معمر الإرياني قائد الجبهة الإعلامية في معركة استعادة الشرعية بقلم: صالح البيضاني

  • 10/29/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

مشوار الإرياني السياسي يبدأ فعليا من بغداد التي أسس فيها أول فرع لحزب المؤتمر في العراق رفقة عدد من زملائه وتنازل حينها عن رئاسة الفرع لزميل آخر محتفظا بعضويته في قيادة فرع حزب المؤتمر في العراق.العرب صالح البيضاني [نُشر في 2017/10/29، العدد: 10796، ص(8)]رجل دولة يمني يجد نفسه في قلب العاصفة صنعاء - يمني من الجيل الجديد قرر أن يشق طريقه نحو السياسة عبر انخراطه المبكر في العمل الشبابي الذي ساهم في صنع توجهاته وصقل خبراته حتى التحاقه بحزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان البوابة التي دخل من خلالها إلى رحاب العمل التنظيمي والسياسي متدرجا بين المناصب الحزبية والرسمية، وصولا إلى توليه ثلاث حقائب وزارية خلال وقت وجيز، في خضم أحداث استثنائية مرت بها اليمن. إنه معمر مطهر الإرياني الذي ولد في محافظة أب وسط اليمن في العام 1974، وانتقل مع أسرته مبكرا إلى مدينة تعز القريبة التي كانت آنذاك مركزا مهما للتنوير والثقافة والحياة السياسية في شمال اليمن وجنوبه على السواء. في تلك الأجواء ظهرت البواكير الأولى لولع الإرياني بالمشاركة المجتمعية من خلال التحاقه بالكشافة التي تدرج فيها حتى حظي بفرصته في أول مشاركة خارجية إلى المغرب ممثلا لكشافة اليمن في العام 1986 عندما كان يبلغ من العمر 12 عاما، وساهم نشاطه في المجال الكشفي والشبابي في تعزيز طموحاته وتوسيع آفاقه السياسية الأمر الذي قاده في نهاية المطاف للانضمام لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي حصل على بطاقة عضويته بعد إعلان الوحدة اليمنية والسماح بإنشاء الأحزاب والتنظيمات السياسية في العام 1991. بغداد البدايات دوما بعد عام واحد فقط من وضع قدمه على أولى سلالم العمل التنظيمي غادر معمر الإرياني إلى العاصمة العراقية بغداد لإكمال دراسته الجامعية بعد أن حصل على منحة دراسية. وهناك واصل مشواره السياسي من خلال تأسيس أول فرع لحزب المؤتمر في العراق، رفقة عدد من زملائه، وتنازل حينها عن رئاسة الفرع لزميل آخر يدرس مرحلة الدراسات العليا محتفظا بعضويته في قيادة فرع حزب المؤتمر في العراق. في العام 1996 عاد الإرياني الى صنعاء بعد حصوله على درجة البكالوريوس من كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة بغداد. حيث تم تعيينه بعد أشهر قليلة نائبا لرئيس الدائرة الاقتصادية والإدارية والخدمات في حزب المؤتمر الشعبي العام، إضافة إلى تولّيه مهام رئاسة الدائرة في تلك الفترة، كما أصدر في ذلك العام صحيفة شبابية أسبوعية حملت اسم “الرقيب”. وعقب انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الذي أقر إنشاء دائرة للشباب والطلاب تم تعيينه رئيسا لها وهو الموقع الذي استطاع بواسطته إبراز العديد من مواهبه والتعبير عن ولعه بالعمل في أوساط الشباب والطلاب، ذلك القطاع الذي يعرفه عن كثب، واستمر على رأس هذه الدائرة حتى العام 2005. أشرف الإرياني على تأسيس الاتحاد العام لشباب اليمن الذي ضمّ مختلف التوجهات السياسية والحزبية وانتخب أول رئيس للاتحاد الذي فتح له العديد من النوافذ الشبابية في العالم وصولا إلى انتخابه في عدد من الاتحادات العربية والعالمية من بينها نائب رئيس مجلس شباب آسيا لدورتين قبل أن يتم اختياره عضوا في مجلس حكماء شباب آسيا والذي لا يزال فيه حتى اليوم.