أكملت الولايات المتحدة استعداداتها العسكرية لتوجيه ضربة عسكرية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد رداً على استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعبه فجر الأربعاء الماضي بريفي دمشق. وأكد وزير الدفاع الأميركي تشاك هيجل أن البنتاغون مستعد للخيار العسكري بسورية في حال تلقى أمرا من الرئيس باراك أوباما بذلك. وقال في تصريحات صحفية أثناء زيارته إلى ماليزيا إن وزارته أعدت قائمة بالخيارات العسكرية التي طلبها أوباما، وإنها مستعدة لتنفيذ أي منها. وكان الرئيس الأميركي قد اجتمع مساء أول من أمس مع مستشاريه للأمن القومي في البيت الأبيض لبحث الموقف من النظام السوري. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الاجتماع كان على درجة كبيرة من الأهمية، ولذلك حرص البيت الأبيض على إشراك كل المختصين، بمن فيهم وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع تشاك هيجل الموجودين في آسيا عبر دائرة اتصال مغلقة. ورغم توخي مسؤولي الإدارة الأميركية الحذر في وصف محتوى المناقشات، والتعتيم الإعلامي الذي أحيطت به، إلا أن مصدراً مسؤولاً بالبيت الأبيض قال إن أجهزة مخابرات أمريكية وغربية توصلت في تقييم أولي إلى أن قوات الجيش النظامي استخدمت أسلحة كيماوية في هجوم الأسبوع الماضي. في سياقٍ متصل يعقد قادة جيوش 10 دول غربية وعربية اجتماعاً غداً في الأردن لمناقشة الأوضاع في سورية والتحديات الأمنية في المنطقة. وأكد مصدر عسكري أردني رفيع قوله أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي ورؤساء هيئات الأركان في كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا وتركيا وبعض الدول العربية سيشاركون في الاجتماع الذي قال إنه كان مخططاً له منذ وقت طويل. وكانت أصوات مؤثرة داخل الإدارة الأميركية قد طالبت خلال اليومين الماضيين بالتدخل الصريح في سورية، بعد مجزرة ريف دمشق الكيماوية التي راح ضحيتها أكثر من 1300 مدني معظمهم من النساء والأطفال. وفي هذا الصدد أعلنت مستشارة أوباما للأمن القومي سوزان رايس في صفحتها على موقع تويتر أن ما حدث في ضواحي دمشق كان "هجوماً واضحاً بالأسلحة الكيماوية". ودعت إلى "التعامل مع هذا الأمر بالجدية التي يستحقها". وقالت "إذا تأكدنا من استخدام الأسد لهذا السلاح فلا بد أن يكتب ذلك نهاية حكمه". بدوره حث كبير النواب الديموقراطيين في مجلس النواب الأميركي إليوت أنجيل الرئيس أوباما على توجيه ضربات عسكرية لحكومة الأسد. وأشار إلى أن استخدام الأسلحة الكيماوية سيكون "تجاوزاً لخط أحمر". وقال "الولايات المتحدة لديها القدرة على شن هجمات جوية على أهداف في سورية لتدمير مطارات ومستودعات وقود وطائرات هليكوبتر. ونستطيع أن نفعل ذلك دون نشر جنود على الأرض. وأعتقد أن علينا كأميركيين التزام أخلاقي بالتدخل دون إبطاء ووقف هذه المذبحة". وفي تطورٍ لافت يضعف موقف النظام السوري أعلنت منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية في بيان رسمي أن نحو 355 شخصاً "يعانون من عوارض سمية تضرب الجهاز العصبي توفوا في مستشفيات سورية تتلقى الدعم من المنظمة، كما عولج 3600 آخرون من العوارض نفسها خلال اليومين السابقين". وبذلك تعتبر المنظمة أول مصدر مستقل يؤكد استخدام أسلحة كيماوية قرب دمشق. وأضاف بيان المنظمة "الأعراض التي كنا شهوداً عليها، والرسم البياني الوبائي لهذا الحدث الذي تجسد بتدفق كثيف لمرضى في وقت قصير جداً، وإصابة بعض المسعفين والعاملين الذين قدموا الإسعافات الأولية بالعدوى، كل ذلك يرجح بقوة حصول تعرض شامل لعنصر سمي يضرب الجهاز العصبي". من جانبها أشارت مصادر إعلامية إلى أن قائد القوات الأميركية في البحر المتوسط أمر بتحريك سفن للبحرية لتكون قريبة من سورية استعداداً لضربة محتملة بصواريخ كروز من البحر. وأضاف أن شن ضربة بصواريخ كروز من البحر لن يعرض حياة أي أميركي للخطر، لكن الضربة ستكون وقائية ليس هدفها الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وإنما التأكيد على أنه لن يفلت من فعلة استخدام أسلحة كيماوية. وأضاف المسؤول أن السفينة ماهان كانت قد أنهت مهمتها ومن المقرر أن تعود لقاعدتها في نورفولك بولاية فرجينيا، ولكن قائد الأسطول السادس الأميركي قرر إبقاء السفينة في المنطقة. من جانبه قال الأمين العام للائتلاف الوطني السوري بدر جاموس إن المعارضة هربت عينات أخذت من ضحايا هجوم بالأسلحة الكيماوية إلى خارج سورية كي يفحصها الخبراء. وأضاف "الهدف من ذلك هو منع النظام من إخفاء الأدلة التي تؤكد فعلته الشنيعة، لاسيما أنه يراهن على عامل الزمن، وقام بمنع المفتشين الدوليين من الوصول إلى مواقع القصف حتى يتمكن من إحراق الجثث وإخفاء كامل الأدلة". وأضاف بالقول "الأدلة التي جمعناها تشتمل على عينات من الدم وبعض أطراف القتلى وجزء من التربة، وقد تم حفظها بطريقة سليمة تبعدها عن عوامل التلف حتى لا تفقد قيمتها".
مشاركة :