رسم من داخل المحكمة لعبد القادر مراح أثناء جلسة الخميس (أ.ف.ب) المجلة: لندن يواجه القضاة الفرنسيون الخميس مهمة شاقة تتمثل في محاكمة شقيق محمد مراح وشريك له بعد خمسة أسابيع من النقاشات المؤثرة، بين معاناة الضحايا والطابع الرمزي للمحاكمة ومضمون الملف بحد ذاته. وقال أوليفييه موريس محامي العسكري الذي قتله محمد مراح، أمام محكمة الجنايات في باريس «إنها محاكمة خارجة عن المألوف، تشكل علامة في تاريخ الإرهاب الفرنسي». من جهته، صرح سيمون كوهين محامي ضحايا قتلوا في مدرسة يهودية، لوكالة الصحافة الفرنسية أن محاكمة عبد القادر مراح الأخ الأكبر لمحمد مراح «مشحونة بالمشاعر. لم يتم التعبير عن الألم فقط بل شعرنا فيه. الاصطدام بين العالمين لم يظهر فحسب بل انفجر». وغلب التوتر على المناقشات نظرا للطابع الفريد لأول محاكمة بعد الاعتداءات التي شهدتها فرنسا منذ 2012 وما يتوقعه الضحايا والرأي العام من القضاء. وقال كوهين إن «الرهان هو قدرة القضاء الديمقراطي على محاكمة إرهابيين من دون التضحية بالقانون». وأدت الانفعالات التي أثارتها روايات الضحايا والشهود إلى مزيد من التوتر في أجواء الجلسات المشحونة أصلا. وبين 11 و19 مارس (آذار) 2012. قتل محمد مراح سبعة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال يهود في تولوز ومونتوبان، قبل أن تقتله الشرطة. وعبد القادر مراح ملاحق بتهمة المشاركة في جرائم شقيقه وبالاتفاق الجنائي الإرهابي إلى جانب مهرب صغير يدعى عبد الفتاح ملكي. ومنذ اليوم الأول، خاض المحامي إيريك دوبون موريتي الذي يرافع عن مراح، وبعض محامي الأطراف المدنية معركة شرسة اضطر رئيس المحكمة فرانك زينتارا للتدخل فيها لدعوتهم إلى الانضباط، من الشتائم إلى المقاطعة والتعبير بحركات الرفض. ويقول كوهين «الكرامة ليست الصمت وغياب الجدل. من الطبيعي أن يتم التعبير عن الانفعالات وأن تتواجه الفرضيات. إنه دور قضاء ديمقراطي والنموذج الذي ندافع عنه»، وذلك ردا على زميله أوليفييه موريس الذي رأى أنه «عنف غير جدير بدخول قاعات المحكمة». وحتى قبل بدء جلسات المحاكمة، دان دوبون موريتي محاولة تدفيع موكله ثمن جرائم شقيقه الذي خصص الجزء الأكبر من الجلسات له. لكن أدوار مارسيال محامي عبد الفتاح ملكي رد في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «كيف يمكننا تجنب محاكمة محمد مراح عندما نتحدث عن براءة أو مسؤولية المتهمين؟ كنا نعرف أنه أمر حتمي»، معتبرا أن النقاش حول الأدلة جرى فعلا. وأضاف: «لا يستطيع أحد القول: إن حرية التعبير لم تكن كاملة». والوقائع التي تؤخذ على عبد القادر مراح تستند إلى دوره المفترض «كراع» عقائدي لشقيقه ومشاركته في سرقة دراجة نارية صغيرة وشراء السترة التي استخدمت خلال الاعتداءات. أما عبد الفتاح ملكي فملاحق لأنه أمن سلاحا وسترة واقية من الرصاص للقاتل. لكن لتكون جدية، يجب أن تفترض هذه الاتهامات أن المتهمين كانا على علم مسبق بخطط المنفذ، وهذا لم يتم إثباته رسميا خلال الجلسات. وبالنسبة لعبد الفتاح ملكي الذي كان واضحا أنه ليس متشددا دينيا وأنه يطمع بالمال، يبدو الأمر محسوما. وقال مارسيال «تحدثوا كثيرا عن الاتفاق الجنائي وأخشى أن يكون وجود موكلي في قفص الاتهام مجرد إضافة تخدم الملف». ويبدو الدور الذي لعبه عبد القادر مراح أكثر خطورة بشكل واضح. فقد عرف عن نفسه بأنه مسلم «أصولي» وكانت كل أقواله وشهاداته تنضح بالتطرف. وتثير دروس الإعداد للجهاد التي كان يستمع إليها ورحلاته إلى مصر وقربه من شقيقه عند وقوع الهجمات وتبريره لسرقة الدراجة النارية تساؤلات أيضا. وقال شرطي في الجلسة «ليست هناك أدلة ضده بل حزمة مؤشرات». وأضاف: «كما نتحدث عن قرينة الشك، يجب أن تكون هناك قرينة الدليل»، بينما ذكر زميله بأن «القناعة الأخيرة» للقضاة هي المهمة في نهاية المطاف.
مشاركة :