أكدت السيدة نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أن دولة قطر التزمت باتخاذ إجراءات ضد تمويل الارهاب ، نافية في هذا الصدد تقديم قطر تمويلا لحركة "حماس"، فيما يعد تراجعا عن تصريحات كانت قد أدلت بها أمام الكونجرس هذا الصيف. وذكر موقع "باز فيد" ، في تقرير له، أن ذلك جاء في مذكرة أرسلتها هيلي إلى الكونجرس الأمريكي، في الوقت الذي يسعى فيه السيد ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي إلى توحيد الجبهات في إدارة الرئيس دونالد ترامب خلف سياسة مشتركة في التعامل مع الأزمة الخليجية. وقالت هيلي في مذكرتها إن "الحكومة القطرية لا تمول حماس إلا أنها تسمح للممثلين السياسيين للحركة بالإقامة في قطر "، مضيفةً أن "قطر التزمت باتخاذ إجراءات ضد تمويل الإرهاب، بما في ذلك إغلاق حسابات حماس البنكية". وكانت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة قد كررت ادعاءها أن قطر "تمول حماس" خلال جلسة استماع في 28 يونيو الماضي أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب مما جعل بعض أعضاء الكونجرس يقدمون مزيداً من الأسئلة عن مدى علم الولايات المتحدة بمزاعم تمويل قطر لحماس، ولكن السفيرة الأمريكية عادت وأجابت كتابياً هذا الشهر لتقول إن الولايات المتحدة ليس لديها معلومات بهذا الشأن. وأوضح موقع "باز فيد" أن مسؤولين كبارا في الإدارة الأمريكية أخذوا مواقف مختلفة في الأزمة منذ بدايتها في يونيو الماضي عندما قادت السعودية والإمارات حصاراً في مجالي التجارة والنقل ضد دولة قطر، حيث اتخذها الرئيس ترامب وبعض كبار مساعديه مثل هيلي وستيفن بانون كبير الاستراتيجيين آنذاك "فرصةً" للضغط على قطر بشأن دعمها المزعوم للجماعات الإسلامية مثل حماس والإخوان المسلمين، وهو الاتهام الذي تنفيه الدوحة. وعلى الجانب الآخر يرى كل من السيد ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي، والسيد جيمس ماتيس وزير الدفاع أن الحصار يشكل تهديداً لاستقرار المنطقة وكذلك القاعدة الجوية الأمريكية في قطر التي يتركز بها أكبر عدد من القوات الأمريكية في مكان واحد في الشرق الأوسط. ويرى محللون أن تعديل هيلي لتصريحاتها يكشف الانفصال بين سياسة وزارة الخارجية الأمريكية وخطاب البيت الأبيض حول الأزمة الخليجية. من جهته ، قال إيلان جولدنبرغ الخبير في شؤون الشرق الأوسط في "مركز الأمن الأمريكي الجديد" والموظف السابق بالخارجية الأمريكية "في لحظة تقوم هيلي بانتقاد قطر بشدة وهو ما يفعله الرئيس كذلك، وفي اللحظة التالية يعمل تيلرسون وماتيس من أجل إنهاء الخلاف الخليجي". وأشار إلى أن إجابات هيلي المرسلة إلى الكونجرس "كتبت بواسطة موظفي وزارة الخارجية" مضيفا أن "هيلي ذهبت هناك وانتقدت قطر بشدة بصورة علنية ولكن بعد ذلك قامت وزارة الخارجية باتباع تعليمات تيلرسون بشأن اتخاذ نهج تصالحي". وعلى عكس ذلك نفى مسؤول أمريكي رفض الكشف عن هويته عن وجود خلاف في وجهات النظر بين هيلي وتيلرسون وأكد أن موظفي إدارة الرئيس ترامب يعملون على قدم وساق. وقال المسؤول إن "الحكومة الأمريكية متحدة حول هذه القضية. ونحن نعمل جاهدين لدعم وحدة مجلس التعاون الخليجي التي تعتبر شديدة الأهمية لاستقرار المنطقة ..وفي الوقت نفسه نشجع الدول على اتخاذ المزيد من الخطوات لمكافحة الإرهاب". ومن ناحية أخرى نقل موقع باز فيد عن ديفيد أوتاواي خبير الشؤون الخليجية في مركز وودرو ويلسون في واشنطن قوله إن ردود هيلي في المذكرة تعتبر تراجعاً واضحاً، مضيفا "ربما كانت قد وجهت هذه الاتهامات السابقة دون معرفة عما كانت تتحدث، أو ربما ضُغط عليها من قبل الخارجية لتغير موقفها ليتماشى مع محاولة تيلرسون أن يكون أكثر حياداً حتى يتمكن من أن يكون أكثر فعالية في التوسط في النزاع". ولم يتمكن تيلرسون في تصريحات له أول أمس الخميس من الحديث عن أي تقدم تجاه حل الأزمة التي شارفت على اكتمال شهرها الخامس وذلك بعد عودته من جولة في المنطقة شملت قطر والسعودية الأسبوع الماضي. وفى مقابلة مع شبكة بلومبيرغ مؤخرا ألقى وزير الخارجية الأمريكي باللوم على دول الحصار في عدم تحقيق تقدم في المفاوضات. قائلا "يبدو أن هناك عدم رغبة بشكل واضح من جانب بعض الأطراف في الانخراط في الحوار" مضيفاً أن "الأمر يعود إلى دول الحصار بشأن تقرير متى تريد الحوار مع قطر لأن الدوحة كانت واضحة جداً أنها مستعدة للحوار ". وأضاف تقرير "باز فيد" أن تيلرسون قد عانى في محاولته لممارسة ضغط على السعودية والإمارات من خلال أذرع الحكومة الأمريكية المختلفة. وقال ترامب في البداية إن الحصار كان "صعباً ولكن ضروري" قبل أن يدعو في وقت لاحق إلى حل الأزمة .. كما يقال إن صهره جاريد كوشنر يدعم السعودية. وخلال الصيف وصفت هيلي الحصار بأنه "فرصة" للولايات المتحدة لمنع دعم دول الخليج للإرهاب، وقالت آنذاك: "أرى أنها فرصة جيدة لإقناع قطر بالتوقف عن دعم حماس". في المقابل، دافع ستيفن بانون كبير الاستراتيجيين السابق، في كلمة له مؤخرا في معهد هدسون للأبحاث ، عن موقف الإمارات والسعودية وسط تقارير تفيد بأن شركته السابقة تلقت مؤخراً مبلغ 330 ألف دولار من الإمارات لإدارة حملة رسائل معادية لقطر. وقال بروس ريدل الباحث في معهد بروكينغز والضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إن "إجابات هيلي تؤكد الخلافات حول هذه المسألة بين وزير الخارجية والبيت الابيض، مضيفا أن "هيلي محاصرة بين مركزي قوة متنافسين ولكن البيت الأبيض يتمتع بجميع المزايا".;
مشاركة :