الإرياني يواجه وضعا حرجا كوزير للإعلام أمام وزارة دون مؤسسات، حيث سيطر الانقلابيون على مؤسسات وزارة الإعلام في العاصمة صنعاء وعملوا على تدميرها في العاصمة المؤقتة عدن قبيل إجبارهم على الفرار منها تحت وطأة المقاومة في يوليو 2015 بعيدا عن التجاذبات سبّب التدرج السريع للإرياني في غضب العديد من قيادات المؤتمر التي لم تتقبل أن يتم تعيين شاب صغير عضوا في الأمانة العامة للحزب، وهي العقبة التي استطاع تجاوزها بعد ذلك ليواصل مشوار صعوده السياسي حيث تم تعيينه في أول منصب حكومي كوكيل أول لوزارة الشباب اليمنية في العام 2007 وحتى 2009 حيث عين نائبا للوزير، قبل أن يتم تعيينه وزيرا للشباب والرياضة في العام 2011 وحتى العام 2014 وهي الفترة التي شهدت الكثير من التداعيات السياسية في خضم الاحتجاجات التي شهدتها معظم المدن اليمنية للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وبالرغم من حالة الفرز السياسي العنيفة في تلك المرحلة إلا أن الإرياني تمكن من احتواء العديد من التجاذبات، ما جعله في منأى عن دائرة التحريض التي طالت معظم مسؤولي الدولة المقربين من صالح في تلك الفترة، وهو ما تسبب لاحقا في جعله وجها مقبولا في مرحلة ما بعد المبادرة الخليجية التي أطاحت بالرئيس صالح وأتت بالرئيس عبدربه منصور هادي إلى الحكم وأفضت إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة التي أسندت للإرياني فيها حقيبته وزارة الشباب والرياضة التي شغل منصب نائبها في عهد صالح. وفي 7 نوفمبر 2014 وإثر استقالة باسندوة وحكومته عقب اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء والتوقيع على “اتفاق السلم والشركة” تم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة برئاسة خالد بحاح عرفت بحكومة الشراكة وتولى فيها الإرياني منصب وزير السياحة. قبل العام 2011 كان نشاط الإرياني اعتياديا، فقد انحصر في لعب دور ذي طابع شبابي لصالح حزبه ولكن من خلال واجهة غير تصادمية جعلته بعيدا عن حالة التصنيفات السياسية والحزبية التي كانت تتصاعد بشكل كبير منذ العام 2008.الإرياني يتمكن دوما من احتواء التجاذبات، ما جعله في منأى عن دائرة التحريض التي طالت معظم مسؤولي الدولة المقربين من صالح، وهو ما تسبب لاحقا في جعله وجها مقبولا في مرحلة ما بعد المبادرة الخليجية ملتزم بالشرعية ولكن مع دخول العام 2011 وجد الإرياني نفسه في قلب العاصفة كقيادي حزبي ومسؤول في حكومة “يطالب الشعب بإسقاطها” أو الجزء من الشعب الذي كانت كاميرات وسائل الإعلام مسلطة عليه بشدة، وفي ظل هذه الظروف العصيبة استمر في تأدية عمله وداوم بانتظام على حضور المهرجانات التي كان ينظمها الرئيس السابق كل جمعة في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، ولكنه لم يدل بأيّ تصريحات مستفزة أو ربما لم يطلب منه ذلك، ويفسر هو إصراره على البقاء في صف صالح وعدم القفز من المركب الذي كان يبدو للوهلة الأولى يوشك على الغرق واللحاق بمراكب أخرى غرقت فيما يسمّى “دول الربيع العربي”، بأنه يأتي انطلاقا من موقف مبدئي يلزمه أن يظل في صف ما يعتبرها “الشرعية” حتى في أبسط صورتها الكلاسيكية. ذات الأمر تكرّر بعد ذلك من خلال انحيازه للرئيس عبدربه منصور هادي عقب انتخابه في العام 2012، وبالرغم من محاولته في تلك الفترة الابتعاد عن حالة الاصطفافات الحادة التي بدأت تعصف بحزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان عرضة للتنازع بين صالح وعبدربه منصور، إلا أن الكثير من المتابعين قالوا إنه كان يبدو أكثر قربا من تيار الرئيس عبدربه منصور هادي. وفي