مفطَّح سياسي - مقالات

  • 10/28/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بما أنني أنتمي إلى بيئة حضرية، فهناك الكثير من التساؤلات كانت تدور ببالي عندما أرى ثقافات مختلفة في مجتمعي الصغير. وكان احد التساؤلات التي دارت ببالي عن سبب تَمثُل إكرام الضيف عند أبناء القبائل بالخروف «المفطَّح». وقد تباينت الإجابات بين أبناء القبائل حتى تفرَّق دم المفطح بين القبائل ولم أعرف له إجابة، ولكنَّي استنتجت إجابة من بنات أفكاري التي غالبا لا تخونني في استنباطاتها وتحليلاتها، فـ «المُفطَّح» هو رمزية للتسليم الكلي والرضوخ التام للضيف، وأعني بذلك - انقياد الخروف بشحمه ولحمه للضيف - وترمز وضعية الانبطاح على البطن لـ «المفطح» لأعلى مراحل الاستسلام لكي يؤكل أكلا من قبل المُقدم لأجله. وقد استلهمت من هذه «السيميائية» البدوية في إكرام الضيف، بُعدا سياسيا آخر ظهر جليا من خلال الممارسات السياسية التي حدثت مع افتتاح دور الانعقاد الحالي في تسليم البعض لنفسه للحكومة ليكون «مفطحا» يؤكل متى ما أرادت الحكومة أن تكرم وزيرا أو تصحح موقفا. فيكون «مفطحا سياسيا» يضحى به في أول رغبة حكومية لأي شيء، ولعل الفرق بين المفطح البدوي والمفطح السياسي، أنَّ الأول يذبح إجلالا وتقديرا لضيف يحفظ العهد والكرم والعزة لمن يقدم له هذا الشكل الكبير من التقدير والاحترام، وأما الثاني فهو أرخص من أن يكون رمزاً لأي نوع من أنواع التقدير والاحترام، فهو ضحية لأي مغامرة سياسية أو إهمال متعمد من قبل الحكومات المتعاقبة، فيكون دوره فقط في الذود عن حمى الحكومة، أكانت على حق أم على خطأ. إنَّ المشهد الذي شاهده الشعب الكويتي في الممارسات السياسية على مر تاريخها السياسي، رسم ملامحا دقيقة لمن يدخل مجلس الأمة راغبا في إكرام الشعب الكويتي بقوانين وتشريعات تحفظ له حقوقه ومكتسباته وأمواله، وبرقابة تضع كلَّ مسؤول مستهتر عند حده، ورسم المشهد الأخير أيضا صورة لمن دخل المجلس وظل جاثما على كرسي البرلمان لسنوات عديدة منبطحا «متفطحا» للحكومة في كل قرارتها التي لم تخط خطوة واحدة في سبيل التنمية إلا بالزجر والنهر من قبل شرفاء الوطن. ولعل هذا الأمر أشعل إشاعات كثيرة عن حل المجلس والتي لا أعتقد أنها صحيحة وإن كانت كل المؤشرات تدعو لذلك، ولكنَّ الوضع الإقليمي الملتهب عربيا والمتفكك خليجيا لن يكون فرصة جيدة لعقد انتخابات داخلية ونحن أمام مواجهات وتحديات كبيرة. والأهم من التفكير بعقد انتخابات مبكرة، هو إعادة النظر بالخيارات التي غيَّبت جزءا كبيرا من دور البرلمان الرقابي عن طريق دخول بعض النواب الذين لا شغل لهم إلا الدفاع عن الحكومة بكرة وأصيلا!، في القادم من الأيام ستكون الفرصة جيدة لإعطاء البعض درسا في أنَّ الشعب قد كشف الكثير من الممارسات التي لم تعد تصلح لهذا الوقت وهذا الزمن. أهم ما يمكن استنتاجه من الاستجواب الأخير، أنَّ اختلاف نظام التصويت من أربعة أصوات إلى صوت واحد لم يردع المجلس من ممارسة حقوقه وواجباته في الدفاع عن مكتسبات الأمة وحقوقها، وأنَّ العبرة في تحقيق النظام البرلماني المتكامل الذي يضمن المحاسبة والتنمية على حدَّي الممارسة، من دون إخلال بحقوق السلطات ودورها. خارج النص: - مع كل ما حصل من احتقان سياسي، فإنَّ شيئا لن يتغير في المشهد السياسي الكويتي؛ لأنَّنا وبكل بساطة عشنا مشاهد أكثر حدة وسخونة مما حصل مع استجواب الشيخ محمد العبدالله والنائبين عبدالكريم الكندري ورياض العدساني، ولكنَّ الفطن مَنْ يعي أنَّ الممارسات المقبلة ستكون على نطاق أكبر وبمشاركة لاعبين سابقين وحاليين. - كل الوعود التي أطلقها المسؤولون عن انفراج الوضع الرياضي الكويتي، أعتقد بوجهة نظري المتواضعة هي تخدير وتشتيت لرؤية الشعب للمسؤول الحقيقي عن إيقاف الرياضة الكويتية، وأنا أعرف مثل غيري مَنْ هو المسؤول عن الإيقاف لكن الكل يحب أن يلعب الضحية أو كما يقال بالعامية: «يسوي نفسه عبيط». AlSaddani@hotmail.com

مشاركة :