سباستيان كورز..«يمشي على الماء» وأصغر حاكم في أوروبا

  • 10/24/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من قلب صفوف منظمة الشباب المسيحي في النمسا، ومن عمق منصات التواصل الاجتماعي، التي كانت حصان طروادة له، خرج سباستيان كورز زعيم حزب الشعب اليميني (31 عاماً) الفائز في الانتخابات البرلمانية بنسبة 31.6%من الأصوات، وتلاه الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي ينتمي إليه المستشار كريستيان كيرن، بنسبة 29.9%، بينما حل حزب الحرية اليميني المتطرف بزعامة هاينتس-كريستيان شتراخه المرتبة الثالثة بحصوله على 26% من الأصوات.ولد أصغر سياسي في أوروبا في 27 أغسطس 1986 في مدينة فيينا، وترعرع في حي مايدلينج، الذي لا يزال يعيش فيه. أنهى الامتحان النهائي للثانوية في 2004، ثم أكمل الخدمة العسكرية الإلزامية. بدأ كورز مسيرته السياسية عام 2003، عندما انضم لحزب الشعب اليميني، وتدرج في المناصب القيادية في الحزب، وبين عامي 2010 و2011 تولى حقيبة وزارة الاندماج، وفي عام 2013 في الانتخابات العامة للنمسا تم انتخابه كعضو في البرلمان، وتولى حقيبة وزارة الخارجية وهو في ال 28 من عمره، وكان ما يزال يدرس القانون في جامعة فيينا، واتسع الملف الذي يحمله؛ ليشمل الاندماج الاجتماعي. وفي وقت تنصيبه (أداء اليمين الدستورية) كان كورز، أصغر وزير في حكومة منذ تأسيس الجمهورية، وأصغر وزير خارجية في الاتحاد الأوروبي، وهو الآن في طريقه ليصبح أصغر حاكم في أوروبا بتوليه منصب المستشار.في مايو من العام الحالي، أصبح زعيماً لحزب الشعب، وقد بدأ مسيرته السياسية بترؤس جناح الشباب في الحزب قبل أن ينتقل للعمل في مجلس مدينة فيينا ولُقب كورز ب«وندروزوزي» الذي يعني (شخص يمكنه السير على الماء)، وقد تمت مقارنته بزعماء شباب كالزعيم الفرنسي إيمانويل ماكرون والكندي جاستين ترودو.وكما هو الحال مع ماكرون، صنع كورز تغييراً، إذ أُعيدت تسمية حزب الشعب، الموجود أصلاً في السلطة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، باسم «حزب الشعب الجديد».وتشير نتائج الانتخابات إلى أن سباستيان كورز سيأخذ حزبه إلى أغلبية ضيقة جداً، ويتولى منصب المستشار القادم. ويعرف المحافظ البالغ من العمر 31 عاماً بتعهده بأن يأخذ البلاد إلى موقف أكثر صرامة ضد تدفق اللاجئين والمهاجرين ومن المتوقع أن يشكل الطرفان حزب الشعب والحرية معاً حكومة ائتلافية يرونها قادة الجالية المسلمة النمساوية ككابوس. وقال رمضان دمير، وهو أمام مقره فيينا وقائد الجماعة الدينية الإسلامية في النمسا، وهي مجموعة جامعية «إن نتيجة الانتخابات هذه، شيء نخشاه جداً فخلال الحملة شاهدنا كيف أن الشعبويين خلقوا الذعر. صوت النمساويون لصالحهم لهذا السبب».وعكست النتائج النمساوية المشاعر المعادية للمهاجرين والمسلمين، التي ترتفع في جميع أنحاء أوروبا في السنوات الأخيرة بحسب صحيفة «واشنطن بوست»، غير أن ذلك كان واضحاً بشكل خاص في النمسا، وهي بلد يعبر مئات الآلاف من طالبي اللجوء في ذروة أزمة اللاجئين الأوروبيين. وقد استقر عشرات الآلاف، معظمهم من المسلمين الذين فروا من الحرب في سوريا والعراق وأفغانستان، في الدولة الواقعة في وسط أوروبا.وأضاف الوافدون الجدد إلى مجتمع مسلم سريع النمو يمثل 4 %فقط من سكان النمسا اعتباراً من عام 2001، ولكن توسع الآن إلى 8 في المئة أو 700 ألف شخص، وكانت النمسا معروفة منذ فترة طويلة بانفتاحها النسبي على المسلمين، وهو ما يقوله محللون، عن قانون عام 1912 الذي أعطى الإسلام مركزاً رسمياً في الإمبراطورية النمساوية المجرية والذي لا يزال في الكتب اليوم، بعد فترة طويلة من انهيار الإمبراطورية، وفي الستينات والسبعينات من القرن العشرين، تم تجنيد العمال الضيوف إلى النمسا من تركيا والبلقان. ورحب البلد أيضاً بأعداد كبيرة من لاجئي البلقان في التسعينات، بيد أن المواقف تفاقمت في السنوات الأخيرة، مع وجود تصورات واسعة الانتشار مضمونها أن الوافدين الجدد لم يندمجوا بشكل كاف. وقد أدت الهجمات الإرهابية في أوروبا، ورحيل نحو 300 مسلم نمساوي إلى سوريا والعراق للقتال إلى جانب تنظيم داعش، إلى زيادة المخاوف. وقد انتزع السياسيون هذه المخاوف من سياقها ما زاد من تفاقمها. وقال دمير، الذي ولد في تركيا، «لقد قاموا بحملتهم الانتخابية على ظهور المسلمين ولم يكن هناك أبداً مثل هذا الخوف من الإسلام كثيراً في النمسا».كانت الهجرة هي القضية المهيمنة في الفترة التي سبقت السباق الانتخابي، وانتقل كورز بحزبه إلى اليمين في أعقاب أزمة اللاجئين في أوروبا عام 2015، وقد راق كروز للناخبين المحافظين واليمينيين بسبب تعهداته بإغلاق طرق الهجرة إلى أوروبا، ووضع قيوداً على المعونات المالية المقدمة للاجئين، ومنع المهاجرين من الحصول على أية معونات حتى يمضي على إقامتهم في النمسا خمس سنوات، وقد لاقت هذه القضايا رواجاً لدى الناخبين النمساويين بعد تدفق هائل من المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.اشتهر كورز بتبني آراء صارخة ومعادية للهجرة، ما قاد حزبه للنجاح في الانتخابات واتهمه حزب الحرية اليميني المتطرف بأنه سرق برنامجه الانتخابي من المتطرفين ولعب كورز دوراً مهماً في إقرار البرلمان النمساوي عام 2015 لتعديلات مثيرة للجدل على قانون بشأن الإسلام معمول به في البلد منذ قرن. ومنح القانون، الذي يهدف جزئياً لمواجهة التطرف، المسلمين المزيد من الأمن في إطار قانوني لكنه يحظر التمويل الأجنبي للمساجد والأئمة.ودافع كورز، عن التعديلات، بينما انتقدها زعماء المجتمع المسلم في النمسا، قائلين إنها لا تعاملهم على قدم المساواة. وكان القانون الصادر في عام 1912 قد جعل الإسلام ديانة معترفاً بها رسمياً في النمسا. ولفترة طويلة، اتُخذ القانون نموذجاً في أوروبا في ما يتعلق بالتعامل مع الإسلام. وشملت التعديلات الحفاظ على عطلات المناسبات الدينية وتدريب الأئمة. لكن جماعات إسلامية قالت إن حظر التمويل الأجنبي أمر ظالم لأن الدعم الدولي مازال مسموحاً به للمجتمعات المسيحية واليهودية.

مشاركة :