أعقاب الانقلاب الحوثي واجتياح الميليشيات المسلحة العاصمة صنعاء تغيّرت الكثير من قواعد الممارسة السياسية الكلاسيكية في المشهد اليمني، حيث عمد القادمون من جبال صعدة على فرض صيغة أكثر حدية وأقل دبلوماسية في التعامل مع الفرقاء السياسيين، على قاعدة “إذا لم تكن معنا فأنت ضدنا”، وأخذت حالة العنف الحوثي بالتصاعد حتى أجبرت في نهاية المطاف حكومة خالد بحاح على الاستقالة، وهو ما تلاه من إقدام الحوثيين على فرض الإقامة الجبرية على الرئيس وأعضاء الحكومة ومحاولة إجبار الكثير منهم على العودة لاستئناف أعمالهم بشكل صوري تحت إشراف قادة من الميليشيات. وهو ما قوبل برفض معظم وزراء الحكومة ومن بينهم وزير السياحة معمر الإرياني الذي تعرض لضغوطات مزدوجة مورست عليه من قبل الحوثيين وقيادات مقرّبة من الانقلاب في حزب المؤتمر وجعلته من ضمن آخر أربعة وزراء ظلّوا تحت الإقامة الجبرية، ما دفعه في نهاية المطاف لمغادرة صنعاء في رحلة شاقة ومحفوفة بالمخاطر إلى الحدود السعودية استمرت أكثر من 38 ساعة تعرّضت خلالها زوجته للإجهاض بسبب عناء ووعورة الطرق التي تم اجتيازها، ليظهر بعد ذلك في مدينة عدن بعد تحريرها من ضمن أوائل مسؤولي الشرعية الذين نقلت وسائل الإعلام صورهم وهم يتجوّلون في شوارع المدينة ومحاولة تطبيع الأوضاع فيها.معمر الإرياني يتعرض اليوم، وتعرض في السابق، لضغوطات مزدوجة مورست عليه من قبل الحوثيين وقيادات مقربة من الانقلاب في حزب المؤتمر، ما دفعه لمغادرة صنعاء في رحلة شاقة ومحفوفة بالمخاطر إلى الحدود السعودية حرب الإعلام في الرياض بدأت مرحلة جديدة من مراحل الحياة السياسية للإرياني، حيث لم يمض الكثير من الوقت حتى أسندت إليه في سبتمبر 2016 حقيبة وزارة الإعلام التي كان يراد لها أن تضطلع في تلك المرحلة بدور كبير في مجابهة الآلة الإعلامية للانقلابيين وكشف انتهاكاتهم وتجاوزاتهم. وجد الرجل نفسه أمام وزارة دون مؤسسات حيث سيطر الانقلابيون على مؤسسات وزارة الإعلام في العاصمة صنعاء وعملوا على تدميرها في العاصمة المؤقتة عدن قبيل إجبارهم على الفرار منها تحت وطأة المقاومة في يوليو 2015. وكانت تلك أكبر الصعوبات التي واجهت عمل وزارة الإعلام في الحكومة الشرعية، إلى جانب غياب الإمكانيات المادية والتقنية والبشرية عدا تلك التي وفّرتها الحكومة السعودية والتي ساهمت في تحريك عجلة الإعلام التابع للشرعية من خلال استئناف تشغيل قناتي اليمن وعدن من العاصمة السعودية الرياض. وفي إطار عمله كقائد للجبهة الإعلامية للحكومة الشرعية عمل الإرياني على إعادة ترتيب مؤسسات الإعلام اليمنية التي كانت تعد حينها إحدى أبرز نقاط الضعف في أداء الحكومة، في مقابل سيل جارف من الأكاذيب التي كانت تبثها وسائل إعلام الانقلابيين من صنعاء. أثمرت جهوده عن وضع رؤية استراتيجية لعمل وزارة الإعلام الشرعية وهو ما تمخض عنه إعادة إحياء عدد من المؤسسات التابعة للوزارة ومن بينها صحيفة 14 أكتوبر التي عاودت الصدور كصحيفة رسمية تعبّر عن موقف الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن، وإعادة بث إذاعة صنعاء وتفعيل وكالة الأنباء اليمنية الرسمية سبأ التي اختطف الحوثيون نسختها الأصلية في صنعاء. وبفضل ذلك تم إنشاء إذاعات محلية في بعض المحافظات المحررة مثل تعز ومأرب والجوف وحضرموت وسقطرى، وهي كلها أمور أثارت غضب الحوثيين مجددا ليقدموا للمرة الثانية على اقتحام منزل الوزير الإرياني في صنعاء واختطاف حراساته ونهب محتوياته في ردة فعل عنيفة اعتبرت بمثابة رجع الصدى لصوت الشرعية الإعلامي.

مشاركة :