للمعروفِ أهله... ناكره جاحد - ثقافة

  • 10/31/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

حينما نتحدثُ عن المعروف... فإنه يتبادرُ إلى أذهانِنا الاعتراف بفضل أحدهم بموقف ما أو عطاء أو فعل خير قدّمهُ لنا، والفطرةُ الإنسانيةُ تحدثنا أن مَنْ يفعل لنا خيرا ويقدمه لنا نشعر بالأمان ناحيتُه ونشعر بنقاء قلبه وطُهره وأنّه معطاء. ومن الطبيعي أن من يكون منه ذلك، فإنه يخلو من الأنانيةَ التي تمنع صاحبها أن يبذل ويعطي ما يتملكه من مال أو جهد أو حتى وقت يهدره في سبيل الوساطة والشفاعة، بأمرٍ ينفع به الناس، ويخلو من الحسد والحقد ويملأ قلبه الحب للجميع والرأفة بصاحب الحاجةِ والمعسر ومن هو في ضائقة! إنه ذلك الشخص الذي يقدم مالديه وهو يشعر بالسعادة، ويبذل بكرم ولاينتظر المديح ولا يسعى لسمعة ينالها ولا جاه يصله ولا منصب يعتلي قمته، فهو نقي يفعل ماتمليه عليه إنسانيته الطاهرة النقية البعيدة عن أقنعة الزيف، وصاحبه مستمر بذلك لأن ذلك من طبيعته وتكوينه الإنساني. ومن يتصنع ذلك لمطامع هي طموحه، ولغاياتٍ يريد الوصول إليها سيتوقف ولن يستمر لأنه ربط كرمه وجوده وسعّيه بمصلحة، إن انقضت توقف، فلا مقارنة بينه وبين من تأصّل الكرم في نفسه بعمقِه من دون انتظار مقابل ذلك. المعروف... فعلٌ هو خير يقدمه أحدنا للآخر بغيةَ مساعدتِه أو تسهيل أمرٍ له، نجد أنّه يستحق أن يشكر ويثنى عليه ولا يُنسى فضلُه، ويحمل له فضلاً لاينكره، يجد أنه لاينفك عن ذكر ذلك والاعتراف به علناً والهمس به في الخفاء حتى ولو كان صاحب المعروف لايسعى أن يُذكرَ ويثنى عليه! وحين نعلم قيمة المعروف نجد ناكره ذميما أصابه الحقد ولايؤتمنُ جانبه ولا عهد له ولا ذمة، وينبذ ويكره من الجميع، بل إنّنا نشبهه بمن مدت له يد أحدهم للمساعدة من غرق فلما نجي من الغرق عضّ تلك اليد وكفّكفها نكراناً لفعله، وأمرٌ مؤلم حين يُذمُّ صاحب المعروف فيجد عداء ممن قدم لهم ذلك. وحين ينكر المعروف ولا يجد صاحبه التقدير ممن فُعِل له ذلك يكون النكران، أو أن يكون الجحودُ والاساءة بلحظةِ خلاف أو خصام فيتناسى المعروف ويتذكر فقط آخِر موقف نَسف به ما مضى مما قدمه له! ولو بحثنا في تاريخ الأممَ لوجدنا أنّ المعروف له قدر والمُعترِفُ بما قُدّمَ له من معروف يُجلُّ ويُكرّم لأنه ثمَّن عمل المعروف ولم ينكره، واعترافه وذكره ذلك هو صدقٌ منه يدل على أصالةَ معدنِه! والأصالةُ كل الأصالةَ أن يكون منّا معرفة قيمة بالمعروف وقيمة أصحابُه وتعليم أبنائنا أنّ من يُقدّمُ لهم ولو قليلاً من المعروف له حقُّ الشكر والعرفان، وأن جحود معروفه هو منافٍ للخلق منافٍ لكل القيم؛ نعلّمهم أن المعروف يقدمه صاحبه عن طيب نفس لايُجبر عليه إنما يقدمه وهو لاينتظر إلّا خيراً بذلك وإرضاءً لما بداخله من حب وعشق لذلك وقناعة هو يؤمن بها؛ نعلّمُهم أنّ «من لايشكرَ النّاسَ لايشكُر الله» نعلّمهم أن به فضيلةً وأنه خلق به الأمان وإشاعة الحبَّ والمودةَ بالتعامل بين البشر. مقال نثرت أحرفه وأنا أعلمُ أنه موضوع وحديث عن أمرٍ المعروف، متعارفٌ عليه وهو من القيّم المتأصلةِ بنا سواء كفطرة إنسانية أو دين إسلامي يدعونا له أو عرف وعادات وتقاليد قيّدتنا بالالتزام بها وعدم نكرانه!

مشاركة :