لا يُعرف لماذا يحفظ ملايين الأطفال أغنية تتحدث عن سقوط جسر لندن وإعادة بنائه. لكن النقاش حول تحديث البنى التحتية بات بالفعل يتخطى لعب الأطفال. ففي معظم الدول، التي كانت منتهى تقدم البشرية في يوم من الأيام، تظهر معالم الشيخوخة على الشوارع والجسور والمطارات. وخلال أشهر قليلة مضت، جرت انتخابات رئاسية وبرلمانية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان، وجميع الزعماء تعهدوا بضخ استثمارات لتحديث البنى التحتية، وأولهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي تعهد بضخ تريليون دولار في القطاع. وتتوقع "برايس ووتر هاوس" استثمارات في البنى التحتية عالمياً بـ4.5 تريليون دولار حتى عام 2020. لكن السؤال: من سيدفع هذه الكلفة الباهظة؟ تاريخياً، تلك هي مهمة الحكومات، وبالتالي فإن العبء يقع على دافعي الضرائب، لكن ما العمل حين تكون الخزينة العامة غارقة بالعجز والديون؟ في العقد الماضي، تطورت نماذج الاستثمار في هذا القطاع، ويكفي أن حجم صناديق البنية التحتية تضاعف 15 مرة إلى أكثر من 370 مليار دولار. وتميل النماذج الجديدة بمعظمها إلى تحميل التكاليف إلى المستخدمين، وهكذا عليك أن تتوقع المزيد من بوابات الدفع على الطرق السريعة، وربما رسوماً أعلى على استخدام المطارات والموانئ والخدمات الأساسية. ويكمن الحل إذاً بمزيد من الخصخصة ومشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص PPP. واللافت أن صناديق البنى التحتية وقعت في فخ نجاحها، فالصناديق السيادية وصناديق التقاعد التي ملأت ملياراتُها تلك الصناديق، باتت تميل إلى الاستثمار المباشر. ودخل أخيراً صندوق الاستثمارات العامة السعودي في شراكة مع صندوق "مبادلة" السيادي في أبوظبي وصندوق الاستثمارات الروسي، للاستثمار في مشاريع بموسكو، منها طريق سريع مشمول برسوم المرور. وقبل ذلك توالت إعلانات الصناديق السيادية عن ضخ استثمارات كبرى في الولايات المتحدة. فهل تغير تلك الاستثمارات وجه المدنية في العقد المقبل؟
مشاركة :