الخليج العربي مشروع مقاومة ضد الإرهاب الإيراني بقلم: حامد الكيلاني

  • 10/25/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

أي نظام سياسي يتحكم في العراق وتقوده إيران بلجامها الطائفي المتجذر في العملية السياسية وبتوقيت حرج جدا يحاول فيه العرب سحب البساط من تحت أقدام الحرس الثوري بأحزابه وميليشياته.العرب حامد الكيلاني [نُشر في 2017/10/25، العدد: 10792، ص(9)] النظام الحاكم في إيران يلعب في ساحة غياب القرار أو الموقف الدولي الموحد تجاه تصرفاته وخروقاته ودعمه للإرهاب، وهو يناور لإدامة الأزمات بالوقود اللازم لتمرير سياساته وإطالة أمد إرهابه في الداخل الإيراني. كل ذلك يقع ضمن سلوكه وتركيبته في إدارة سلطته وصادراته. ماذا عن الاستراتيجية العربية في تطويق وعزل المشروع الإيراني الذي أسفر عن تدمير أجزاء مهمة من مدن المنطقة وشعوبها. مستجدات متواترة عن تحركات وأنشطة إيرانية لتزويد عناصر تابعة لها بأنواع الأسلحة حتى الصواريخ منها وطائرات دون طيار. إيران تتمادى رغم كل الاحتياطات والإنذارات والتنديدات والكشف عن الخلايا الإرهابية. إيران لا تتراجع بقطع العلاقات الدبلوماسية لبعض الدول معها ولا تبالي بطروحات الهيئات الأممية، فهي تسعى باستمرار لاستغلال الثغرات وخلق أجواء مناسبة لصراعات متقابلة أدت إلى نتائج في صالحها، ومن بينها إبرام الاتفاق النووي معها، الذي بدلا من تقييدها أطلق سراحها في التمدد والعبث تماما بمقدرات أكثر من دولة. خيبة نظام الملالي في طهران وهزيمته في حرب الثماني سنوات مع العراق كانت بالنسبة إليه تجربة مريرة أراد تحويلها إلى مخطط شامل لشن حروب خارج السياقات التقليدية للجيوش وتبعاتها القانونية، لذلك استقر على قاعدته النموذجية المبنية على أسس مذهبية خاصة لأنها تلقى رواجا وصدى عابرا للحدود الوطنية معروفة الأسباب تتعلق بتقليد المراجع الدينية واحترام مكانتها، وهذا كان مبرراً واقعياً لاستضافة الخميني في العراق لسنوات والسّماح له ولمرافقيه بالعيش الكريم وتوفير الحماية لهم. الحرب الإيرانية العراقية كانت دافعا لبرامج تصنيع الأسلحة، بدءاً بطائرات الدرونز بعد نهاية الحرب مباشرة وتم إطلاقها بمهمات تجريبية واستطلاعية داخل الأراضي العراقية في خروج على اتفاقية وقف إطلاق النار وما ينظمها. عدة طائرات أسقطت في قاطع البصرة وإيران لم تتوقّف عند حدّ بعد ذلك التاريخ وظل العراق هدفاً لنظامها في وقائع لا حصر لها استهدفت استقراره وحياة قياداته ومواطنيه وبما لا يخطر على بال، وكان الأساس فيها غياب الوطن عند بعض مواطني العراق لغلبة الانتماء المذهبي أو الطائفي للمرجعيات الإيرانية أو لمصالحهم معها. هي علاقة متداخلة وشائكة قاعدتها نظام سياسي لدولة يتولى أمرها المرجع الديني الأعلى وهو المرشد في إيران. في العراق يتحكم المرشد الإيراني بالركائز الأساسية للدولة ويوجّه دفتها بوضوح في نسخة عراقية من ولاية الفقيه لكن بواجهات سياسية وخطابية وعلاقات دولية تقليدية. قائد الحرس الثوري في العراق وزعيم ميليشيا الحشد الشعبي يؤكد قبل أيام أن المرجعية الدينية، ويقصد بها المرجع المذهبي الذي ينتمي إليه الحزب الحاكم والتحالف الطائفي والحشد الميليشياوي، رسمت خارطة الطريق للعراق الجديد ويعني بها خارطة طريق بعد الانتصار على تنظيم داعش وبعد أحداث الاستفتاء مع كردستان. العرب ودول العالم، على اختلاف تعاملها مع النظام الإيراني إن كانت معه أو ضده، يتفقون على حقيقة أن الملف الإيراني بتفاصيله أصبح على طاولة المراجعة والمداولة والمعالجة بما فيه من الاتفاق النووي وبرامج التسلح والصواريخ والحرس الثوري، وصولا إلى دور إيران في تمدّد الإرهاب الصريح في العراق وسوريا ولبنان واليمن، أو بأنشطتها في زعزعة أمن دول الخليج العربي، أو توسّعه في نشر مشروعه الطائفي في أفريقيا أو زرع عناصره في معظم دول العالم تحت جناح الحريات الدينية وممارسة الطقوس التي ستتحول مع الأيام إلى بؤر لإثارة الصراعات الغامضة.