متى ستنتهي سيطرة كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي على كرة القدم العالمية؟ ومن سيكون اللاعب الذي سيضع نهاية لهذا الاحتكار المزدوج؟، كان هذان السؤالان هما محور حديث الحاضرين أول من أمس الاثنين في ممرات مسرح «بلاديوم لندن» بعد انتهاء فعاليات حفل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لجائزة اللاعب الأفضل في العالم، والتي أثبتت أن عصر رونالدو وميسي لن ينتهي.وتوج اللاعب البرتغالي (32 عاما) في العاصمة البريطانية بجائزة «الأفضل» التي تمنح لأفضل لاعب في العالم للمرة الثانية على التوالي، من خلال تصويت حل فيه منافسه الأرجنتيني الذي يصغره بعامين في المركز الثاني. وإذا ألقينا بنظرة على الماضي سيظهر لنا أن نجمي ريال مدريد وبرشلونة صنعا حقبة تاريخية امتدت لعقد من الزمن. وتقاسم اللاعبان الكبيران جميع الجوائز التي قدمت للاعب الأفضل في العالم منذ العام 2008، ومنذ العام المذكور وزعت تسع كرات ذهبية، وجائزتان لـ«فيفا» لأفضل لاعب وجائزتان أيضا من فئة «الأفضل»، أي ما مجموعه 13 جائزة: سبعة منها فاز بها رونالد، في حين فاز ميسي بالبقية.ولا يعتبر هذا من قبيل المصادفة العجيبة، فكلا اللاعبين يتمتعان بموهبة فائقة ويلعبان لصالح ناديين هما الأشهر على مستوى العالم، ولا ينازعهما في هذا طرف ثالث. وإذا كان كل ما تقدم لا يكفي مبررا لسيطرتهما على الجوائز العالمية، فحرصهما الدؤوب على تحطيم الأرقام القياسية في تسجيل الأهداف وفوزهما مجتمعين بلقب دوري أبطال أوروبا سبع مرات في السنوات العشر الأخيرة لا يعدو إلا أن يكون سندا إضافيا لتبرير هذا النفوذ الكبير.وقال الفرنسي زين الدين زيدان، المدير الفني لريال مدريد، خلال تواجده أول من أمس في لندن متحدثا عن هذه السيطرة الثنائية: «لنرى ماذا سيحدث في المستقبل، ولكن لا يمكنك تغيير هذا في الوقت الراهن، لا أعتقد أن هذه الحقبة ستنتهي هذا العام». وخلال سنوات بزوغ نجم نادي برشلونة كان كل من تشافي هيرنانديز، الذي صعد إلى منصات التتويج أربع مرات، وأندريس انيستا، الذي نال هذا الشرف مرتين، أبرز منافسين لرونالدو وميسي على لقب الأفضل في العالم، هذا بالإضافة إلى ظهور نيمار وأنطوان غريزمان خلال المواسم الأخيرة، بيد أنه لم يتمكن أي من هؤلاء من إزاحة هذين النجمين.ويعتبر نيمار وغريزمان، المولودان في التسعينات من القرن الماضي الأقرب للوصول إلى المستوى الفني لرونالدو وميسي، فهما يتمتعان بالموهبة ومحاطان بلاعبين كبار. وارتدى نيمار، نجم المنتخب البرازيلي، مؤخرا قميص باريس سان جيرمان الفرنسي، ويمر بفترة تألق رائعة، في حين يلعب غريزمان بين صفوف أتلتيكو مدريد ووصل في العام الماضي إلى نهائي بطولة كأس أمم أوروبا مع المنتخب الفرنسي.وقال رونالدو أول من أمس ردا على أسئلة بعض الصحافيين: «نيمار يملك الموهبة التي تمكنه من تحقيق هذا (الجائزة) ولديه فرصة». «هل ينتهي عصر ميسي وكريستيانو؟»، كان هذا سؤالا وجهه صحافي برتغالي لرونالدو، حيث أجاب نجم ريال مدريد قبل مغادرته مسرح لندن الشهير قائلا: «ينتهي؟ إنه يبدأ». ومن أجل إزاحة كريستيانو رونالدو وميسي من على قمة الكرة العالمية يجب أن يتوافر لمن سيقوم بهذه المهمة القدرة على تسجيل الكثير من الأهداف وتحقيق الكثير من الألقاب، بالإضافة إلى الشخصية المؤثرة «الكاريزما».ومن جانبه، أضاف المهاجم الإيطالي السابق جانلوكا فيالي، سفير «فيفا» في حفل «الأفضل» لمحة إضافية لهذه المعادلة المعضلة، حيث أكد أن على من يرغب في إنهاء حقبة سيطرة هذين النجمين أن يتحلى بالصبر. وقال اللاعب الإيطالي السابق لأندية سامبدوريا ويوفنتوس وتشيلسي: «يجب أن ننتظر حتى يعتزل هذا الثنائي، وبعد ذلك سيظهر لاعبون آخرون مثل باولو ديبالا ونيمار ولاعبون صغار آخرون».في حين قال اللاعب البرتغالي السابق نونو غوميش: «على الأرجح سيكون نيمار، إنه أصغر بكثير وسيكون قادرا في السنوات المقبلة على تحقيق التفوق، أعتقد أنه سيحقق الفوز طوال بضع سنوات، هذا مؤكد، ولكن أيضا من المؤكد أنه سيكون من الصعب للغاية الإطاحة بميسي وكريستيانو، إنهما لاعبان من كوكب آخر».