«كتابيه».. مذكرات عمرو موسى (7-8)

  • 10/29/2017
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

في الحلقة السابقة عشنا مع جانب مهم من مذكرات عمرو موسى مع فرحة النصر بانتصار مصر في حرب أكتوبر 1973، وكيف تلقى الخبر أثناء عمله في الأمم المتحدة، وكيف اتخذ الرئيس أنور السادات قراره الجريء بزيارة القدس، كما تحدث عن خبر اغتيال الرئيس الذي وصل إليه – أول ما وصل – من صحافي أميركي، لكن اتصالا جاءه من سفير مصري في القاهرة أبلغه بعدم الرغبة في إعلان الخبر في حينه، لكن موسى كان قد بدأ تحركاته لإقامة حفل تأبين للرئيس الراحل في الأمم المتحدة... وفي السطور التالية نعرض جانباً آخر من مذكرات رجل الدبلوماسية المخضرم من واقع ما جاء على لسانه في كتاب مذكراته «كتابيه». خلال فترة رئاستي لبعثة مصر الدائمة في الأمم المتحدة كثيراً ما كان يتم استدعائي للمشاركة في المؤتمرات والمناسبات الكبرى، ومن ضمن هذه المرات التي استدعيت فيها من الدكتور عصمت عبدالمجيد، وزير الخارجية، القمة العربية التي انعقدت في 28 مايو 1990م في بغداد، بدعوة من الرئيس العراقي صدام حسين. توجهت من نيويورك إلى بغداد قبل القمة بعدة أيام لحضور اجتماع وزراء الخارجية الذي يسبق القمة مع الدكتور عبدالمجيد، كانت الأجواء في هذا الاجتماع الوزاري ملتهبة، حيث شهد إعلان العراق صراحة نيته تزعم العالم العربي وقيادته، فكان صدام حسين يعتبر أنه خرج منتصراً من حربه مع إيران (1980 – 1988م)، ويرى أن الرئيس مبارك أو غيره من القادة العرب ليسوا مؤهلين مثله لهذه المهمة، تسبب ذلك في إشكاليات عديدة على مختلف المستويات، منها ما دار بين وزراء الخارجية خلال هذا الاجتماع التحضيري للقمة، فوزير خارجية العراق، طارق عزيز لم يقبل ما تحدث به عصمت عبدالمجيد عن قرار مجلس الأمن رقم «242» بوصفه جزءاً من أساسيات ومنطلقات التفاوض مع إسرائيل لإعادة الحقوق العربية، وعندما شرع عبدالمجيد في الحديث عن هذا القرار قال له الوزير العراقي: «لا، لا، لا تحدثنا عن 242 أو غيره، هذا تاريخ قديم انتهى، الآن العراق هو المسؤول، سوف نتخذ القرار المناسب بشأن الحقوق العربية، وقرارات الأمم المتحدة وما شابهها لا قيمة لها». وصل الرئيس مبارك والوفد المصري بغداد قبل يوم من انعقاد القمة، ذهبنا لاستقباله في المطار، كان صدام حسين على رأس مستقبليه، وقد لاحظت هنا وكنت أقف مع عدد آخر من السفراء على مرأى من مهبط الطائرات أن صدام حسين ظهر في بزة عسكرية مع رهط من كبار المسؤولين العراقيين تبينت منهم طه ياسين رمضان وعزة الدوري وطارق عزيز وكلهم بالزي العسكري، ثم فجأة صاح ضابط صغير صيحة اصطف على أثرها صدام حسين في المقدمة يليه صفان كل منهما يضم ثلاثة من كبار المسؤولين ثم انتظروا إلى أن هبطت طائرة الرئيس مبارك، وفتح الباب، ثم صاح نفس الضابط صيحة أخرى تقدم بعدها هذا الركب نحو الطائرة في خطوات عسكرية في نفس اللحظة التي ظهر فيها الرئيس مبارك خارجاً من باب الطائرة، ولا شك أنه لاحظ هذا الاستقبال الغريب لرئيس جمهورية زائر. خلاصة القول أن العراق في هذه الفترة