لا تزال القرم التي ضمتها روسيا في آذار (مارس) تعتمد على أوكرانيا لإمدادها بالمياه والكهرباء والمواد الغذائية، وهو ما تجلى في انقطاعات التيار في الأيام الأخيرة في عدد من مدن شبه الجزيرة الأوكرانية. وبحسب "الفرنسية"، فقد قطعت الكهرباء مساء الأحد الماضي عن منازل يالطا وكيرتش وسيباستوبول، التي يشكل ميناؤها مقرا لأسطول البحر الأسود الروسي، ولم يعد التيار إلا في وقت متأخر من قبل ظهر الإثنين. وأوضحت شركة توزيع الكهرباء المحلية كريمينيرجو أن أوكرانيا التي تؤمن نحو 80 في المائة من حاجات الكهرباء في القرم خفضت إمداداتها بنحو الثلث في تلك الليلة. وندد حاكم شبه الجزيرة سيرجي أكسيونوف على الفور بعملية تخريب تقوم بها السلطات الأوكرانية بهدف ضرب بدء السنة الدراسية في القرم. من جانبها أعلنت شركة الكهرباء الوطنية أوكرينتيرنيجو أنها فرضت قيودا على استهلاك الكهرباء في القرم بسبب نقص في الوقود في المحطات الكهربائية في أوكرانيا. وحذرت الشركة بأنه إذا لم يحترم المستهلكون في القرم هذه القيود، فسترغم الشركة على قطع إمداداتها بشكل تام عن شبه الجزيرة، وأقر فلاديمير كونستانتينوف رئيس برلمان القرم، أنهم في وضع هش للغاية في مجال الطاقة. ولا تنتج القرم سوى 16 في المائة من استهلاك الكهرباء المحلي، بحسب شركة "آي إتش إس سيرا" الدولية للأبحاث حول الطاقة، ووعدت موسكو التي نصبت عددا من مولدات الكهرباء في القرم بعد ضمها، ببناء محطات كهرباء حديثة في شبه الجزيرة لضمان استقلاليتها الكاملة على صعيد الطاقة، لكن ديمتري مدفيديف رئيس الوزراء الروسي أوضح أنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف في يوم ولا في شهر، مؤكداً أنها عملية صعبة. وتعاني القرم انقطاعا في المياه منذ أن أغلقت أوكرانيا في نيسان (أبريل) قناة القرم الشمالية التي كانت تؤمن 85 في المائة من حاجات شبه الجزيرة من المياه، وبسبب هذا الحصار الذي نددت به السلطات المحلية معتبرة أنه انتقام من كييف، فإن مزارعي القرم سيتكبدون خسائر يمكن أن تصل إلى خمسة مليارات روبل (نحو 103.5 مليون يورو) بحسب وزارة الزراعة الروسية. وقال نيكولاي بوليوشكين وزير الزراعة في القرم في مطلع آب (أغسطس)، "إننا اضطررنا لمراجعة كفاءة استخدام المياه في شبه الجزيرة، وبالتالي فقد قررت القرم التخلي عن زراعة الأرز التي كانت تستهلك نحو 70 في المائة من مياه الري".وحرصا منها على إيجاد حل لهذه المسألة الحيوية باشرت القرم أعمال حفر وهي تدرس مد قناة مياه من روسيا، كما أن الإمدادات الغذائية تعتبر من نقاط الضعف في القرم التي تستورد من أوكرانيا نحو 80 في المائة من حاجاتها من المواد الغذائية. وبعد الحظر الذي فرضته موسكو في أواخر تموز (يوليو) على استيراد عدد كبير من المواد الغذائية من كييف، طلبت القرم استثناءها من هذه العقوبات، مشيرة إلى أنها غير قادرة في الوقت الحاضر على تأمين إمداداتها بشكل مستقل. وذكر وزير الزراعة في القرم "أننا في فترة انتقالية وما زلنا أشبه بتوأمين سياميين مع أوكرانيا، ولا سيما فيما يتعلق بالحليب ومشتقاته". وسمحت الوكالة البيطرية الروسية روسلكودنادزور للقرم باستيراد معظم المنتجات الأوكرانية حتى الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، قبل أن تمدد هذا الإذن حتى الأول من كانون الثاني (يناير) 2015. وتواجه روسيا صعوبات كبرى في تموين القرم بسبب الحاجة للالتفاف حول شرق أوكرانيا، حيث تدور اشتباكات يومية، ولا يمكن الوصول إلى القرم إلا جوا أو بواسطة سفن بحرية، ما يرغم على الانتظار لأكثر من يومين أحيانا قبل التمكن من الصعود على متن سفينة.
مشاركة :