روسيا تحيي ذكرى مئوية ثورة أكتوبر باستحياء

  • 10/24/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تحيي روسيا هذا الأسبوع الذكرى المئوية لثورة أكتوبر التي شكلت زلزالاً سياسياً هائلاً في القرن العشرين من دون احتفالات كبرى، إذ يخشى الكرملين قبل كل شيء إعطاء صورة إيجابية لأي تغيير في النظام باستخدام القوة. وقال مدير الاستخبارات الخارجية ورئيس الجمعية الروسية للتاريخ سيرغي ناريشكين إن الثورة «تجلب دائماً الدماء والموت والدمار والكوارث» والروس يعرفون «قيمة الاستقرار». وكانت البلاد عام 1917 في حرب مع قوى وسط أوروبا، تشهد سلسلة من الحركات الثورية التي أفضت في نهاية المطاف الى سقوط آخر قيصر لروسيا نيكولاس الثاني في آذار (مارس)، ثم بعد سبعة أشهر وصل البلاشفة بقيادة لينين إلى السلطة وأعلنوا بعد ذلك في عام 1922 قيام الاتحاد السوفياتي على أنقاض الأمبراطورية الروسية. وبعد قرن واحد لم يعد إرث ثورة أكتوبر بسيطاً لدولة لم تتمكن من إكمال عملها في حفظ الذاكرة، وهيمن عليها لسبعين عاماً نظام سوفياتي. وروسيا اليوم لا تخلو من التناقض. فالكنيسة الأرثوذكسية طوّبت القيصر نيكولاس الثاني الذي قتله البلاشفة مع عائلته، بينما ما زال جثمان لينين الذي لاحق بلا رحمة الكنيسة الأرثوذكسية، معروضاً في ضريحه في الساحة الحمراء. وفيما كان يحتفل بذكرى الثورة بعرض عسكري هائل في الساحة الحمراء في السابع من تشرين الثاني (نوفمبر) (25 تشرين الأول (اكتوبر) وفق التقويم اليولياني الذي اعتمد في 1917)، يقتصر برنامج الذكرى المئوية على عدد من المعارض والندوات التي سيحضرها خبراء. وستشكل الاحتفالات القليلة التي سيشارك فيها الجمهور فرصة للتشديد على أهمية الوحدة الوطنية والمصالح مع تجنب القضايا الحساسة. وتعكس اللجنة التي أنشئت لتنظيم الاحتفالات حذر الرئيس فلاديمير بوتين في هذا المجال. وهي تضم شخصيات مستقلة ومنتقدين للنظام ووزراء ومسؤولين في الكنيسة الأرثوذكسية، لكن ليس هناك أي عضو في الحزب الشيوعي الحالي أو ممثل للتيار الملكي. وقال المؤرخ أناتولي توركونوف الذي يشارك في رئاسة اللجنة انه من المقرر تنظيم مئات التظاهرات والمؤتمرات والمناقشات والمعارض والمهرجانات التي ستناقش الوقائع «المتضاربة» لعام 1917. وكان مدير الاستخبارات الخارجية أحد المسؤولين عن إحياء الذكرى سيرغي ناريشكين حدد في عام 2016 الخط العام الذي يجب اتباعه، قائلاً ان هذه الذكرى «ليست لتنظيم مناسبات رسمية او للاحتفال بها بل لاستخلاص الدروس». و «الدروس التي يجب استخلاصها» بالنسبة إلى الكرملين واضحة. فهي الوقاية من أي محاولة احتجاج على السلطة في الشارع وخصوصاً قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في آذار (مارس) 2018، ولا يشكك أحد في أن بوتين سيترشح فيها لولاية رابعة. وقد سعى بوتين منذ وصوله إلى السلطة إلى المصالحة بين المجتمع والذاكرة الوطنية. وفي نظره من غير الوارد الاختيار بين روسيا القيصرية التي يشيد بالاستقرار والقيم التقليدية فيها، وروسيا السوفياتية التي هو نتاجها. وقال المؤرّخ فلاديسلاف أكسيونوف إن «أعلى سلطات الدولة تحدثت مرات عدة عن المصالحة بين البيض والحمر. ولتحقيق ذلك يجب التطرق الى قضايا مؤلمة. لكن علينا ان نشير الى ان هذه المصالحة لم تتم بعد». وكان بوتين الذي انتخب رئيساً للمرة الأولى عام 2000، عبر حينذاك عن ارتياحه لأول تغيير على رأس البلاد «من دون انقلاب ومن دون ثورة». وهذا الجانب بقي من سمات السياسة الدولية للكرملين، من رفضه «الثورتين الملونتين» في جورجيا وأوكرانيا الى حذره من «الربيع العربي» او دعمه الثابت «السلطات الشرعية» في دمشق. ويترجم تخوف السلطات من سيناريو ثوري في روسيا بمراقبة أكثر تشدداً للنشاط السياسي وتظاهرات المعارضة المحظورة غالباً والتي تفضي في غالبية الحالات إلى اعتقال مئات الناشطين. وتقوم السلطات «بشيطنة» أي شكل من أشكال الاحتجاج، وترى في أي احتجاج اجتماعي أو سياسي عمل قوى «غير وطنية» مرتبطة بدرجة ما بجهات خارجية. ويرى أكثر من سبعين في المئة من الروس اليوم أنه من المستحيل القيام بأي احتجاج سياسي في مدنهم. وعندما يتم الإعلان عن أي احتجاج يكون جواب أكثر من ثمانين في المئة أنهم لن يشاركوا، وفق ما أظهرت نتائج استطلاع أخير أجراه معهد «ليفادا».

مشاركة :