إعداد: عبير حسين استلهمت تصاميمها من قصص ألف ليلة وليلة المرتبطة في الخيال العالمي بمدينتها بغداد، فتحدثت أعمالها بلغة متفردة نسجها الخيال الذي لم تحده الخطوط الأفقية والرأسية المتعارف عليها في عالم الهندسة المعمارية، وأصبح كل مبنى لها تحفة فنية تأسر العيون وتثير الفضول لتحصد عدة جوائز رفيعة وألقاب شرفية في فن العمارة، كما كانت من أوائل السيدات اللاتي نلن جائزة «بريتزكر» التي تعد «نوبل الهندسة»، إضافة إلى وسام التقدير البريطاني، ووسام إمبراطور اليابان، ولتحتفي الذاكرة اليوم بميلاد المعمارية العراقية الراحلة زها حديد التي ولدت في مثل هذا اليوم من العام 1950. أكملت زها دراستها الثانوية في بغداد، وحصلت على شهادتها الجامعية في الرياضيات من الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم انتقلت إلى لندن حيث درست العمارة ومن بعدها عملت بالتدريس في عدة جامعات أوروبية وأمريكية مرموقة، منها هامبورج وهارفارد ونيويورك وييل. نفذت حديد 950 مشروعاً في 44 دولة، أشهرها «أوبرا دبي»، و«مبنى متحف الفن الإيطالي»، و«مركز لندن للرياضات البحرية» و«محطة الأنفاق في ستراسبورج»، ومركز «حيدر علييف الثقافي في باكو».تأثرت حديد بأعمال المعماري البرازيلي الشهير أوسكار نيمايير، وخاصة إحساسه بالمساحة، فضلًا عن موهبته الفذة. شجعتها أعماله على إبداع أسلوبها الخاص، مقتدية ببحثه على الانسيابية في كل الأشكال. وتميزت أعمالها باتجاه معماري واضح يعرف ب «التفكيكية» أو«التهديمية»، وهو اتجاه ينطوي على تعقيد عال وهندسة غير منتظمة، كما أنها كانت تستخدم الحديد في تصاميمها، بحيث يتحمّل درجات كبيرة من أحمال الشد والضغط، مما مكنها من تنفيذ تشكيلات حرة وجريئة. كما تميزت أيضًا والى جانب عراقة أعمالها وأصالتها، بالديناميكية العالية.وعلى الرغم من الخيال والفلسفة التي اتسمت بها أعمال زها حديد إلا إنها كانت دوماً حريصة على خلق حالة من التفاعل بين مبانيها والمدينة التي يتم تشييدها بها مؤكدة أن عمارتها تسمح للمدينة بالانسياب بطريقة سهلة وسلسة. واجهت حديد انتقادات حادة لتعقيد تصاميمها وجنوحها للمثالية وصعوبة تنفيذها، وأطلق عليها البعض لقب «مهندسة القرطاس» كناية على أن أبنيتها تقوم على دعامات عجيبة ومائلة.رحلت زها حديد عن عالمنا 31 مارس 2016، تاركة خلفها أرثاً معمارياً وحضارياً راقياً يخلد عمارتها المختلفة لعقود طويلة.
مشاركة :