كان حريصا على إظهار القوة والنظام والفخامة والحرص على مظاهر الثراء والرهبة، كان ذلك في نفس الوقت الذي تظهر فيه الرئاسة المصرية كثيراً من البساطة والصداقة في تعاملها على المستوى العربي. عندما علم الرئيس مبارك، بما بدر من طارق عزيز في حديثه للدكتور عصمت عبدالمجيد – وطبقا لما فهمته من أسامة الباز، الذي سافر وعاد مع الرئيس – لم يهتم به، ورأى أنه مجرد كلام على مستوى وزراء الخارجية، وأنه يستطيع أن يحل الأمور على مستوى القمة. لاحظت وأنا أجلس في الوفد المصري خلف الرئيس مبارك، أن الرجل كان مدركاً للوضع الدرامي والكوميدي في الوقت نفسه للعالم العربي خلال هذه الفترة، لأن العراق كان يتحدث وكأننا في عالم غير العالم الذي نعيش فيه بموازين القوى التي باتت على وشك التغير الجذري بأفول نجم الاتحاد السوفياتي. ولما بدأ صدام يهاجم دول الخليج في خطابه، طلب مني الرئيس مبارك أن أذهب إلى حيث يجلس الرئيس العراقي وأطلب منه تأجيل مناقشة مثل هذه الأمور للجلسة المغلقة، لأنه من غير المفيد الخوض فيها في الجلسة المفتوحة، فتوجهت وأبلغت طه ياسين رمضان، نائب الرئيس العراقي برسالة الرئيس مبارك التي أبلغها بدوره لصدام حسين بوشوشة في أذنه، فأومأ صدام وقال بصوت خفيض سمعته: "إن شاء الله خير"، ولم أفهم ما الذي يقصده بتعبير "إن شاء الله خير"! انتهت القمة وكان من أهم القرارات التي اتخذت في هذه القمة القرار الخاص بانتظام عقد مؤتمرات القمة العربية، وتقرير عقد القمة المقبلة في نوفمبر 1990م بالقاهرة. مقدمات غزو الكويت كان أداء العراق بقمة بغداد في 28 مايو 1990 مؤشراً واضحاً على ثقة بالنفس وغرور كبير، ومن ثم شعرت (وذكرت ذلك للدكتور عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية) أنني أشم رائحة مغامرة كبيرة آتية خصوصاً بعدما قاله طارق عزيز من أن قرار مجلس الأمن رقم 242 انتهى وأن العراق سوف يأخذ الأمور في يده، وأن حل مشكلة فلسطين يترك للعراق، في ضوء ذلك كنت أرى أن صدام حسين قد يقدم على عمل يهز أركان النظام العربي كله. تأثيرات كلمة صدام حسين ترجمت على الفور لأزمة كبيرة مع الكويت بعد شهرين ونصف الشهر من القمة، عندما قام نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية العراق طارق عزيز بتسليم مذكرة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية الشاذلي القليبي، في تونس مؤرخة في 15 يوليو 1990م، تزعم أن الكويت تسعى للإضرار بالعراق، وتعدد المذكرة مجموعة من الاتهامات، منها منشآت عسكرية ونفطية على أراضي العراق، وإغراق أسواق النفط بمزيد من الإنتاج، مما أدى إلى تدهور أسعاره، وتحمل العراق خسائر تقدر بمليارات الدولارات، وسحب النفط من حقل الرميلة العراقي، بالإضافة إلى تمسك الكويت بالديون التي تراكمت على العراق إبان حربه مع إيران، بالرغم من أن العراق خاض غمار هذه الحرب دفاعاً عن الأمن القومي العربي وثروات دول الخليج حسب هذه المزاعم. الزحف نحو الحدود لم تتأخر الكويت في الرد على الاتهامات العراقية، وفندتها الواحدة تلو الأخرى في مذكرة إلى الجامعة العربية يوم 18 يوليو 1990م، لكن في هذه الأثناء كانت الحشود العراقية تعبأ وتستعد للزحف نحو الحدود الكويتية، وهو ما استدعى تحركاً مصرياً عاجلاً لمحاولة الحيلولة دون وقوع المغامرة العراقية، ودعا الرئيس المصري إلى تسوية الخلافات العربية بالحوار الأخوي الهادف، البعيد عن جو الإثارة والتوتر. وترجمة لهذه الدعوة قام الرئيس مبارك يوم 24 يوليو 1990م بجولة مكوكية بين بغداد والكويت وجدة في محاولة لإيجاد حلول سلمية للأزمة وسط تواتر الأنباء عن حشود عسكرية عراقية على الحدود مع الكويت، كشف الرئيس مبارك بعد وقوع الغزو العراقي عما دار بينه وبين صدام حسين خلال هذه الزيارة الخاطفة في هذا اليوم (24 يوليو) لبغداد، في مؤتمر صحافي عالمي يومي 8 أغسطس 1990م، مازالت وقائعه موجودة في مقاطع فيديو متاحة حتى اليوم على موقع "يوتيوب" الشهير على شبكة "الإنترنت". في نهاية يوليو من سنة 1990 م حضرت من نيويورك إلى مصر للمشاركة في المؤتمر التاسع عشر لوزراء خارجية الدول الإسلامية في القاهرة الذي انعقد في الفترة من 31 يوليو إلى 5 أغسطس 1990م، كانت الأجواء إيجابية في هذا الاجتماع، وبينما نحن منهمكون في إعداد مشروع البيان الختامي، جاءت الأنباء مع فجر يوم 2 أغسطس لتؤكد أن القوات العراقية قد دخلت الكويت بالفعل، فهرع وزراء خارجية الدول العربية الذين كانوا يشاركون في المؤتمر الإسلامي ومعهم الأمين العام للجامعة العربية الشاذلي القليبي لعقد جلسة طارئة لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة، علماً بأن أمانة الجامعة كانت لاتزال في تونس حتى تلك اللحظة. بالتنسيق بين الخارجية المصرية وأعضاء أمانة الجامعة العربية تم تجهيز قاعة كبيرة في فندق "سميراميس إنتركونتيننتال" لاجتماع وزراء الخارجية العرب في الساعة العاشرة من صباح نفس اليوم، وقد حضرته – باعتباري رئيس الوفد المصري لدى الأمم المتحدة – ضمن الوفد المصري الذي حضر هذا الاجتماع برئاسة الدكتور عصمت عبدالمجيد، كان الانزعاج واضحاً على الأمير سعود الفيصل، وزير خارجية المملكة العربية السعودية، ترأس الاجتماع وزير خارجية فلسطين فاروق القدومي، باعتبار أن فلسطين كانت رئيس هذه الدورة في الجامعة العربية، كان واضحاً أن القدومي يتعاطف مع الجانب العراقي في هذه الأزمة الكبيرة. انعقد الاجتماع الصباحي، ولم يكن وزير الخارجية العراقي مشاركا فيه، بل كان يمثله أحد وكلاء الوزارة، ومعه سفير العراق لدى القاهرة، نبيل نجم التكريتي، ولم تصلهما تعليمات من بغداد، لأنهما جاءا إلى اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية بتعليمات تتعلق بأعماله، أما هذا الاجتماع الطارئ فلا تعليمات لديهما بخصوصه. انتهت الجلسة الصباحية من دون أية نتيجة تذكر، لأن الأمر كله كان مفاجئاً لهؤلاء الوزراء، ولم تصلهم تعليمات محددة من الرؤساء والملوك، الذين لم يكونوا بدورهم قد استوعبوا ما جرى في ساعات الصباح الباكرة. لكن حدث بعد ذلك أن تقدم ممثل الكويت الدكتور عبدالرحمن العوضي، بمشروع قرار للاجتماع يدين العدوان العراقي على دولة الكويت، ويرفض أية آثار مترتبة عليه، ولا