هل تدخلت كرة القدم في السياسة !

  • 10/31/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ثمة ما يمكن ان يقال في البداية وقبل الدخول في تفاصيل القضية، ألا وهو : أن كرة القدم لم تعد شأناً رياضياً خالصاً، ولكنها أصبحت ممارسة أكثر شمولية بعد أن اكتسبت أبعاداً جديدة لم تكن لها من قبل. وذلك بعد أن تدخلت هي في السياسة، أو تدخلت السياسة فيها ( ولا فرق )، ألا أن كرة القدم ذهبت أبعد من جميع المناشط الرياضية الأخرى، إذ لم تكتف بأن تلعب دور ” المساعد ” لأي نشاط اقتصادي او سياسي آخر بل اكتفت بنفسها، خالقة دوائر اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية ترتبط بها، حتى أصبحت هي الظاهرة العالمية الأكبر والأكثر تفرداً واستقلالاً. المسالة إذن أكبر من مجرد احدى عشر لاعباً يتراكضون خلف كرة مطاطية. إذ في جانب منها أصبحت المسألة تتعلق بمكانة الدولة في المجتمع الدولي، وبمعنى ما، فإنها ترتبط بالكرامة والكبرياء الوطني، وسواء وافقت على هذا او رفضته فأن هذا هو الواقع العالمي الآن، وعلينا أن تتعامل معه. ولو أمعنا النظر حول الواقع الكروي، أو الرياضي بشكل عام، فإن أول ما سنلحظه هو غياب التخطيط الاستراتيجي طويل المدى، إذ نكتفي بوضع خطط مرحلية آنية، وهذا نمط من التفكير التاكتيكي غير المفيد على المدى البعيد، ونستطيع أن نجد العبرة في التجربة الكويتية، حيث سادت الكويت منطقة الخليج كروياً من قبل وحقق منتخبها نتائج جيدة وشارك في كأس العالم، ولغياب التخطيط طويل المدى، سرعان ما تراجعت الكويت كروياً في المنطقة. وبالطبع فإن التخطيط – طويل المدى – سيجعلنا نعيد النظر في كل النظم التي تسير بها الحركة الرياضية في المملكة، ليس بدءً بالنادي الرياضي، بل بما هو قبله، بالاطفال والاشبال، وليس انتهاءً بالمنتخب الوطني، بل وبمواصفات لاعب المنتخب، ولا أعني مواصفاته الفنية فحسب، بل الذهنية والثقافية والاجتماعية. فالعملية الرياضية وفقاً للتفكير والتخطيط العلمي هي حلقات مترابطة في نسق موحد. إلا أن المفهوم الكروي عندنا يقوم على أساس انفعالي، عاطفي بحت. إذ نكتفي بحب الشعار، شعار النادي الذي نشجعه، ونطالبه بتحقيق النتائج التي نرغب فيها مكتفين بالحب والتعصب وحدهما، وأحياناً نغالي في هذه النظرة الانفعالية العاطفية، لتصبح نظرتنا أو تقييمنا للفريق الذي نشجعه والفريق المنافس لا يقومان على أسس موضوعية، ونسقط موازين القوى بيننا وبين منافسينا، فنخلع على أنفسنا أخطر الألقاب وعظيم الصفات، ونسقط على منافسنا كل صفات الضعف، استهانةً به وتصغيراً لشأنه، لذا تنزل علينا الهزيمة نزول الصاعقة والكارثة. إذن ما هو المخرج من هذا المأزق؟ ما هي الخطوات الواجب اتباعها في مثل هذه الحالة لترسيخ قاعدة رياضية متينة وقوية؟ لايختلف اثنان بأن أول خطوة ينبغي اتباعها في الشأن الرياضي، مثلها مثل الخطوة الأولى في أي مجال آخر من مجالات النشاط الانساني مهما كان نوعها، ومستواها، هي التخطيط. والتخطيط العلمي الدقيق هو الكلمة والمفتاح، الذي يفتح في وجهنا أبواب الإنجاز، ونعني العمل على وضع تخطيط رياضي شامل، يشمل كل المناشط الرياضية بما فيها كرة القدم. وان يشمل هذا التخطيط كل المستويات الاجتماعية على مستوى المملكة بمدنها وقراها. وأن يبدأ هذا التخطيط بالاهتمام بأندية الحارات والمناطق السكنية، وأن تتنوع نشاطات أندية الحارات والمناطق السكنية، لتشمل النشاطات الاجتماعية والثقافية والفنية، فإلى جانب تنمية مواهب الشباب من مراحل الصبا المبكرة، فإن لهذه الأندية قيمة تربوية، أو تلعب دوراً تربوياً مهماً، لأنها تساعد على امتصاص أوقات الفراغ عند الأطفال والشباب فيما يفيد تحت إشراف البلديات أو أمانات المدن. وتستطيع هذه الأندية أن تشبع هوايات الشاب، وتصقل مواهبهم.

مشاركة :