عدم يقين سياسي في الكويت بعد استقالة الحكومةاستقالة الحكومة الكويتية، وإن نزعت فتيل صدام كان وشيكا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلاّ أنها لا تمثّل سوى حلّ ظرفي، إذ لن تكون الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها في مأمن من مساءلات النواب لوزرائها وطلباتهم طرح الثقة عنهم، الأمر الذي يطرح ضرورة إدخال تعديلات دستورية ووضع ضوابط للعلاقة بين السلطتين تحدّ من خضوعها للنزوات الفردية والحسابات الفئوية والحزبية.العرب [نُشر في 2017/11/01، العدد: 10799، ص(3)]ملفات قديمة لا بد من طيها الكويت - تسود الوضعَ السياسي في الكويت حالةٌ من عدم اليقين بعد تقديم حكومة الشيخ جابر المبارك الصباح استقالتها إثر توقيع مجموعة من نواب مجلس الأمّة (البرلمان) طلبا بطرح الثقة عن أحد وزرائها، ودخولها بتكليف من أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مرحلة تصريف الأعمال دون وجود سقف زمني محدّد للفترة التي ستستغرقها عملية إعادة تشكيل حكومة جديدة، ودون معرفة الشخصيات التي ستشارك فيها، وإن كان وزير شؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح المستهدف بطلب طرح الثقة سيشارك فيها من خلال منصب جديد أم سيتم استبعاده. ورفع رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، الثلاثاء، جلسة المجلس إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة. وقال خلال الجلسة المقتضبة “نظرا إلى استقالة الحكومة وصدور الأمر الأميري بقبول هذه الاستقالة ونظرا إلى عدم وجود الحكومة وعدم اكتمال النصاب وكذلك لعلمي بعدم حضور الحكومة لأيّ جلسات مقبلة، ترفع الجلسة إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة”. ويظلّ السؤال المركزي المتداول لدى المتابعين للشأن الكويتي يدور حول مصير الحكومة المرتقبة وضمان عدم تعرّضها لنفس مصير الحكومة المستقيلة، مع تواصل العلاقة الصدامية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتحفّز نواب البرلمان لمزيد من استجوابات الوزراء، خصوصا وأن المسألة لا تخضع -بحسب مراقبين- للرغبة في تحسين أداء الحكومة والرفع من نجاعتها عبر إخضاعها للرقابة البرلمانية، بقدر ما تخضع لأمزجة فردية وحسابات حزبية وحتى شخصية. وساد الأوساط السياسية الكويتية اعتقاد بأن عملية إعادة تشكيل حكومة سيستغرق هذه المرّة وقتا أطول من المعتاد، لأنّ الأمر لن يتعلّق فقط باختيار الوزراء وتوزيع الحقائب، بل بالبحث عن وسائل تضمن استمرارية التشكيل الوزاري الجديد. وتتحدّث أوساط سياسية كويتية عن ترسّخ قناعة لدى كبار صنّاع القرار في البلاد بشأن حتمية إجراء تعديلات دستورية عميقة تضع ضوابط على استخدام آلية الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة لضمان عدم انحرافها عن أهدافها التي وضعت لأجلها ولحمايتها من الانزلاق نحو تصفية الحسابات الشخصية والحزبية. وتستند تلك الأوساط للخطاب القويّ الذي كان أدلى به أمير البلاد في افتتاح دور الانعقاد الجديد لمجلس الأمّة ودعا خلاله إلى تصويب المسار الديمقراطي في البلاد. ورأت دوائر سياسية وإعلامية في الخطاب الأميري ملامح برنامج عمل لتصحيح الأوضاع السياسية أكثر ممّا هو مجرّد دعوة للتفكير في ذلك والحث عليه. ويدور كثير من النقاش السياسي الساخن في الكويت حول آلية الرقابة على عمل الحكومة والمتاحة لنواب البرلمان بحكم الدستور، وحول انعدام الضوابط والضمانات لعدم انزلاقها نحو تصفية الحسابات. ولم يكمل البرلمان الكويتي الحالي وكذلك الحكومة عامهما الأوّل إذ أنهما نتاج انتخابات مبكّرة جرت في السادس والعشرين من نوفمبر الماضي إثر حلّ برلمان سنة 2013 بمرسوم أميري قبل أشهر من انتهاء مدّته القانونية إثر خلافات نشبت بين الحكومة وأعضاء في المجلس حول استجواب عدد من الوزراء. وخاطب الشيخ صباح الأحمد، الثلاثاء الماضي نواب البرلمان في أول جلسة لهم بعد العطلة النيابية بالقول “عليكم أن تتبصّروا خطواتكم قبل أن تضل الرؤية وتغيب الوجهة وترتبك معايير الحق والباطل وتضيع المصلحة العامة”. كما اعتبر في خطابه أنّ تصويب مسار العمل البرلماني أصباح استحقاقا وطنيا لا يحتمل التأجيل، لافتا إلى أهمية المبادرة لإجراء هذا التصويب لتعزيز المكتسبات الوطنية. ومع تأكيده على دوره في حماية الدستور وضمان عدم المساس به وعلى إيمانه بالنهج الديمقراطي، طالب نواب البرلمان “بوقفة تأمل وتقويم للمسيرة الديمقراطية ومعالجة سلبياتها ومظاهر الانحراف فيها بما انطوت عليه من هدر للجهد والوقت وتبديد للإمكانيات والطاقات وبما حملته من بذور الفتنة والشقاق”. ونبّه في كلمته إلى أنّ أخطارا خارجية جسيمة وتحديات داخلية صعبة تعترض مسيرة بلاده، مشيرا بشكل خاص إلى تحديات الأمن والاقتصاد.
مشاركة :