أجرت الصين حتى الآن أكثر من 40 ألف جراحة آلية (روبوتية) منذ استعمال أول روبوت جراحة في فبراير 2006م، ما يعطي تأكيداً واضحاً بأن روبوتات الجراحة قد باتت واقعاً جديداً، ولكن هناك تساؤل غالباً ما يطرأ على بال من يناقش ويبحث في مثل هذه المواضيع، وهو هل يمنع ذلك شعور الإنسان بالخوف من أي حركة خاطئة للروبوت أثناء استلقائه على فراش الجراحة بغرفة العمليات؟ أو هل هناك احتمالية لاختراق برنامج الروبوت أثناء إجراء العملية..؟! الصين الأكثر استعمالاً لروبوت الجراحة في العالم لوه دان (69 عاماً) مريض صيني يرقد في مستشفى جامعة نانتشانغ الأول لاستئصال ورم سرطاني، يقول مبتسماً: «إن الجرح صغير، ومدة التعافي بعد العملية قصيرة، وللتوّ أخبرني الطبيب أنه بإمكاني مغادرة المستشفى». الطبيب الآلي (روبوت الجراحة) الذي استأصل الورم للمريض «لوه دان» أجرى نحو 640 عملية مماثلة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، ما جعله الروبوت الأكثر تفوقاً في الصين خلال الوقت الحالي، في هذا الصدد، يقول الجرّاح الصيني وانغ قونغ شيان: «إن البيانات الصادرة عن (روبوت دافنشي) تظهر بأن أكثر 3 روبوتات جراحة فاعلية في العالم توجد في الصين». ويضيف وانغ قونغ شيان: «إن روبوت الجراحة يعتبر بمنزلة السيف السحري بيد طبيب العيادة الخارجية!» ومقارنة بالعمليات المفتوحة، ساعد ظهور روبوتات الجراحة الأطباء على التحكم في العمليات الجراحية بأكثر سهولة، حيث يمكن للطبيب إجراء العملية بالتحكم في المقبض فقط. «معصم يد الإنسان لا يتحرك سوى في 4 اتجاهات، في حين أن ذراع الروبوت يمكنها التحرك في 7 اتجاهات والدوران في 540 درجة». ويتفوق الروبوت الجرّاح أيضاً بناحية أن دقة أعلى ووضوح أكبر تعني جرح أصغر ومعالجة أدق، وبالطبع تعني إنفاقاً أكبر، ومقارنة بالجراحة التقليدية فإن لوه دان رقد في المستشفى نصف المدة الزمنية فقط، لكنه أنفق 20 ألف يوان زيادة (مايقارب 11 ألف ريالاً سعودياً)، وتستعمل هذه النفقات الزائدة أساساً في المقص الإلكتروني وإبرة الخياطة المثبتين في مقدمة ذراع الروبوت. r ماذا يحدث للروبوت لو انقطعت الكهرباء أثناء الجراحة..!؟ - (أنا أثق في العلم، لذلك لا أخاف).. هكذا قال لوه دان، الذي درس الميكانيكا في الجامعة، وهو ما سهل اختياره لجراحة الروبوت من بين خيارين قُدما له، لكن لوه دان يستدرك قائلاً: «بكل صراحة، يبقى لدي القليل من الشك، فنحن في النهاية نتعامل مع آلة، فماذا لو حدث عدم استقرار في الضغط الكهربائي، هل سيفتح الروبوت لي جروحاً أخرى في أماكن غير أماكن العملية..!؟» ذراع محاكٍ لليد البشرية! تعد سلامة التصميم الضامن الأساسي لسلامة جراحة الروبوتات، في هذا السياق، يقول الباحث بمركز أبحاث التكنولوجيات المتقدمة بشنجن التابع للأكاديمية الصينية للعلوم أو يونغ تشنغ، إن ذراع الروبوت تم تصميمها بشكل محاكي لليد البشرية، حيث يمكنها التحكم آلياً في حركتها، وتستطيع تعديل الحركة ألف مرة في الثانية، وحتى حينما ترتعش يد الطبيب، فإن ذراع الروبوت لا تتحرك. 500 عملية جراحية روبوتية رغم ذلك، يبقى الطبيب الذي يتحكم في الروبوت هو مصدر الأمان بالنسبة للمريض، وهنا يقول وانغ قونغ شيان، الفائز بشهادة «500 عملية جراحية روبوتية» في عام 2015م، ويقود أفضل فريق جراحة روبوتية في الصين: «إن الجراحة الروبوتية تحتاج إلى مزيد من التواصل والحوار مع المريض مقارنة بالجراحة التقليدية، حيث على الطبيب بذل جهد في إقناع المريض بأن الروبوت ليس إلا أداة في يد الجراح، وأن الطبيب هو من يتحكم في الجراحة، ومع تغير أدوات الجراحة، يتغير الطبيب أيضاً، فقبل ممارسة الجراحة الروبوتية، على الطبيب أن يحصل على الشهادة التي تسمح له القيام بهذا النوع من الجراحة. أكثر من مجرد جراحة يتوقع وانغ قونغ شيان بأن لا يقتصر استعمال الروبوتات في المستشفيات على الجراحة في المستقبل، بل قد تظهر روبوتات ترشد المرضى في العيادة الخارجية، وروبوتات أخرى داخل غرف المرضى تساعدهم على التحرك، وفي هذا الإطار، طرح «مخطط تطوير صناعة الروبوتات (2016-2020)» إنشاء نقاط تجريبية بمراكز الجراحة الذكية في المستشفيات الرفيعة المستوى في الصين. لكن في الأخير، وكما يقول وانغ قونغ شيان، فإنه: «مهما كانت درجة التطوّر التي وصل إليها الروبوت، فإنه لم ولن يملك مشاعر الإنسان، وهذا أهم ما يحتاج إليه المريض وهو على فراشه»! ولذلك، فمهما تقدمت الجراحة الآلية في عالم الطب، فسيبقى من غير الممكن أن يحل الروبوت مكان الطبيب البشري بشكلٍ كامل.
مشاركة :