قراءة في المشهد السياسي

  • 10/28/2017
  • 00:00
  • 39
  • 0
  • 0
news-picture

حمل النطق السامي لأمير البلاد في افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس عشر كل معاني التأثر والخشية من تطور الأزمة الخليجية بما يؤثر سلباً في متانة هذه الجبهة العربية الإقليمية الوحيدة الباقية، كما حفل خطابه حفظه الله بتوجيه لأبناء شعبه بالعمل على حماية الجبهة الداخلية من التصدّع والتناحر وتأخُّر الإنجاز.. وأكد أخيراً التزاماً سامياً بالدستور والنهج الديموقراطي في الحكم وإدارة الدولة.. تلا الخطاب الأميري اتفاق كبير بين رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية على أهمية التعاون بين أركانهما، خاصة في هذه المرحلة الصعبة. ولكن، لم تَكَدْ تمر ساعات حتى انشغل المجلس بجلسة الاستجواب لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة في مرافعة طرح الثقة من خلال النائبين المستجوبين لتشمل جملة من القضايا المهمة، وقد أفاض الوزير في الرد والدفاع عن الجهات التابعة لوزارتيه. وفي الأثناء نفسها وما بين قاعة المجلس والفضاء الإلكتروني، تشكَّلت قائمة طارحي الثقة حتى تعدَّت 28 نائباً ونائبة واحدة.. وحكمت قبل انتهاء جلسة الاستجواب بانتهاء مستقبل الوزير السياسي، وربما وجود الحكومة ككل..!! ولا يمكن لأي مراقب لهذا المشهد السياسي المُبَكِّر لمجلس الأمة إلاّ أن يستشف بداية أن ما حدث في القاعة لا يعكس قناعات شخصية فقط لعددٍ من طارحي الثقة، وإنما يتعدى تفسيره الى جملة من الأمور الاخرى يتكلم عنها أهل الكويت سرّاً وعلانية.. ولعلَّ أهمها: • أن هذا المشهد بالتأكيد يرتبط بامتداداتٍ خارج القاعة تتعلق بصراعِ بعض أقطاب في الاسرة او الصراع بين أصحاب نفوذ في المواقع المختلفة في الدولة. • كما أنه بالتأكيد يتعدّى قناعات النواب الفردية إلى حسابات الصفقات والمقايضات التي كان يتأملها بعض النواب أو بعض الكتل السياسية وأبرز مثال الربط بين قضايا إعادة الجناسي ومسألة طرح الثقة، حتى وإن أنكرها البعض. • عكس المشهد تفكّك الفريق الحكومي وضعف التضامن الوزاري بين أعضاء الفريق، وبالتالي تراجع دور مجلس الوزراء ككتلة مؤثرة في سير الأحداث داخل القاعة. • عكست النتيجة تزايد الضغط الشعبي على النواب بالتصدي للتفريط في حُرمة الأموال العامة وزيادة التذمر من قضايا الفساد الذي زادت مظاهره ولم تتضح الجدية الحكومية في محاسبة من ثبت تورّطه، حتى وإن كان بعض أعضاء المجلس طرفاً فيه. • عكس اندفاع النواب بطرح الثقة الى رغبة التيارات السياسية في إعادة كسب ثقة الناخبين أو الشارع بوجه عام بعد دخول معظمها في فترة سبات سياسي أو فترة تحالفات وخاصة أقطابها، وتخليهم عن المشروع الوطني لأجل مصالحهم. • زيادة بطالة الشباب وتراجع المؤشرات الاقتصادية ككل، دفعت المواطنين إلى عدم التعاطف مع الوزراء، حتى وان كانت طروحاتهم مقنعة. • تفاقم استخدام المال السياسي في شراء الولاءات وتحديد المراكز حتى لبعض أعضاء السلطة التشريعية، مما يجعل الدفاع عن/ أو ضرب أشخاص (وليس القضايا) أمراً يَسْهُل تبريره من قبل المتمصلحين. لا شك في أن الأوراق قد اختلطت في هذا المشهد، وان المواقف تقاطعت ودخل الوطن مرة اخرى في نفقٍ صعب، سيؤدي بالتأكيد الى تراجعٍ اكبر في المسيرة. أملنا ورجاؤنا ان يتصدّى مَنْ بيده الامر للحسم السريع بتشكيل حكومي متجانس وصلب يتصدّى لمظاهر الفساد وشراء الولاءات السياسية ــــ بالمال او غيره ــــ مع اعادة الاعتبار الى مبدأ الفصل بين السلطات وعدم طغيان إحداها على الاخرى، بهدف الدفع بآلية العمل الجاد والصالح لإدارة الدولة، وبما يحقّق مصلحة الوطن.. والله الموفّق. د. موضي عبد العزيز الحمود

مشاركة :