ولكي نرى شخصا آخر يحرز جائزة اللاعب الأفضل في العالم علينا أن نعيد كرة القدم العالمية عشر سنوات للوراء، فقد كان البرازيلي كاكا هو آخر من حصل على جائزة «فيفا» والكرة الذهبية في 2007 قبل بداية حقبة سيطرة ميسي ورونالدو. وفي الوقت الراهن، لن تكون الجائزة الفردية القادمة هي التي ستضع حدا لهذه السيطرة. ومن المرجح أن تكون الكرة الذهبية التي ستقدمها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية قريبا من نصيب رونالدو إلا إذا وقعت مفاجأة كبيرة. ولكن هل لن يسأم عالم كرة القدم من رؤية الوجوه نفسها؟، وأجاب فيالي عن هذا التساؤل قائلا: «إذا كنت تستيقظ صباحا وترى نفس الوجه الجميل لزوجتك بجانبك، هل يسأم أحد من هذا؟، إذا استمرا في اللعب على هذا المستوى، فلن يكون الأمر مملا».وأجمع أكثرية المصوتين العرب على اختيار البرتغالي رونالدو لجائزة أفضل لاعب في العالم لعام 2017 التي أحرزها نجم ريال مدريد الإسباني للمرة الثانية على التوالي. وحصد رونالدو الجائزة المبنية على عملية تصويت مدمج، بين قادة ومدربي المنتخبات الوطنية حول العالم، مجموعة مختارة من ممثلي أكثر من 200 وسيلة إعلام من القارات الست، بالإضافة إلى تصويت إلكتروني للجماهير.واكتسح رونالدو 43.16 في المائة من الأصوات مقابل 16.28 في المائة لميسي غريمه في برشلونة، و6.96 في المائة للمهاجم البرازيلي نيمار. ومن قادة المنتخبات العربية، وحدهم المغربي المهدي بنعطية والفلسطيني عبد اللطيف البهداري والسوري فراس الخطيب لم يمنحوا خيارهم الأول للدون البرتغالي، إذ فضل بنعطية والبهداري الحارس الإيطالي جانلويجي بوفون (رابع الترتيب النهائي مع 6.82 في المائة) من دون ذكر اسم ميسي، في حين فضل الخطيب ميسي من دون أن يكون رونالدو بين خياراته الثلاثة. ووحده قائد منتخب لبنان حسن معتوق كان تصويته مطابقا لترتيب النتيجة النهائية.ولدى المدربين، وحدهم الإسباني لوكاس الكاراز، مدرب الجزائر السابق والأرجنتيني هكتور كوبر (مصر) والإسباني فيليكس سانشيز (قطر) لم يمنحوا خيارهم الأول لرونالدو، إذ فضل كوبر وسانشيز هداف برشلونة ميسي والكاراز نيمار من دون ذكر رونالدو. ونجح الفرنسي هيرفيه رونار (المغرب) والهولنديان بيم فيربيك (عمان) وبيرت فان مارفيك (السعودية سابقا)، بتصويت مطابق للنتيجة النهائية. وكان لافتا تشابه تصويت قائد السودان مهند الطاهر ومدربه محمد عبد الله أحمد، لرونالدو ثم الظهير الإسباني داني كارباخال (0.62 في المائة) والمهاجم الغابوني بيار - أميريك اوباميانغ (1.10 في المائة.).ولم يصوت كافة قادة المنتخبات والمدربين، في حين ترك أو أقيل مدربو بعض المنتخبات من مناصبهم. وشارك في التصويت 15 قائدا عربيا و15 مدربا، في حين غابت الكويت بسبب إيقافها دوليا، ولم يصوت قادة ومدربو جزر القمر، ليبيا، موريتانيا، الصومال، الإمارات واليمن. وصوت 15 من الصحافيين في وسائل الإعلام العربية، وغاب ممثلو الجزائر ولبنان وفلسطين والسعودية والأردن وموريتانيا واليمن. واختار 10 من ممثلي الإعلام العربي رونالدو في المركز الأول، في حين توزعت المراكز الأولى المتبقية على ميسي (3) ونيمار (1) ومودريتش (1).وهي الجائزة الخامسة لرونالدو كأفضل لاعب في العالم، في 2008 من قبل «فيفا»، وفي 2013 و2014 عندما كانت تنظم من قبل «فيفا»ومجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية معا، إضافة إلى الموسم الماضي. وقد اختار رونالدو بصفته قائدا للبرتغال، زملاءه في ريال مدريد صانع الألعاب الكرواتي لوكا مودريتش في المركز الأول، ثم المدافع الإسباني سيرخيو راموس والجناح البرأزلي مارسيلو.وعلى غراره، اختار ميسي، قائد الأرجنتين، زملاءه في برشلونة المهاجم الأوروغوياني لويس سواريز، ثم صانع الألعاب أندريس اينيستا والبرازيلي نيمار (المنتقل إلى سان جيرمان مقابل 222 مليون يورو)، علما بأنه لا يمكن لقادة الفرق أن يصوتوا لأنفسهم. وغطت الجائزة الفترة ما بين 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 و2 يوليو (تموز) 2017.وعلى صعيد المدربين العالميين، اختار يواكيم لوف مدرب ألمانيا بطلة العالم مواطنه طوني كروس في المركز الأول، أمام حارسه مانويل نوير ونيمار، في حين اختار تيتي مدرب البرازيل رونالدو ونيمار وميسي على التوالي. ويأمل رونالدو في إحراز جائزة الكرة الذهبية المقدمة من مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية للمرة الخامسة لمعادلة رقم الأرجنتيني ميسي.
مشاركة :