أوجه شبه بين داعش كتنظيم إرهابي وبين إيران كدولة إرهابية توزّعت محصلة خدماتهما في توزيع الفوضى وانتهاز الميول الدولية الاستراتيجية الأميركية أو استراتيجية الرئيس دونالد ترامب تركت سوق الانتقالات في المواقف مفتوحا ولمدّة محدودة خاصة للدول الموقّعة على الاتفاقية النووية مع إيران. التراخي الأوروبي لفرنسا وألمانيا تحدّد بمرجعية وصفت بالاقتصادية لرغبة الاتحاد الأوروبي في عقد صفقات استثمارية مع طهران. ذلك ليس حقيقة بالمطلق إنما نتركها لتطوّر العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية ومن بينها علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي وتوازنات من تصميم البريكست في الانجذاب إلى أميركا. لا لإلغاء الاتفاقية الأميركية مع إيران. جملة أصبحت لازمة في المؤتمرات الصحافية لتيريزا ماي أو أنجيلا ميركل أو إيمانويل ماكرون لكنها، أي تلك الجملة، لا تمنع رئيسة وزراء بريطانيا أو المستشارة الألمانية من إدانة التمدد الإيراني في الشرق الأوسط وبرنامج الصواريخ الباليستية. الرئيس الفرنسي أصدر تلميحات لها صلة بتقارير أجهزة المخابرات في دول الاتحاد الأوروبي وإشارات لخروقات إيرانية لاستيراد مواد مزدوجة الاستخدام، أحدها تطوير سلاح الصواريخ الباليستية الذي يتنامى برنامجه بالإبقاء على الاتفاقية النووية، لأنه ينتفع من المدة المتبقية في تصغير حجم القنابل المحمولة برؤوس الصواريخ. الاتحاد الأوروبي لا يعزل الاستراتيجية الأميركية، وأميركا أيضاً لا تعزل أوروبا عنها، فبينهما عقد شراكة تاريخي يحضر في حلف الناتو أو في التعاون في كافة المجالات. أوروبا أصبحت براغماتية برغبتها في استغلال فترة الاتفاق النووي بأكبر عدد من المشاريع الاستثمارية في إيران وبصفقات بمليارات الدولارات وحتى لأميركا صفقة لبيع طائرات البوينغ المدنية. أوروبا تعتبر المدة طويلة وتؤجل توافقاتها لسنوات أخرى تحت سقف المدة المتبقية؛ أميركا تعتبرها مدة قصيرة تتطلب المعالجة. ما تأثير الفترة المعنية عند العرب؟ أوروبا لا تصرّح لكنّها تغض الطرف عن المشاهد الدامية في الشرق الأوسط، معللة الإرهاب الذي يضرب مدنها وموجة اللجوء التي تتحملها وتعاني منها بالحرب العالمية على الإرهاب ومساهمتها فيه، من دون التفاعل مع الأمر الواقع للإرهاب الإيراني الذي تصنفه الاستراتيجية الأميركية بدولة الإرهاب وهي سابقة لأنها بالقياس تعتبر أكبر منظمة إرهابية في العالم تستولي على دولة بكامل مقوّماتها. العرب ودول الخليج العربي تحديداً توجّب عليهم أن يتوجهوا إلى أوروبا في جزء من ضماناتهم الاستثمارية للضغط المريح وخلق مواقف غربية موحدة ومتسارعة للتعجيل باحتواء النظام في دولة قطر الذي لجأ إلى الصمت حيال الاستراتيجية الأميركية ومآلاتها لتكوين منظومة خليجية تجاهر بعروبة الخليج، ولتدعيم الحزم والحسم صداً للعدوان البربري للنظام الإيراني وحرسه الثوري وتقاطعات السياسة الدولية في منطقتنا والتوجه إلى ربط الخليج بالعروبة ليكون العنوان دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، بدلاً من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لإيصال رسالة قوية إلى إيران بتحدٍ مقابل. أوجه شبه بين داعش كتنظيم إرهابي وبين إيران كدولة إرهابية توزّعت محصلة خدماتهما لكل الاتجاهات في توزيع الفوضى وانتهاز الميول الدولية. أوروبا تحدثت مع أميركا بلسان إيران وبصوت مرتفع في رفض الاستراتيجية بما يخص إلغاء الاتفاق النووي، وإيران بميليشياتها في خدمة النفوذ الروسي في سوريا، وهي في العراق أدّت مهمتها لمواجهة إقليم كردستان لفتح المجال كما يبدو إلى روسيا وتركيا كأطراف في معادلة النفط وما يعنيه في تثبيت قوى خارجية بموازاة مقدمات الاستراتيجية الأميركية ضد إيران. إيران بدأت فعلاً بإحراق أو إغراق العراق لتأجيل أو عرقلة جرد الحساب القديم لها مع أميركا. المنطقة دفعت خلال سنوات تمتد منذ العام 1979 وحتى الآن ثمناً فادحاً شواهده اليوم في نُذُر الحرب الأهلية، والانقسام المجتمعي الحاد، وموجات اللجوء والنزوح الجماعي إلى المجهول. تصريح وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بمطالبة الميليشيات الإيرانية في العراق بالعودة إلى ديارها، وما جاء من ردّ عليه من مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي وبعد يوم واحد من لقائهما في المملكة العربية السعودية الذي اعتبر تصريحات تيلرسون عن الحشد الشعبي تدخلاً في الشؤون الداخلية للعراق. يوجز لنا ذلك أيّ نظام سياسي يتحكم في العراق وتقوده إيران بلجامها الطائفي المتجذر في العملية السياسية وبتوقيت حرج جداً يحاول فيه العرب سحب البساط من تحت أقدام الحرس الثوري بأحزابه وميليشياته. هل يتمكن شعب العراق من رسم خارطة طريقه بمرجعية تجاربه ومآسيه إلى المستقبل. كاتب عراقيحامد الكيلاني

مشاركة :