إمام المسجد النبوي: ما تمرّ به الأمة اليوم مقدمة لـ"نصر مبين"

  • 10/27/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أكد الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان، إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة اليوم، أن ما تمرّ به الأمة الإسلامية اليوم من فتن وبلاء ومحن ولأواء وتسلط الأعداء؛ إنما هو امتحان وتمحيص ومقدمة لنصر مبين وعز وتمكين بإذن الله، قال تعالى: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب}. وقال "البعيجان": أول من أظهر الإسلام سبعة: (رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد)؛ فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فساوموهم بسوء العذاب؛ فما منهم أحد إلا وقد أتاهم على ما أرادوا إلا بلال؛ فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه؛ فقام المشركون بإيذائه وتعذيبه لعله يرجع عن دينه؛ فقابلهم بالصلابة والثبات؛ فزادوا في تعذيبه وبلائه؛ فكان سيده أمية بن خلف يُخرجه إذا حَمِيت الظهيرة؛ فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره ثم يقول: لا تزال على ذلك حتى تموت أو تكفر بمحمد، ويقول: أي شؤم رمانا بك يا عبد السوء، لئن لم تذكر آلهتنا بخير لأجعلنك للعبيد نكالاً؛ فيرد بلال رضي الله تعالى عنه وهو ثابت لا يتزعزع: ربي الله أحد أحد، ولو أعلم كلمة أغيظ لكم منها لقلتها. وأضاف: فلما بلغ الكتاب أجله في تعذيبه، أتى الفرج فاشتراه أبو بكر رضي الله تعالى عنه وأعتقه لوجه الله عز وجل؛ وفي ذلك نزل قوله تعالى: {وسيجنبها الأتقى، الذي يؤتي ماله يتزكى، وما لأحد عنده من نعمة تجزى، إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى}، وتمضي الأيام ويهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ويهاجر بلال رضي الله عنه ويصبح مؤذن الإسلام. وأردف: يخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معركة بدر، وقد أقبل المشركون من قِبَل مكة بأسيادهم، ومنهم أمية بن خلف وأبو جهل، يتقدمون في خيلاء الكبر والغرور جيشهم نحو الألف، ومعهم القيان يضربن بالدفوف ويتغنون بهجاء المسلمين ويقولون: "والله لا نرجع حتى نرد بدراً فنقيم بها ثلاثاً، فنحرر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف لنا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا؛ فلا يزالون يهابوننا أبداً". وتابع: يرى بلال رضي الله عنه سيده أمية بن خلف الذي طالما آذاه بمكة؛ فيشق الصفوف ويزأر ويقول: "رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوتُ إن نجا"؛ فمكنه الله منه، فحمل عليه فكان كأمس الدابر واليوم الغابر؛ فقال فيه أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "هنيئاً زادك الرحمن عزاً.. فقد أدركت ثأرك يا بلال"، أما عدو الله أبو جهل فقد أقبل في كبر وغرور يرتجز ويقول: "ما تنقم الحرب العوان مني … بازل عامين حديث سني لمثل هذا ولدتن أمي". وقال "البعيجان": لما فُتحت مكة صعد بلال رضي الله عنه على ظهر الكعبة ليجهر بكلمة التوحيد على بُعد خطوات من المكان الذي كان يعذب فيه، وفي وقت الظهيرة وعلى رءوس الأشهاد يؤذن: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله؛ فهيّج ذلك الموقف غيظ أعدائه حتى قال بعضهم: "لقد أكرم الله أبي إذ مات ولم يسمع هذا فيغيظه"، وقال الآخر: "ليتني مت قبل هذا". وأضاف: لم يتبوأ بلال رضي الله عنه هذه المنزلة السامية في الإسلام إلا بعد امتحان وابتلاء وصبر ومجاهدة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}. وأردف: الله يمهل ولا يهمل، ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته؛ فما حل بالمستضعفين من المسلمين في مكة في بداية الإسلام من المحنة والبلاء إنما كان لإعداد جيل جديد حديث، وتمكين ونصر حثيث، وتمحيص وتصفية ليميز الله الخبيث، وما هي فترة حتى يمنّ الله على المضطهدين والمظلومين الذين استُضعفوا في الأرض، وإذا بصناديد الشرك والكفر والظلم يُذبحون بسلاحهم وبأيدي مواليهم كبلال وأمية وابن مسعود وأبي جهل؛ فيشفون غليلهم ويأخذون بثأرهم {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}. وأضاف: موازين الفضل عند الله بالعمل وليست بالنسب والمنصب والمال والجاه؛ فالناس سواسية كأسنان المشط، كلكم لآدم وآدم من تراب، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. وأردف: الصبر مفتاح الفرج، والجنة حُفت بالمكاره وحُفت النار بالشهوات، والنصر قريب؛ فسينصر الله دينه كما نصر المستضعفين في مكة، وكما نصر أولياءه من قبل ومن بعد.

مشاركة :