قال الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، إن القضاء على الفتاوى الشاذة يكون بالثقافة والتعليم الديني المرتبط أيضا بالدنيا، مشيرا إلى أن الدين والدنيا هما وجهان لعملة واحدة، وكل ما هو صالح في الدنيا الإسلام يأمر به ويجعله من أمور الدين، فلا ينفصم أحدهما عن الآخر بحال في أي زمان ولا أي مكان من العالم يحل فيه الإسلام بعقيدته الإسلامية العالمية وشريعته الدنيوية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وأضاف واصل، في تصريح لـ”الغد”، كل فتوى تصدر في إطار الشرع وأحكام الشرع فهي صحيحة، وكل فتوى تخرج عن هذا الإطار فهي غير صحيحة، لأنها تفسد في الأرض. و أشار المفتي المصري الأسبق إلى أن هذا الأمر يتحقق من خلال التعليم والثقافة للنشء في المراحل التعليمية المختلفة، سواء في الأزهر أو غيره، لأنه في نشأته يتدرج في ربط الدين والدينا، بمعني يربط حياته الشخصية والاجتماعية بحياته الدينية ويربط نفسه بحقوق الله وحقوق العباد، ومن هنا لا تتحقق ولا تنمو الفتاوى الشاذة، لأنها تنمو في ظل الأمية الدينية والأمية الثقافية التي يلتقطها غير المسلمين وأعداء الإسلام والجهلة، ويخرجونها من أجل مصالح دنيوية فيفسدون في الأرض. وعن استدلال أصحاب الفتاوى الشاذة بالقرآن السنة، قال: “هو استدال قاصر في غير موضعه، ومن يرد الله به خيرا يفقه في الدين، لأن من فقه دينه فقد فقه دنياه وتحقق له خيري الدين والدنيا معًا وتمكن بذلك من أداء وظيفته الاستخلافية في الأرض التي كلف بها من الله تعالى لمصالح العباد والبلاد على الوجه الأكمل لتحقيق أمور معاشه ومعاده من الناحية الدينية والدنيوية. وأشار إلى أن الإفتاء في الدين على الوجه الشرعي الصحيح هو الذي يحفظ هوية الدول والأمم ويحقق السلام الاجتماعي بينهم في كل زمان وفي كل مكان، والخروج بالفتوى الدينية عن وجهها المشروع بين العباد والبلاد هو الذي أدى إلى الإفساد في الأرض بين الدول والمجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية. وتابع، الذي نشاهده الآن للأسف بين المسلمين في سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال ونيجيريا وغيرها من الجماعات التكفيرية الخارجة عن الإسلام والمسلمين وقتالها غير المشروع لهم كان بهذه الفتاوى الضالة التي لا صلة لها بالإسلام الذي هو دين السلام في كل زمان ومكان. وقال من أجل أن يكون الإفتاء في الدين حافظًا لهوية الدول والأمم الإسلامية وغير الإسلامية فلا بد وأن يكون المفتي في أمور الدين وأمور الدنيا المرتبطة به وبالعباد والبلاد قد استوفى على وجه التمام والكمال درجة الاجتهاد في الفتوى وشروطها الشرعية وأن يكون واضعًا في ذهنه واعتباره دائمًا عند الفتوى حقيقة الإسلام والمسلمين والسلم العالمي في شريعة الإسلام. وأكد أن المسلم بناءً على التزامه بإيمانه العقائدي الديني والإسلامي وميثاقه التوحيدي الغليظ مع ربه فقد أصبح مكلفًا بمقتضى هذا الإسلام، وهذا الإيمان، وهذه التشريعات السماوية الإلهية بتحقيق السلام الاجتماعي بين جميع أفراد المجتمع الإسلامي الذي ينتسب إليه ونشأ فيه مع بني جنسه عمومًا. وشدد على أن تحقيق الأمن الاجتماعي والسلام العالمي بين الناس جميعًا، لم يشرع القتال في شريعة الإسلام إلا للدفاع عن النفس أو الدين أو المال أو العرض أو الوطن، وبذلك كان الأصل في الإسلام هو السلام، لأن الإسلام والسلام وجهان لعملة واحدة، ومن أجل ذلك فإنه لا يحل في شريعة الإسلام بحال تهديد السلم الاجتماعي المحلي أو العالمي. وأشار واصل إلى أن المجتمع المسلم لا عنصرية فيه، فحرية العقيدة فيها مكفولة للجميع في إطار أحكام الشريعة الإسلامية، ولأنها تجمع في دولتها المدنية بين المسلمين وغيرهم من أتباع الشرائع السماوية الأخرى، الذين يضمهم عهد الأمان الدائم والميثاق الذي يأمر به الإسلام بينهم، وهو السلام الاجتماعي الدائم بمقتضى عقد الذمة مع غير المسلمين في ظل التنظيم القانوني الحديث والدولي للدول والمسمي حاليا بقانون الجنسية الذي تنظمه دساتير الدول وقوانينها ويطبق على جميع شعوبها وأفرادها. وأشار واصل إلى أن محاربة المجتمع الإنساني الآمن المسالم سواء كان من المسلمين أم من غير المسلمين، بقصد الاعتداء على مال أو نفس أو عرض والإفساد فيه على أي وجه كان، فإن ذلك يُعد محاربة لله ورسوله، ويُعد مرتكب هذه الجناية والمشارك فيها مستحقًا للجزاء الذي يردع الجاني.شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :