باب الإجتهاد مفتوح .. هذه هي العبارة الدارجة التي يرددها كثيرون دون العمل بها فهي كلمة جميلة منمقة كالإبداع والتفكير والتجديد فلا يوجد من ينكرها جميعها لكن يوجد من يحاربها جميعها إما بقصد أو من غير قصد والإجتهاد أهمها ، لكن ما يساهم في زيادة التمويه فيما يتعلق بالإجتهاد وعدم التعرف على المشكلة بل عدم إدراك أن باب الاجتهاد مغلق واعتقاد أنه مفتوح ، هو القول أن الإجتهاد في النوازل قائم وبالتالي باب الإجتهاد مفتوح ، أي أن معالجة النوازل هي الإجتهاد وهذا غير صحيح ، لأن اجتهاد النوازل أشبه باجتهاد الطوارئ ولا يثبت أكثر من كون أهل ذلك العصر مؤمنون يهتمون بمعرفة حكم الله فهي تثبت الإيمان لهم لا العلم الشرعي ولا الإجتهاد ، فالنوازل يتعين على أهل البلد البحث عنها بحسب مقدرتهم ولو كانوا غير متخصصين ، فمثلا لو وردهم طعام لا يعرفون ما هو او نوع من الحيوانات يريدون أكله ولا يعلمون هل يحل أكله أم لا ، فإنهم يجتهدون بحسب قدرتهم من حيث تذوق الطعام أو تشبيهه بأي حيوان معروف ليقيسوا عليه لكن لا يمكن ان يأكلوه بدون تحقق ولو بسيط ، والنوازل المعروفة في زمننا كأطفال الأنابيب أو الاستنساخ مثلها فلو لم يكن هناك عالم واحد لوجب على الناس الإجتهاد بها بقدر المستطاع وليس الامتناع عنها طالما أنهم يرون ان بها فوائد فيجتهدون بحسب قدراتهم ، وبالتالي فالإجتهاد المقصود حينما يوصف بأنه مغلق في زمن أو مفتوح هو إعادة النظر في القديم بمنهج شامل وليس في مسألة أو مسألتين ، أي إعادة بحث ما ذكره السابقون وتجاوز أقوالهم وعدم تقديسها واعتبارها منتجا بشريا وتعليل اجماعاتهم والقول بظرفيتها والحرص على الإتيان بقول غير مسبوق مع الحفاظ على الثوابت ، فهذه هي علامات الإجتهاد حينما يقال عصر الاجتهاد مفتوح ، وهي ما حورب أهل الاجتهاد قديما بسببها فهم لم يحاربوا لأنهم اجتهدوا في النوازل وإنما في تجاوز من سبقهم ، ولحق بهم بعض المعاصرين حيث شنت عليهم حملات في مسائل يمكن الإجتهاد بها ولو لم يحصل الخلاف بها سابقا ، ولم يكن التضييق على السابقين من المجتهدين لأنهم تركوا مذاهبهم واتجهوا للمذاهب الأخرى وإنما للاجتهاد ، فابن تيمية وابن القيم والسيوطي والعز بن عبد السلام لم يكونوا يطالبون بالبقاء على مذاهبهم وإنما يطالبون بعدم الإتيان بجديد ، ولعل كتاب السيوطي ” الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض” دليل على ذلك حيث لم يُعلم عنه إلا بعد وفاته بسبب سطوة التقليد والجمود في زمنه والذي حذر منه في هذا الكتاب .عبدالله العلويط / باحث شرعيالرأيعبدالله العلويطكتاب أنحاء
مشاركة :