البقاع (لبنان) - فتحت مدرسة جديدة للاجئات السوريات أبواب الأمل أمام فتيات من عائلات ريفية محافظة يتطلعن إلى استكمال تعليمهن في لبنان. وتواجه العائلات السورية اللاجئة صعوبات جمة في سبيل توفير التعليم لأبنائها وبناتها، لكن الوضع يكتسب صعوبات إضافية بالنسبة إلى الفتيات من عائلات محافظة لا تتفق تقاليدها الاجتماعية مع إرسال بناتها في سن المراهقة إلى مدارس مختلطة. وجاءت زهرة العايد (14 عاما) وشقيقتها بتول (17 عاما) من قرية في محافظة إدلب بشمال سوريا حيث درجت العادات على تزويج الفتيات في سن مبكرة، لكن تجربة اللجوء والحرب والعيش في ظروف معيشية قاهرة بثت الوعي لدى أبويهما بأهمية تحصيلهن العلمي. وقالت والدة الفتاتين، وتدعى مرضية العياد، "يعني هلق التعليم سلاح البني آدم هلق وخاصة البنت، تأمن مستقبلها، بتعلم أولادها، وبتأمن وظيفة لحالها. الحياة صعبة هلق. إذا ما كانت في إيدها وظيفة أو اشتغلت أو كانت دارسة بتلاقي وبتحسيها، يعني هلق ها الأيام ما مرغوبة البنت إذا ما كانت دارسة". وأردفت "وعم بيفضلن البنات يكملن دراسة. أنا عندي البنت الكبيرة بتقول مُستحيل مين من إيجاني عريس مُستحيل أقبل في عريس إذا ما كملت دراسة. وأنا ما طموحي. طموحي أدرس وأسافر أتعلَم اللي بدي إياه". وأوردت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الأميركية في أحدث تقاريرها في أبريل/نيسان أن أكثر من نصف مليون لاجئ سوري ما زالوا خارج المنظومة التعليمية في لبنان وتركيا والأردن. وفي لبنان، أشار التقرير إلى أن الدول المانحة تكفلت بتوفير نفقة التعليم لحوالي 200 ألف طالب سوري في المدارس الرسمية اللبنانية في العام الدراسي 2015-2016 لكن 149 ألفا فقط سجلوا للدراسة. وبذلت المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية في لبنان جهودا كبيرة لملء الفراغ وإزاحة العقبات المالية والقانونية واللغوية التي تمنع الأطفال اللاجئين من تحصيل العلم. وشكلت صعوبة العثور على مدارس للبنات تقبل الفتيات اللواتي تأخرن في تحصيلهن العلمي عقبة إضافية أمام عائلة العايد القادمة من سوريا حيث يفصل النظام التعليمي بين مدارس الفتيات والفتيان عند بلوغ سن 12 عاما. لكن المدرسة الجديدة التي افتتحتها الخميس19 أكتوبر/تشرين الأول مؤسسة كياني الخيرية اللبنانية للبنات في منطقة بر الياس في وادي البقاع اللبناني ستوفر لزهرة و159 فتاة من رفيقاتها اللواتي تتراوح أعمارهن بين 14 و18 عاما التعليم اللازم بعد انقطاعهن لسنوات عن الصفوف الدراسية. ولتتمكن الفتيات من تسجيل أنفسهن في هذه المدرسة يتعين عليهن اجتياز امتحان معين، كما فعلت بتول العايد هذا العام، وذلك ليتسنى لهن متابعة دراستهن الثانوية بسلاسة في المدارس اللبنانية الرسمية الخاصة بالفتيات في بر الياس. وتوفر مدرسة مؤسسة كياني التعليم للفتيات اللاجئات وفق المنهاج التربوي اللبناني الرسمي وتشمل مواده الدراسية الرياضيات والعلوم واللغتين العربية والانجليزية فضلا عن حصص متخصصة بالمهارات المهنية مثل التطريز وتصفيف الشعر والتمريض وغيرها. وهذه المدرسة بفصولها المبنية بالألواح الجاهزة ذات الألوان الزاهية هي السابعة للمؤسسة الخيرية التي حرصت على أن تتركز جهودها في منطقة البقاع اللبنانية حيث أغلب تجمعات اللاجئين السوريين. وسعت المؤسسة إلى طمأنة العائلات السورية اللاجئة ومعالجة مخاوفهن من اختلاط الفتيات المراهقات بالفتيان، إذ انتقت هيئة تعليمية نسائية بالكامل ووفرت للفتيات المواصلات من وإلى المدرسة. وقالت طالبة سورية بالمدرسة تدعى راما (19 عاما) "انقطعت من الدراسة أربع سنين، بعدين لأجيت لهون. وهون مو دوغري سجلت بالمدرسة، ظليت كمان سنة أو سنة ونصف، وبعدين تعرفت ع هاي المدرسة وصرت أدرس فيها". وأضافت راما "لا الزواج غير وارد، الدراسة يعني أول شي، حلمي إنه أرجع ع سوريا وأكمل دراستي هونيك أكتر وأطلع بحلمي من سوريا، من جامعة دمشق". وأُقيمت المدرسة من فصول ملونة وهي المدرسة السابعة لللاجئين السوريين التي تفتتحها جمعية كياني في سهل البقاع حيث يقيم غالبية اللاجئين السوريين في لبنان. وجميع المعلمات بهذه المدرسة من النساء، كما أنها توفر وسائل انتقال من بيوت التلميذات للمدرسة والعكس. وقالت رئيسة مؤسسة كياني نورا جنبلاط "التعليم الثانوي للصبايا بتعطيهن مجال وفرصة للحياة، يعني نحن بنعتبر إن هي خشبة خلاص لها الشابات يا اللي ممكن يعتمدوا ع أنفسهم لأنه مأساة كبيرة هي الحرب السورية، وعم تحرم جيل بكامله من المستقبل". وقال مسؤولون في كياني إن مؤسسة "أنقذوا الطفولة" ومؤسسة نساء من أجل السلام التابعة للأمم المتحدة مولتا المدرسة لهذا العام.
مشاركة :