القدس ـــــ أحمد عبدالفتاح | بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل يومين الى العاصمة الاردنية عمان والاجتماع بالملك عبدالله الثاني لوضعه في صورة اتفاق المصالحة الفلسطينية، هاتف امس (الاربعاء) رئيس المكتب السياسي لــ «حماس» اسماعيل هنية العاهل الاردني للغاية ذاتها. ووفق مصادر فلسطينية، فقد وصلت الى كل من رام الله وغزة، وقبلهما الى القاهرة رسائل امتعاض اردني من استبعاده من مختلف مراحل الحوارات التي سبقت اتفاق المصالحة، ونوايا اطرافه واهدافهم. وقالت المصادر لـــ القبس: إن عمان تعتبر نفسها معنية من الدرجة الاولى بما يجري في الاراضي الفلسطينية، لانها جزء مهم من امنها القومي على كل الصعد السياسية والامنية والداخلية، وبالتالي فإن تجاهلها من قبل جميع اطراف المصالحة أمرٌ غيرُ مقبولٍ، لأنها ليست شاهد زور او مجرد مراقب. فالأردن يؤوي العدد الاكبر من اللاجئين الفلسطينيين، كما انه يستقبل يومياً آلافاً من مواطني الضفة الغربية، سواء بقصد الزيارة او السفر، من خلال معابره البرية والجوية، وسكان الضفتين يرتبطون بعلاقات متعددة المستويات، بالاضافة الى ان الضفة الغربية كانت جزءاً من الاردن حتى تاريخ احتلالها عام 1967، وتتولى برعايتها الهاشمية الاماكن المقدسة في القدس المحتلة. ولفتت المصادر الى ان وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصل بنظيره الاردني ايمن الصفدي بعد نحو اسبوعين من انجاز اتفاق المصالحة، اما الرئيس عباس فقد قام بزيارة عمان قبل ثلاثة ايام فقط. وأمس، اجرى هنية اتصالاً بالعاهل الاردني، اي بعد مرور ما يقارب شهرا ونصف الشهر على انجاز اتفاق المصالحة، وجميع هذه الوقائع تركت اثراً سلبياً لدى الاردن الرسمي. تعاظم قوة «حماس» ووفق المصادر ذاتها، فقد هدفت زيارة الرئيس عباس للاردن الى طمأنته إلى أن المصالحة بين «فتح» و«حماس» لا تستهدف اي طرف اقليمي، ولن تغيّر بأي حال من الاحوال طبيعة العلاقة القائمة بين السلطة والأردن، خاصة ان للاخيرة هواجسها من ان يؤدي اتفاق المصالحة الى تعاظم قوة، ونفوذ «حماس» في غزة والضفة على حد سواء، ناهيك عما تخبئه الانتخابات التشريعية والرئاسية في حال حصولها في الاراضي الفلسطينية من مفاجئات قد تقلب المشهد الفلسطيني رأساً على عقب، وهو ما سيجد صداه في مضاعفة حجم قوة الاخوان المسلمين في الاردن التي تعتبر قوة المعارضة الاكبر والاكثر تأثيراً في البلاد. وما يضاعف من هواجس عمان، كما تقول المصادر، ان علاقاتها الفلسطينية ظلت مقصورة رسمياً على السلطة منذ ان ابعدت قادة «حماس» عام 1999، رغم انها ابقت على قناة اتصال تهتم في امور غير سياسية. وكشفت المصادر ان الاردن ابلغ السلطة الفلسطينية قبل عدة اشهر ان قيادة «حماس» في الدوحة حاولت في الآونة الاخيرة، وبالتحديد بعد اجراء انتخابات «حماس» خلال شهر ابريل الماضي، وما اسفرت عنه من تغييرات في قيادتها لجهة رجحان كفة قطاع غزة، حيث يتصدر زعامتها حالياً اضافة الى هنية الرجل القوي يحيى السنوار، وتهميش الضفة الغربية من جهة، والتوصل الى تفاهمات مع مصر من جهة ثانية، مع يمثله هذا التقارب من احراج لقيادتها المقيمة في الدوحة وانقرة، تقدمت من خلال جماعة الاخوان في الاردن بطلب انتقال بعض قادتها الى عمان كعاصمة تربطها علاقة مع مختلف اطراف المحاور الاقليمية، وبالتالي يجنبها الضغوط للتمحور والانحياز مع هذا الطرف او ذاك في الحروب المندلعة بين هذه العواصم. ووفق المصادر ذاتها، فإن عرض «حماس» الذي قدم من خلال جماعة الاخوان تضمن اعطاء ضمانات بعدم ممارستها اي نشاطات من اي نوع كان يضر بالاردن والتزاماته او يحرجه مع حلفائه، وان هدف انتقال عدد من قيادة الحركة ممن يحملون الجنسية الاردنية في عمان هو للتواصل مع الضفة الغربية، بعد ان أصبح قرار الحركة وسياستها خاضعَين لأولويات قطاع غزة واحتياجاته. وتابعت المصادر: إن عمان استمعت للعرض «الحمساوي»، لكنها وان لم ترفضه مباشرة الا انها تجاهلته، خاصة ان لها تجربة سابقة مع تواجد قياديي «حماس» في الاردن؛ إذ قد يشكل تواجدهم اضافة معنوية لقوة جماعة الاخوان، من جهة وعبئاً على العلاقة مع اسرائيل واميركا والسلطة الفلسطينية من جهة اخرى، ناهيك عن العبء الامني، مشيرة الى محاولة الموساد الاسرائيلي اغتيال رئيس مكتبها السياسي السابق خالد مشعل في عمان عام 1997. اتصال هاتفي إلى ذلك، قالت «حماس» في بيان صدر عنها امس ان هنية استعرض مع الملك عبد الله الثاني في اتصال هاتفي التطورات السياسية الأخيرة وخاصة في ملف المصالحة، حيث اكد: «إن حركة حماس جادة وماضية في التطبيق الأمين للاتفاقات، حيث أصبح الانقسام خلف ظهورنا، خاصة أن هذه المرحلة تتطلب الوحدة الفلسطينية، مؤكداً أهمية الدور الأردني في انجاح المصالحة. واضاف البيان ان «رئيس المكتب السياسي اكد في حديثه مع الملك على رفض «حماس» كل مؤامرات الوطن البديل وطروحاته»، وقال: «إن فلسطين هي فلسطين، والأردن هو الأردن». وأشار إلى حرص «حماس» على الأردن وأمنها، وقال: أمن الاردن هو من أمننا والأمن القومي الأردني محفوظ ومحمي وحريصون على أن يكون حاضرة ومستقبله قوياً ومؤمناً. من جانبه، أكد الملك عبد الله مواصلة الأردن مواقفها بدعم كل الفلسطينيين خاصة أمام التحديات الراهنة. وعبّر عن تهنئته للشعب الفلسطيني على هذا الإنجاز بتحقيق المصالحة.
مشاركة :