تفاعلاً مع أحداث الساعة محلياً، قررت الإبقاء على هاتفي مفتوحاً على مدار 24 ساعة، توقعاً لأن يأتيني اتصال يحمل معه خبراً ساراً لي، كما ينتظر البعض ممن يمنون النفس بحمل حقيبة! فمع إعلان الحكومة استقالتها المتوقع اليوم الإثنين، تبدأ بورصة الترشيحات لحمل الحقائب الوزارية، ويكثر المروجون لهذا الاسم أو ذاك، بل إن بعض الطامحين بحقيبة وزارية يبدأون ـ كما جرت العادة مع كل تشكيل وزاري ـ بتسويق أنفسهم، عبر أدوات لهم تنشر أخبارا عن عرض الحقيبة الوزارية الفلانية عليهم، وأن فلانا مرشح لتولي حقيبة وزارية، وغير ذلك من السيناريوهات التي لم تعد تخفى على أحد، وهذا ما جعلني أطبق المثل القائل «مع الخيل يا شقرا»، وأتوقع تلقي اتصال ما يحمل خبرا مفرحا! لا شك أن أحداً لم يتوقع أن تكون انطلاقة الدور الثاني لمجلس الأمة بالشكل الذي جرى يوم الثلاثاء الماضي، وأظن أنها المرة الأولى التي يبدأ دور انعقاد في جلسته الافتتاحية بمناقشة استجواب ويصل الأمر إلى طرح الثقة بالوزير المستجوب. ليس ذلك فحسب، بل يكتب طلب طرح الثقة قبل انتهاء المرافعة بين الفريقين، وأكثر من ذلك أن يصل عدد مؤيدي طرح الثقة في الوزير إلى ما يتجاوز العدد المطلوب خلال أقل من ساعة من انتهاء جلسة الاستجواب، وهو ما دفع بالحكومة إلى اتخاذ قرار نقله رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، مفاده بأن الحكومة لن تحضر جلسة طرح الثقة، بل هي في طريقها للاستقالة، اليوم، حسب تأكيدات عدة منعا لحرق وزيرها المستجوب الذي تلقى ضربات بنيران صديقة، أصابت منه مقتلا، مع أنه، ووفق ما تابعت، قد أبلى بلاء حسنا في الرد على مستجوبيه، ولكن يبدو أن «وراء الأكمة ما وراءها»، لذلك جنحت الحكومة للخيار الأضمن بالاستقالة ابتعادا عن «حسبة برمة» في ضمان عدد المؤيدين للثقة وإفشال الطلب، فآثرت الاستقالة، ووضع الأمر بيد صاحب السمو. ومع إعلان الاستقالة اليوم، يبدأ كما قلنا ماراثون التشكيل الجديد، الذي يتوقع له الكثيرون أن يتأخر لأكثر من شهر، لاعتبارات كثيرة، لا نريد الخوض فيها، ومعها سنتابع في كل يوم عبر الصحف، تشكيلا وزاريا جديدا، مرة يخلو من وجوه معروفة، ومرة ثانية يقحم وجوها جديدة، وثالثة يعيد وجوها قديمة، ليبقى باب التخمين والاحتمالات والترشيحات قائما، ولتبقى مسألة تشكيل الحكومة مادة إعلامية ثرية للصحف والمحطات تجد فيها وسيلة لجذب المتابعين، وطريقة للبعض لتسويق شخصيات، سواء بحب أو بمال، فنعلم، كما يعلم الجميع أن شخصيات ـ وأعرف بعضها حق المعرفة ـ تدفع مالا لجهات إعلامية سواء أكانت من الإعلام الورقي أو المرئي لتسويقها وتلميع صورتها وإبرازها على أنها شخصية المرحلة، هذا عدا ما يتم من مفاوضات بين الحكومة ومجاميع سياسية واجتماعية لتمثيلها في التشكيل الجديد، بحثاً عن تأييد وكسب دعم في المجلس مع انطلاقة جديدة، لا تريد لها أن تكون في وضع مواجهة أو دفاع دائم عن النفس. أما نواب مجلس الأمة فحدّث ولا حرج في أهدافهم وأجنداتهم، وما وراء تلك الأجندات، في ظل ما رأيناه من تدافع مع بداية دور الانعقاد نحو مساءلة الوزراء، وكأن الأمر سباق لتسجيل مواقف تحسب لهم، أو أنهم يريدون فرض تسوية ما مع الحكومة ليصار إلى تحقيق مآربهم في التشكيل الحكومي الجديد، وهو أمر ستكون له انعكاسات جلية في التشكيل الجديد، مع تسريبات كثيرة عن توسع الحكومة في مسألة توزير النواب، كما يشاع، على اعتبار أن التجربة كانت ناجحة مع الوزير النائب محمد الجبري الذي أكد جدارته في تولي حقيبتي البلدية والأوقاف، وقد أعاد للأخيرة الكثير من الثقل الذي أفقدها إياه سلفه الوزير النائب يعقوب الصانع. فهل نرى في التشكيل الجديد ثلاثة أو أربعة نواب؟ ربما فنحن اليوم أمام تكتيك حكومي فرضته الظروف التي تمر بها الكويت، وهو أمر يحسب لرئيس الوزراء إذا «حسبها صح» ولعب سياسة واستطاع أن يربط خيوط النسيج الحكومي بإتقان، وهو ما ننتظره منه. A.alasidan@hotmail.com @Dr_alasian
مشاركة :