيق المشترك، بعد خطوات نوعية متسارعة شملت استئناف رحلات الطيران المباشر وفتح المنافذ الحدودية ومشاركة واسعة للشركات السعودية في معرض بغداد الدولي.العرب [نُشر في 2017/10/23، العدد: 10790، ص(11)]الشركات السعودية تصل بغداد لاستكشاف الأسواق العراقية الرياض – أكد محللون أن رهان بغداد والرياض على الأوراق الاقتصادية هو الوسيلة المثالية لتعزيز جميع العلاقات بين البلدين، بعد فتور طويل. وقالوا إن المصالح الاقتصادية يمكن أن تروض جميع المصالح الأخرى. واتسعت آفاق تحسين العلاقات بين البلدين أمس حين تم إطلاق اعمال مجلس التنسيق السعودي العراقي بحضور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وبدعم أميركي مثله حضور وزير الخارجية ريكس تليرسون. وكشف حجم الوفد الاقتصادي الذي شارك في الاجتماعات الزخم الكبير الذي اكتسبته خطوات تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، حيث ضم الوفد العراقي المشارك في أعمال المجلس المشترك 10 وزراء ونحو 60 مستشارا.حيدر العبادي: المجلس التنسيقي سيكون منطلقا للتعاون بين البلدين في كافة المجالات وأكد العبادي أن المجلس التنسيقي “سيكون منعطفا مهما ومنطلقا للتعاون وتعزيز العلاقات الثنائية بين بلدينا وشعبينا في المجالات كافة… نؤمن بأن التعاون والشراكة وتبادل المصالح هي السبيل لتحقيق تطلعات شعوبنا في الأمن والاستقرار والتنمية وتوسيع التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري والثقافي”. وقالت وكالة الأنباء السعودية إن المجلس يؤسس لمرحلة “طموحة من العمل التجاري والاقتصادي والاستثماري غير المحدود” وإنه يشكل “حجر الأساس في العمل والتخطيط متوسط وبعيد المدى”. وجاءت تلك النقلة النوعية بعد أيام على مشاركة استثنائية لوزير الطاقة السعودي خالد الفالح في افتتاح معرض بغداد الدولي حيث أكد حرص بلاده على “تعزيز ودعم التعاون الشامل مع العراق”. وألقى الفالح كلمة في افتتاح المعرض اعتبر فيها أن “المعرض شاهد من شواهد انطلاقة العراق الجديد في مسيرته الطموحة نحو الازدهار والنمو التي تعزز علاقاته بالعالم، وتسهم في إيجاد فرص لشراكات إقليمية وعالمية مميزة”. وسجل المعرض مشاركة سعودية غير مسبوقة حيث ضم الجناح السعودي نحو 60 شركة في محاولة لاستكشاف السوق وفرص الاستثمار في العراق. وأكد الفالح إمكانية مضاعفة التبادل التجاري مع العراق في قطاع النفط والغاز ومجال النقل والطاقة الكهربائية وتوفير المواد التموينية. وقال إن خير مثال على أهمية التعاون والتنسيق بين العراق والسعودية هو توجه أسواق النفط نحو التحسن والاستقرار. وقال إن البلدين تربطهما علاقات تاريخية واقتصادية وإن “رؤية السعودية تستند إلى تنويع الصادرات وتطوير السلع ودعم الشركات الوطنية في الوصول إلى الأسواق وعلى رأس القائمة السوق العراقية”. كما شهدت العلاقات الاقتصادية يوم الأربعاء الماضي نقلة نوعية أخرى بوصول أول رحلة طيران تجاري بين البلدين منذ 27 عاما حين هبطت رحلة لشركة طيران ناس السعودية في مطار العاصمة العراقية. واتفقت سلطة الطيران المدني العراقية والهيئة العامة للطيران المدني في السعودية على تسيير رحلات جوية متبادلة بين البلدين اعتبارا من أواخر الشهر الجاري. وبدأت آثار التقارب تتضح مع افتتاح منفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية في أغسطس الماضي، وهي تهدف بدعم أميركي إلى تقليص النفوذ الإيراني في العراق.خالد الفالح: تعزيز العلاقات يمكن أن يؤدي إلى مضاعفة التبادل التجاري مع العراق وكشفت مصادر مطلعة لـ“العرب” أن “السعودية تخطط لدعم حكومة العبادي عبر حزمة مشاريع وإجراءات اقتصادية، تنفذ في معظمها في مناطق الجنوب العراقي الفقيرة”. ومن بين هذه المشاريع “إمكانية تحويل بادية السماوة بين العراق والسعودية إلى منطقة استثمار في مجال الزراعة والثروات الحيوانية، اعتمادا على أموال سعودية وأيد عاملة عراقية”. وقال محللون إن المشاريع السعودية يمكن أن توفر فرص عمل للكثير من العاطلين في جنوب العراق وأن تدعم حظوظ العبادي في الانتخابات العامة المقررة في أبريل المقبل. وأكدوا أن تنشيط الملف الاقتصادي، قد تكون له نتائج انتخابية مؤثرة، ويمكن أن يمثل نصرا سياسيا مهما في مواجهة النفوذ الإيراني الكبير في العراق. وقال المحلل السياسي هشام الهاشمي إن العبادي يسعى “لبث الروح في الاقتصاد والسعي لجلب استثمارات عربية كبيرة”. وشدد على ضرورة إنهاء “اقتصاد الأحزاب المسيطرة على الثروات النفطية ولوبيات النفوذ الفاسدة”. وركزت الصحف العراقية أمس على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وأبرزت حالة من التفاؤل الشعبي بإمكانية أن تكون فاتحة لخروج العراق من أزماته السياسية والاقتصادية الخانقة. وأكد محللون أن التقارب العراقي السعودي يحظى بدعم كبير من الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي تسعى لإبعاد النفوذ الإيراني عن دول المنطقة وخاصة العراق. وقد أكدت ذلك مشاركة تيلرسون في الاجتماعات وترحيبه بتأسيس مجلس التنسيق السعودي العراقي الذي قال إنه سيسهم في الإصلاحات وفي التشجيع على الاستثمار وفي جهود إعادة إعمار البناء في العراق. وقال خبراء إن السوق العراقية البكر التي تحتاج لجميع أنواع الاستثمارات تمثل فرصة كبيرة للشركات السعودية، في ظل ترجيح اتجاه البلاد إلى الاستقرار بعد عقود من الصراعات.
مشاركة :