يعترف بتبعاته، ويطالب العراق بالانسحاب الفوري، غير المشروط، للقوات العراقية إلى المواقع التي كانت فيها قبل الأول من أغسطس 1990، ويرفع الأمر إلى الملوك والرؤساء العرب، للنظر في عقد اجتماع قمة طارئ لمناقشة العدوان، وبحث سبل التوصل إلى حل عادل هذه الأزمة. بعد ذلك قرر العراق إرسال وفد على مستوى عال، برئاسة الدكتور سعدون حمادي، بطائرة خاصة ليمثل العراق في الاجتماع الوزاري العربي، وقد لحق هذا الوفد بالجلسة المسائية، قبل بدء هذه الجلسة طلب حمادي عقد لقاء خاص بوزير خارجية مصر الدكتور عصمت عبدالمجيد، يروي الأخير تفاصيل هذا اللقاء في مذكراته: "طلب الدكتور سعدون حمادي نائب رئيس الوزراء العراقي... عقد لقاء خاص بيننا قبل الاجتماع، وقال لي في ذلك اللقاء، إن شمساً جديدة ستشرق على الخليج، ومن مصلحة مصر عدم تأييد أو تبني مشروع القرار (الكويتي)، وقد أبديت له دهشتي من هذا الكلام، وقلت إنه غير مقبول، وأضفت أنني أتصور أنه يعرف مصر ومكانتها، وهي لا تقبل مثل هذا الكلام، وعلى العراق أن يتراجع ويسارع إلى الانسحاب، وأبلغته أن الرئيس مبارك أصدر تعليماته بشأن دعم القرار، وأنه حريص على تلافي كارثة، وتمسك السيد سعدون حمادي بموقفه". وانعقدت الجلسة الثانية المسائية ولم يصل الاجتماع إلى شيء، وانعقدت الجلسة الثالثة صباح يوم 3 أغسطس، وكرر حمادي ما قاله لعبدالمجيد على الجميع، وتحدث باعتبار أن "الكويت جزء من الأراضي العراقية"، واعترض على وجود الدكتور عبدالرحمن العوضي ممثلا للكويت في هذا الاجتماع، باعتبار أنه "لا توجد دولة اسمها الكويت"! وطلب حمادي لقاء جديدا مع عصمت عبدالمجيد حضره أحمد أبوالغيط، الذي كان وقتها ضمن طاقم مكتب عبدالمجيد، وعن هذا اللقاء يقول أبوالغيط: "طلب سعدون حمادي الاجتماع مع الدكتور عبدالمجيد، وجلسا معاً بعد الظهر (يوم 3 أغسطس)، وفي أثناء انعقاد الجلسة الرابعة للاجتماعات كنت معهما لتسجيل اللقاء. قال حمادي: إن العراق يعرض على مصر جائزة كبرى تتمثل في حصولها على جزء كبير من الموارد الكويتية، كما أن العراق يعلن ضم الكويت إلى أراضيه، وأنه مهما حاول أي طرف عربي التصدي للموقف فسوف يقطع العراق يد هذا الطرف". وتكهرب الجو، وأنهى الدكتور عبدالمجيد النقاش بقوله: إننا نرفض الموقف العراقي وسوف نتصدى له وندينه، وإنه – أي عبدالمجيد – يخشى أن ينتهي الأمر بقطع يد العراق إن لم يكن تهميشه"، وكان ذلك تنبؤا صحيحاً آخر. وبعد شد وجذب وعدم حدوث إجماع صدر قرار مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية، رقم 5036، المؤرخ في 2 أغسطس 1990م، والصادر في 3 أغسطس 1990م، بشأن إدانة الغزو العراقي للكويت بالأغلبية البسيطة، والذي دان الغزو وطالب العراق بالانسحاب غير المشروط. قمة 10 أغسطس 1990م بعد انتهاء اجتماع وزراء الخارجية العرب صدرت الأوامر من الرئيس مبارك إلى عصمت عبدالمجيد بأن يبقى السفير عمرو موسى في القاهرة، لأن الأحداث تتطور بشكل سريع ومتلاحق وتحتاج وجوده معنا. في 8 أغسطس 1990م، قرر الرئيس أن يوجه حديثاً إلى الأمة العربية في مؤتمر صحافي عالمي، بدأ في الساعة الثالثة بعد ظهر هذا اليوم، وتحدث فيه مبارك بإسهاب عن الأزمة والمساعي المصرية لحلها، وأنهاها بالدعوة إلى عقد قمة عربية طارئة بالقاهرة في غضون 24 ساعة. في هذه الأثناء كنت قد غادرت إلى نيويورك لمتابعة الأمور على مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن بصفة خاصة، لكن ما كدت أصل إلى نيويورك حتى استدعيت للعودة إلى القاهرة، وبهذا قطعت المحيط والمتوسط رائحاً غادياً مرتين خلال 72 ساعة! استدعيت من رئاسة الجمهورية للعمل مع الرئيس مباشرة خلال هذه القمة بالتنسيق مع أسامة الباز مستشاره السياسي، وبالفعل حجزت الرئاسة لي غرفة في فندق "ميريديان" القريب من الرئاسة، والذي انعقد فيه المؤتمر ويتواجد فيه الرئيس. لم تتمكن القمة من الانعقاد يوم 9 أغسطس لعدم وصول الأمانة العامة للجامعة العربية إلى القاهرة، وتأخر وصول عدد من الرؤساء والملوك، وتحفظ البعض عن انعقاد القمة، مثل تونس التي رأت تأجيلها عدة أيام، وبعد شد وجذب تقرر عقد الجلسة الافتتاحية للقمة في التاسعة من صباح 10 أغسطس. سيطر مبارك بقوة على المؤتمر، حيث أعطى الكلمة لرئيس الوفد العراقي، طه ياسين رمضان، ثم لرئيس الوفد الكويتي، ولي العهد الشيخ سعد العبد الله الصباح، ثم فتح الباب لمناقشة عامة حول الأزمة، تلاها بحث مشروع القرار. ومرة أخرى أشيد بالأداء الكويتي، وبالموقف القوي بل العنيف لولي العهد في رفض الاحتلال والعزم على المقاومة، في مقابل موقف الاستعلاء الذي اتخذه طه ياسين رمضان والثقة الزائدة في قوة العراق العسكرية. ساد الهرج والمرج القاعة، والكل يريد الحديث، وهذا مؤيد وذاك معارض، فتدخل مبارك بمنتهى الحزم باعتباره رئيس الجلسة، وقال: "إن لدينا مشروع قرار، وزعناه، في الصباح، وسأطرحه، الآن، للتصويت"، فارتفعت أصوات تناشده تأجيل طرح القرار للتصويت، لأن المناقشة لم تستوف حقها بعد، والموضوع فيه خطر والظروف أشد خطراً، وعلق الرئيس مبارك بأنه لا يسمع مناقشة جادة، وإنما يسمع مهاترات، وأن قراره بوصفه رئيساً للجلسة، هو طرح الموضوع للتصويت، وطلب من الموافقين على مشروع القرار، أن يرفعوا أيديهم، وعد الرئيس مبارك الأيدي المرفوعة أمامه، وقال: "حداشر (أحد عشر) (غير مصر) أغلبية موافقة". ثم أضاف قائلاً: "ترفع الجلسة"، وبالتالي فإن 12 دولة من أصل 20 دولة وافقت على القرار الذي يدين الغزو العراقي للكويت، ولاشك أن الانقسام العربي كان واضحاً حيال غزو العراق للكويت، وهو ما أدى إلى إصابة الجسد العربي كله بهزال مازلنا نعاني منه إلى اليوم. وهنا للتاريخ أود أن أقول إنه لولا الحركة المفاجئة والمباغتة التي أقدم عليها الرئيس مبارك بطرح القرار وسط الفوضى السائدة، ثم قيامه هو نفسه بعد الأصوات الموافقة والمعارضة، ثم إعلان النتيجة ورفع الجلسة، ما كان القرار قد صدر، ولنظم أنصار الغزو العراقي أنفسهم ومنعوا صدور القرار... وهكذا طويت صفحة قمة القاهرة من دون آثار سلبية، وبدأ الإعلام يركز على الزيارة الرباعية إلى الإسكندرية، وانتهت القصة أو انتهى هذا الفصل من القصة الطويلة التي انتهت بتدمير العراق.

مشاركة :