دعا رئيس إقليم كردستان بشمال العراق مسعود بارزاني، أمس الأحد، الحكومة العراقية إلى «الدخول في حوار جدي، من أجل حل الخلافات». وقال بارزاني في خطاب متلفز إن «الحوار كان ولا يزال الخيار الأول للإقليم، لذلك فقد بادرت حكومة الإقليم بتقديم مقترح للحوار مع بغداد؛ بغية التوصل لحل الخلافات».أكد مسعود بارزاني أن الحكومة العراقية «اتخذت من الاستفتاء حجة لمهاجمة الإقليم باستخدام الأسلحة الثقيلة؛ بينها دبابات إبرامز الأميركية». ولفت بارزاني إلى أنه «لا يرغب في تمديد فترته الرئاسية تحت أي ظرف». وفي وقت سابق اليوم، أبلغ بارزاني برلمان الإقليم أنه لن يبقى في منصبه بعد انتهاء ولايته في الأول نوفمبر المقبل. وتولى بارزاني رئاسة الإقليم عام 2005 لأول مرة بعد انتخابه في البرلمان، ثم فاز في انتخابات مباشرة جرت عام 2009 حصل فيها على 69 % من أصوات الناخبين لتولي دورة رئاسية ثانية. وفي عام 2013 انتهت ولايته الثانية، لكن تم تجديدها لمرتين متتاليتين (4 أعوام)، بسبب خلافات سياسية حول دستور الإقليم. وكان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الإقليم مطلع الشهر المقبل مع انتهاء ثاني فترة تمديد لبارزاني، لكنها تأجلت 8 أشهر، بسبب عدم تقديم الأطراف السياسية لمرشحيها؛ وسط أزمة سياسية وعسكرية متفاقمة مع الحكومة العراقية. وتحمل أطراف المعارضة في الإقليم بارزاني مسؤولية وصول الأوضاع لما آلت إليه في أعقاب استفتاء الانفصال الباطل الذي أصر على تنظيمه في سبتمبر الماضي، والذي تؤكد الحكومة العراقية عدم دستوريته، وترفض التعامل مع نتائجه. بداية الحلم وسقوطه وذكر تقرير لوكالة فرانس برس أن مسعود بارزاني هو مؤسس إقليم الحكم الذاتي لكردستان العراق، لكنه كان أيضاً المسؤول الأول عن سقوط حلم الدولة بمغامرته الخطيرة في إجراء استفتاء حول استقلال الإقليم، ولم يتخيل بارزاني أنه سيصل إلى اليوم الذي سيخسر فيه ما بدأ ببنائه قبل 26 عاماً. فلا يزال هذا المقاتل -الذي بدأ نضاله مذ كان عمره 14 عاماً- مرتدياً زي البشمركة التقليدي؛ حتى صار «أيقونة» في عيون شعب يسعى إلى دولة، بحسب ما يقول تييري أوبيرليه في صحيفة لو فيغارو الفرنسية. وينحدر ابن 71 عاماً من عائلة لطالما قاتلت من أجل استقلال الأكراد، وهو ابن مصطفى بارزاني الزعيم التاريخي للحركة الوطنية الكردية في العراق. ولم ينس أبداً أنه ولد في جمهورية كردستان الأولى في مدينة مهاباد الإيرانية؛ التي استمرت عاماً واحداً فقط قبل أن تنهيها القوات الإيرانية. منافسة وحروب وفي عام 1978، نجح في خلافة والده كرئيس للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تأسس في العام 1946، ولكن في عام 1975 برز له جلال طالباني مؤسس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ليصبح منافسه اللدود لعقود. وفي خضم الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988)، تعاون الحزبان مع إيران، لكن الثمن كان غالياً. وشن صدام حسين حملة الأنفال ضد الأكراد العراقيين فهجر عشرات الآلاف منهم، وقصف حلبجة بالسلاح الكيميائي، ما أسفر عن خمسة آلاف قتيل في العام 1988. وبعد هزيمة صدام حسين في حرب الخليج الأولى (1990)، انتفض الأكراد مرة جديدة، ولكن الأمور انقلبت ضدهم مجدداً. وبعد ذلك، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 688 الذي يحظر على القوات الجوية العراقية التحليق فوق خط العرض 36، مطالباً بإنها القمع ضد الأكراد. كيان مستقل وتلك كانت اللحظة التي ينتظرها مسعود بارزاني، فشكل كياناً مستقلاً تقاسم فيه السلطة مع الاتحاد الوطني الكردستاني، بيد أن التنافس بين الزعيمين (بارزاني وطالباني) تحول إلى حرب أهلية بين العامين 1994 و1996. وبعد سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، قام الأكراد بتوحيد إدارتهم، وعرف عن بارزاني أنه سياسي عنيد ومراوغ ومغامر إلى أبعد الحدود. وآخر تلك المغامرات كان تصميمه على إجراء استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق في 25 سبتمبر الماضي، رغم معارضة بغداد ودول المنطقة والعالم. وغضب بغداد ترجمته الحكومة الاتحادية في تقدم عسكري باتجاه الإقليم، مستعيدة غالبية المناطق المتنازع عليها مع أربيل، وخصوصاً محافظة كركوك الغنية بالنفط.;
مشاركة :