دمشق تحسم الحرب في الميدان ... والمواجهة السياسية مستمرة

  • 11/1/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعد ست سنوات من نزاع مدمر، أمسكت الحكومة السورية زمام المبادرة ميدانياً باستعادتها أكثر من نصف مساحة البلاد، لكنها لا تزال تواجه تحديين رئيسيين: فك العزلة الدولية عنها ومطالبة الأكراد بتكريس الحكم الذاتي مستقبلاً. ويقول الأستاذ الجامعي والباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس كريم بيطار لوكالة فرانس برس: «استعاد النظام عسكرياً السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية، لكن الحديث عن انتصار سياسي وديبلوماسي سيكون مبالغاً فيه وسابقاً لأوانه». ومنذ بدء موسكو قبل أكثر من عامين حملة جوية في سورية، تمكنت القوات الحكومية السورية تدريجياً من حسم جبهات رئيسية لمصلحتها على حساب الفصائل المعارضة والجهاديين على حد سواء. وباتت تسيطر حالياً على 52 في المئة من أراضي البلاد، حيث يعيش أكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم 17 مليوناً، وفق الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش. وتزامن هذا التقدم مع تراجع قوة الفصائل المعارضة وتشرذمها في ظل صعود نفوذ المجموعات الجهادية، ما عزز مكانة الرئيس السوري بشار الأسد. ويقول الخبير في معهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن حسن حسن لوكالة فرانس برس: «النظام من دون شك ربح الحرب استراتيجياً فلا أحد يريد رحيله». ويوضح في الوقت ذاته أن «الحرب لن تنتهي على مستوى العنف والنزاعات العسكرية»، إذ «سيكون هناك نوع من العصيان سيستمر سنوات عدة، من جهاديين أو غير جهاديين». وفشلت المساعي الدولية لتسوية النزاع المستمر منذ العام 2011. وفي محاولة جديدة، تعتزم الأمم المتحدة عقد جولة مفاوضات بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة في جنيف في 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، ستركز، وفق ما أعلن مبعوث الأمم المتحدة الى سورية ستيافان دي ميستورا، على صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات. وفي شكل مواز، ترعى روسيا وإيران، حليفتا الأسد، وتركيا الداعمة للمعارضة محادثات في آستانة نجحت في تهدئة الجبهات ميدانياً الى حد كبير من خلال إنشاء مناطق خفض توتر. وتكاد هذه المحادثات تطغى سياسياً على مسار جنيف التفاوضي برعاية الأمم المتحدة. ولطالما شكل مصير الأسد العقبة الأبرز التي اصطدمت بها سبع جولات سابقة من المفاوضات في جنيف، إذ تتمسك المعارضة برحيله، فيما ترفض دمشق بالمطلق بحث هذا المطلب. وخلال السنتين الأخيرتين، غضّت دول غربية وأوروبية عدة النظر عن مطلب رحيل الأسد، من دون أن تقدم على فتح قنوات تواصل رسمية معه. ووفق وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، فإن «الشيء الوحيد الذي تغيّر... أن مغادرة الأسد قبل بدء عملية» السلام في جنيف، «لم تعد شرطاً مسبقاً». وفي تصريحات من جنيف الأسبوع الماضي، بعد اتهام الأمم المتحدة دمشق بالوقوف خلف هجوم كيماوي أوقع 87 قتيلاً في خان شيخون، قال تيلرسون: «عهد عائلة الأسد وصل الى نهايته، والقضية الوحيدة هي كيفية تحقيق ذلك». ويرى بيطار أن «المزاج قد تغير في أوروبا في شكل كبير في السنوات الأخيرة الماضية»، على رغم عدم تجدد العلاقات الديبلوماسية بين الطرفين. ويوضح أن «العديد من اللاعبين المؤثرين، من أجهزة استخبارات ومتخصصين في مكافحة الإرهاب، وأحزاب يمينية، ومصالح اقتصادية... انفتحوا بالفعل على النظام»، ويمارسون ضغوطاً على دولهم من «أجل تطبيع العلاقات» مع دمشق. وبعدما دعمت دول خليجية المعارضة السياسية والمسلحة المطالبة بإسقاط النظام، ابتعد معظمها تدريجياً من النزاع. ويقول مدير أبحاث الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس لفرانس برس: «مع مرور الوقت، جميع جيران سورية سيطبّعون العلاقات (مع دمشق)، إذا استمر الوضع الأمني في الاستقرار». ويضيف: «سيكون من الصعب عدم حصول ذلك لأنهم يريدون عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة حركة التجارة». وهو ما يظهر من تصريحات دول عدة بينها الأردن الذي أعلن أخيراً عن «منحى إيجابي» في العلاقة مع سورية. وشهد العام الماضي تقارباً بين تركيا وروسيا، ساهم في إنجاح مسار آستانة. واعتمدت دمشق طوال سنوات النزاع على دعم روسيا وإيران الى حد كبير، اقتصادياً وعسكرياً وديبلوماسياً. ويقول لانديس، في إشارة الى روسيا وإيران: «لقد ربحتا الحرب، لكنهما تحتاجان اليوم الى ربح السلام».

مشاركة :